القائمة

أخبار

مساجد تاريخية بالجزائر.. تحف يوسف ابن تاشفين الشاهدة على عظمة دولة المرابطين

حرصت الدولة المرابطية التي اتخذت من مراكش عاصمة لها، على تشييد المساجد في المناطقة التي كانت تسيطر عليها، ومن بين هاته المساجد ثلاثة لا تزال تؤدي أدوارها إلى اليوم بالجزائر الحالية.

نشر
DR
مدة القراءة: 4'

تمكنت دولة المرابطين (1056 – 1147) التي اتخذت من مدينة مراكش عاصمة لها، من بسط سيطرتها على رقعة جغرافية تمتد من المحيط الأطلسي غربًا وبلاد شنقيط وحوض نهر السنغال جنوبًا، وإمبراطورية كانم شرقا وامتد هذا المجال في الشمال مخترقا جبال الأطلس نحو الجزائر الحالية، وتجاوزت البحر المتوسط فشملت أجزاء من شبه الجزيرة الأيبيرية، وسيطرت على الأندلس.

وحلت الوحدة السياسية والدينية التامة محل التمزق السياسي الذي كانت تشكله الممالك الصغيرة منذ انهيار الخلافة الأموية في الغرب الإسلامي وانتقال الفاطميين إلى الشرق.

وتركت هذه الدولة آثارًا معمارية، صمدت في وجه عوامل الزمن، لتؤكد للأجيال اللاحقة عظمة وتفوق وسمو حضارة المرابطين المعمارية، ومن أعظم هذه الآثار المساجد التي لازالت تقوم بدورها إلى اليوم، ومن بينها ثلاثة من أشهر وأقدم مساجد دولة الجزائر الحالية.

المسجد الكبير بالجزائر العاصمة

يعتبر المسجد الكبير في الجزائر العاصمة من مآثر المرابطين الباقية، ويطلق عليه اسم المسجد العتيق والمسجد الجامع، هو أقدم مسجد قائم في الجزائر العاصمة ويقال أنه الأقدم في المغرب الأوسط (الجزائر) بعد مسجد سيدي عقبة ببسكرة ويعد إلى جانب الجامع الكبير في تلمسان والجامع الكبير في ندومة واحدا من الآثار القليلة المتبقية من العمارة المرابطية، بحسب كتاب أهمية المساجد في الإسلام لصاحبه أحمد محمد أبو شنار.

ويرجع تاريخ بناء الجامع الكبير بحسب ذات المصدر إلى القرن الخامس هجري، خلال امتداد حكم سلالة المرابطين للمغرب الأوسط على يد مؤسس الدولة أمير المؤمنين يوسف بن تاشفين وبالضبط في الأول من رجب عام 530هـ/ 1097م، ويعتقد أنه شيد على أنقاض كاتدرائية مسيحية تعود إلى العصر الرماني.

رغم أن الجامع الأعظم من العهد المرابطي، إلا أنه واصل ريادته خلال العهد العثماني، فكان أعظم مسجد في العاصمة خلال القرن الـ17 الميلادي، وامتاز بجماله ودقة بنائه، خاصة بالنسبة لقاعة الصلاة، إلى جانب الترتيب البديع للأقواس المصقولة والحادة، ما دفع العثمانيين إلى تدعيمه بنافورة رخامية في ساحة الوضوء.

المسجد الكبير بتلمسان

ويعتبر المسجد الكبير بتلمسان رابع أقدم مسجد في الجزائر، قاوم عوامل الزمن منذ نحو 900 عام، وهو من أهم وأجمل الشواهد الحية على العمارة المرابطية في الجزائر، وواحداً من مساجد الدولة المرابطية التي حكمت تلمسان من 1079 ميلادي إلى 1143 ميلادي.

وتم بناء المسجد سنة 530 هجرية الموافق لـ 1136 ميلادي، على يد أول خليفة لدولة المرابطين يوسف بن تاشفين، ثم جاء خليفته علي بن يوسف بن تاشفين الذي أضاف للمسجد زخارفه الحالية ووسع فيه وأعاد ترميمه.

وبني جامع تلمسان الكبير، على شاكلة الجوامع المغاربية المرابطية الأخرى، في تصميم يعتمد البلاطات المتعامدة مع حائط القبلة، وصحن مستطيل الشكل محاط بأروقة على الجانبين الصغيرين، ويمثّل النموذج المغاربي الأول للعمارة الدينيّة.

الجامع الكبير لمدينة ندرومة

وعلى غرار المسجدين السالفين، شيد الجامع الكبير لمدينة ندرومة الجزائرية القائد المرابطي يوسف بن تاشفين عام 1081 ميلادي، ومئذنته في عهد "الزيانيين" عام 1348 ميلادي.

ويعتبر هذا المسجد ثالث أقدم مسجد في الجزائر بعد مسجدي "أبو المهاجر دينار" بمحافظة ميلة (شرق الجزائر) وعقبة بن نافع بمحافظة بسكرة (جنوب شرق الجزائر)، ويعود تشييده قبل نحو 10 قرون، ويشبه في هندسته المعمارية إلى حد كبير المسجد الكبير بالجزائر العاصمة.

ولا يزال إلى اليوم نقش مكتوب ومحفور على منبر الجامع كتبه "بن تاشفين"، ومما جاء فيه "بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين وسلم تسليما، لا إله إلا الله ومحمد رسول الله".

حافظ مسجد ندرومة الكبير والعتيق ذو الشكل المستطيل على شكله المعماري، خصوصاً ما تعلق منه بصحنه وجدرانه ومداخله ومحرابه.

وتذكر المراجع التاريخية أن المئذنة شُيدت تحت إشراف المهندس محمد الشيصي الذي اعتمد على طراز المآذن الموجودة في المملكة المغربية ومئذنة جامع القيروان بتونس.

يبلغ ارتفاع مئذنة المسجد الكبير بمدينة ندرومة الجزائرية 23.30 متر، ويبلغ ارتفاع البرج الأول السفلي منها 19.80 متر، وتنتهي المئذنة برأس مستطيل ارتفاعه 4.24 متر وقاعدته 2.04 متر.

وتضم المئذنة 99 درجة، وهي الدرجات التي يصعدها سكان المدينة ليصلوا إلى قمتها، ويذكروا فيها أسماء الله الحسنى.

كن أول من يضيف تعليق على هذا المقال