خصص المغرب 124 مليار درهم (حوالي 12.12 مليار دولار أمريكي) لميزانية الدفاع حسب ما كشفه مشروع الميزانية المالية للعام المقبل، بزيادة طفيفة عن العام الماضي بحوالي نصف مليار دولار أمريكي.
وجاءت هذه الزيادة في ظرفية يستمر فيها التوتر المغربي-الجزائري على عدة أصعدة، واستمرار المناوشات بين المغرب وجبهة البوليساريو التي أعلنت العودة إلى العمل المسلح ضد الرباط منذ واقعة الكركرات في الصحراء الغربية، نهاية عام 2020.
وسبق للمغرب أن رفع ميزانية الدفاع في مشروع ميزانية 2023 كذلك، مقارنة بميزانية 2022. وأعلن الوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف الوديي حينها، أن صرح أن "الميزانية المرصودة للدفاع غير كافية في ظل التهديدات الأمنية التي تعرفها المنطقة".
تهدف ميزانية الدفاع المغربي إلى اقتناء وإصلاح معدات القوات المسلحة الملكية المغربية، ودعم وتطوير صناعة الدفاع، حسب المشروع. ودخل المغرب في السنوات الأخيرة في مشروع ضخم لتحديث أسلحة الجيش، خصوصاً اقتناء أسلحة متطورة.
لكن هذا الرقم يبقى أقل بكثير من ميزانية قطاع الدفاع في الجزائر، إذ خصصت الحكومة الجزائرية عام 2023 ميزانية ضخمة بلغت 22 مليار دولار، وهي أكبر حصة للجيش الجزائري في كلّ ميزانيات البلاد منذ استقلال الجزائر.
وفيما تمثل ميزانية الدفاع في المغرب حوالي 5.2 في المئة من الميزانية العامة، فهي تمثل في الجزائر حوالي 20 في المئة، واهتمت الجزائر منذ سنوات بتقوية ميزانية الجيش، لكن القفزة في عام 2023 كانت ضخمة، وبعشرة مليارات دولار إضافية عن عام 2022، ما جعل الجزائر هي صاحبة أكبر ميزانية للدفاع في إفريقيا.
صفقات ضخمة
أجرى المغرب خلال السنوات الماضية عدة صفقات لاقتناء أسلحة متطورة. الخارجية الأمريكية وافقت في شهر أبريل الماضي على الموافقة على صفقة محتملة مع المغرب، يحصل بموجبها على أنظمة صواريخ مدفعية عالية الحركة، المعروفة ب"هيمارس" (HIMARS)، فضلاً عن معدات ذات صلة، بتكلفة تقديرية تبلغ 524.2 مليون دولار.
وضمن الصفقة ذاتها، طلب المغرب شراء الصواريخ التكتيكية للجيش، المعروفة بـ"أتاكمز" (ATACMS)، وصواريخ "GMLRS" الموجهة، فضلاَ عن مركبات عسكرية ورؤوس حربية، وأنظمة البيانات التكتيكية الميدانية المتقدّمة للمدفعية(IFATDS) ومعدات أخرى.
كما وافقت واشنطن عام 2021 على تسليم المغرب منظومة الدفاع الجوي "باتريوت"، ونشرها على مناطق حدودية، لأغراض دفاعية.
وذكرت مجلة فوريبس، شهر سبتمر الماضي، أن المملكة اشترت كذلك أسلحة تركية وإسرائيلية، تشبه الأسلحة التي حصلت عليها أذربيجان في السنوات الأخيرة وساهمت في انتصارها في حربها ضد أرمينيا نهاية عام 2020، في مرتفعات قره باغ، ومن ذلك طائرات الدرون الكاميكيز، وصواريخ LORA شبه الباليستية الإسرائيلية، وكذلك طائرات الدرون بيرقدار التركية.
توتر مستمر
تدعم الجزائر جبهة البوليساريو في نزاع الصحراء الغربية مع المغرب، لكن التوتر المغربي-الجزائري المستمر منذ عقود بسبب هذا الملف انتقل إلى مستوى آخر، بعد قرار الجزائر قطع كل العلاقات مع المغرب عام 2021 بسبب ما وصفته "أعمال عدائية". ونهج المغرب، ولاسيما في خطب العاهل المغربي الملك محمد السادس، سياسة اليد الممدودة وخطابا يركز على دعوة الجزائر للحوار.
وتتكرر التصريحات الهجومية، خصوصاً من الجزائر التي هددت أكثر من مرة بالرد المسلح على أيّ تهديد يأتيها من الجار. ومؤخرا رد رئيس المجلس الشعبي الجزائري، إبراهيم بوغالي، بقوة على تصريحات مديرة الوثائق الملكية بالمغرب، بهيجة سيمو، التي قالت، إن الوثائق التاريخية المحفوظة تؤكد "مغربية الصحراء الغربية، ومغربية الصحراء الشرقية"، وتحيل في عبارة الصحراء الشرقية على مناطق توجد حالياً تحت السيادة الجزائرية.
وقال بوغالي: "حتى وإن كانت عقيدتنا العسكرية مبنية على الدفاع، فإننا لا نسمح بالمساس بأي ذرة من ترابنا، فحدودنا دفعنا من أجلها ثمنا باهظا"، متحدثا عن أن الجيش الجزائري "مستعد للدفاع عن حدودنا وبسط السكينة، والطمأنينة في ربوع البلاد".
ويرفض المغرب على المستوى الرسمي التفاعل مع التصعيد الخطابي الجزائري، دون أن يمنع ذلك نخباً بين البلدين وكذلك الإعلام من الاستمرار في لغة التوتر. لكن مراقبون كثر يرون أن واقعة مقتل ثلاث مواطنين جزائريين على الحدود بين الصحراء الغربية وموريتانيا، واحدة من أكبر الحوادث التي كادت تؤدي إلى تصعيد عسكري بين البلدين.
وقالت السلطات الجزائرية حينها إن المواطنين الثلاث تعرّضوا "لاغتيال جبان في قصف همجي لشاحناتهم أثناء تنقلهم بين نواكشوط وورقلة"، ونسبت العملية للمغرب، متوعدة بأن "اغتيالهم لن يمر دون عقاب"، لكن المغرب نفى الأمر وقال إنه "لم ولن يستهدف أي مواطن جزائري، مهما كانت الظروف والاستفزازات".