القائمة

أخبار

"توتليت ن أنصاغ"..موروث أمازيغي للغة الصفير بالمغرب

ابتكر سكان جبال الأطلس منذ قرون، وسيلة اتصال، بالتصفير أطلقوا عليها اسم "توتليت ن أنصاغ"، للتواصل عبر مسافات طويلة عندما تكون الوسائل الأخرى أقل عملية.

نشر
DR
مدة القراءة: 2'

في أعالي جبال الأطلس، طور السكان طريقة تواصل فيما بينهم، وتوارثتها الأجيال، من خلال التصفير، ويطلق عليها اسم "توتليت ن أنصاغ" أي "لغة الصفير".

ويعد هذا الموروث، والذي طورته الساكنة قبل ظهور وسائل الاتصال الحديثة، طريقة فعالة للمجتمعات التي تفصلها مسافات كبيرة. وتتم الاستعانة بها من قبل الرعاة الذين يرعون قطعانهم وسط الوديان، أو من قبل الفلاحين الذين يحتاجون إلى نقل رسائل مهمة. وأصبح هذا الصفير الذي توارثته الأجيال، حلاً عمليًا، يسمح لهم بالتواصل مما يقلل المسافات.

وهو ليس مجرد صفير عشوائي، إذ وصفه اللغويون بـ "صدى الصفير القديم" للكلمات المنطوقة. و"توتليت ن أنصاغ" هي مشتقة من الأمازيغية، إحدى اللغات الرسمية في المغرب.

وكتب اللغويان جوليان ماير وبرنار غوثرون ورشيد رضوان، في مقال لهما المعنون بـ "صفير الأمازيغية المغربية: الصوتيات وعلم الأصوات" (المؤتمر الدولي الثامن عشر للعلوم الصوتية، غشت 2015، غلاسكو، فرنسا)، أن الصفير الأمازيغي " "يظلل إلى حد كبير في التشلحيت ويشاركها خصائص صوتية رئيسية".

وأوضح الباحثان اللذان يدرسان وسيلة الاتصال المثيرة للاهتمام هذه، أن الأمر لا يتعلق فقط بنغمات عشوائية، بل هو تلاعب دقيق بتردد الأصوات واتساعها. ويساهم اتقانها بإيصال "إشارة صفير"، والتي تنقل "الإشارات الصوتية الرئيسية" للغة الأساسية.

ومن المثير للاهتمام أن هذه الممارسة لا تقتصر على جبال الأطلس فقط. فهي تتواجد أيضا، في أكثر من 40 مجتمعًا نائيًا حول العالم، ولكل منها لحنها وخاصياتها.

وعلى بعد مسافة قصيرة من المغرب، في لا غوميرا بجزر الكناري تحديدا، تزدهر لغة صفير نابضة بالحياة، وتعرف باسم «سيلبو»، وهي تحمل أصداء لغة الغوانش القديمة، وهي لغة أمازيغية، رغم أنها تأقلمت مع اللغة الإسبانية.

وفي 30 شتنبر 2009، أدرجت اليونسكو صفير غوميرا في قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية، مما يسلط الضوء على أهميته الثقافية.

وفي الوقت الذي حظي فيه "سيلبو" بهذا التقدير الذي يستحقه، فإن "توتليت ن أنصاغ" لا يزال ينتظر اعترافًا أوسع. على الرغم من أنه يمارس بنشاط من قبل الكثيرين في جبال الأطلس، إلا أنه يحتاج إلى مزيد من الدراسة والتوثيق لفهم تعقيداته بشكل كامل والحفاظ على تراثه.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال