تم الشروع في بناء جامع القرويين بمدينة فاس، في شهر رمضان من سنة 859 للميلاد، وجاء في الموقع الإلكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية "شرع في حفر أساس مسجد القرويين والأخذ في أمر بنائه أول رمضان من سنة 245ه (30 نونبر 859) بمطالعة العاهل الإدريسي يحيى الأول، وأن أم البنين فاطمة الفهرية هي التي تطوعت ببنائه وظلت صائمة محتبسة إلى أن انتهت أعمال البناء وصلت في المسجد شكرا لله".
كما جاء في كتاب الخيميائية من وأدها، لنها النجدي أنه "تم بناء جامع القرويين بمدينة فاس بالمغرب في رمضان 245 ه الموافق 30 نوفمبر 859 م. وقد بدأت الجامعة بعد بناء الجامع مباشرة على شكل دروس وحلقات علم تعقد فيه، في مدينة فاس المغربية، حتى أصبح جامعة رسميا بداية من عام 877 م".
بدوره أورد نقولا زيادة في كتابه "حول العالم في 76 عاما: رحلات مثقف شامي في آسيا واوروبا والشمال الإفريقي" و "أما جامع القرويين فكان الشروع في حفر أساسه، والأخذ في أمر بنائه، يوم السبت مهل شهر رمضان المعظم من عام خمسة وأربعين ومائتين".
وجاء في كتاب "المرأة قبل الإسلام" لشمس الدين كمال "أم البنين صاحبة أٌقدم جامعة في العالم، فاطمة بنت محمد الفهرية القرشية، هي امرأة مسلمة عربية من ذرية عقبة بن نافع الفهري القرشي فاتح تونس ومؤسس مدينة القيروان وهي شخصية تاريخية خالدة في ذاكرة العالم والتاريخ المغربي".
وتعتبر جامعة القرويين، أقدم جامعة في العالم لازالت تقدم خدماتها إلى الآن، حيث جاء في كتاب غينيس للأرقام القياسية "أقدم مؤسسة تعليمية موجودة وتعمل باستمرار في العالم هي جامعة القرويين، التي تأسست عام 859 م في فاس بالمغرب. تأسست جامعة بولونيا بإيطاليا عام 1088 وهي الأقدم في أوروبا".
وجاء في الموقع الإلكتروني لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) التابعة للأمم المتحدة "تأسّست مدينة فاس في القرن التاسع وفيها أقدم جامعة في العالم. عرفت فاس عصرها الذهبي في القرنَيْن الثالث عشر والرابع عشر تحت حكم المرينيّين عندما أصبحت عاصمة المملكة بدلاً من مراكش".
ولم يقتصر دور الجامعة على تدريس العلوم الدينية، بل درست طلابها جل العلوم المعروفة آنذاك، وجاء في مجلة دعوة الحق التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، "أما العلوم العقلية التي كانت تلقن للطلبة بهذا الجامع العتيد فهي "علم الرياضيات" و"الهندسة" و"التنجيم" و"الهيئة"، وبعض الباحثين يرى أن العلوم الطبية، كانت مادة التدريس بجانب تلك العلوم العقلية".
وتضيف المجلة ذاتها أن الجامع أصبح "جامعة علمية يؤمها الطلبة من مدن المغرب والأندلس والمشرق، وحلبة يجتمع فيها العلماء والفقهاء للتدريس والتأليف، وأصبحت مؤسسة عليا تعتمد عليها الدولة في تكوين العلماء والقضاة الذين كان لهم دور كبير في الحياة الفكرية والسياسية والاجتماعية في المغرب والأندلس".
وكانت جامعة القرويين بفاس، شاهدة على منح أقدم شهادة إجازة موثقة في الطب والصيدلة والبيطرة في العالم، للطبيب المغربي عبد الله بن محمد بن صالح الشجار الكتامي، سنة 1207.
وتسمح الشهادة التي تحمل اسم "الإجازة" للكتامي بممارسة الطب والطب البيطري، ليصبح بذلك أول طالب ينال ترخيصا رسميا من جامعة لممارسة مهنة الطب في العالم.
ولم تتأثر مكانة الجامعة بتعاقب الدول على حكم بلاد المغرب، حيث يورد محمد المنتصر بالله الكتاني في كتابه "فاس عاصمة الأدارسة"، أنه "وعلى مر الدهور والأعوام تنافس الملوك والدول في توسيع بنائه ورصد الأموال للقيام به، فزاد فيه أيام الدولة الزناتية أميرها أحمد بن أبي بكر من خمس الغنائم عام 345 ه، وزاد فيه أيام الدولة المرابطية علي بن يوسف بن تاشفين، ثم لم يزل يوسع ويجدد وتزداد أوقافه، أيام دولة الموحدين ودولة المرينيين، إلى أيام دولتنا العلوية الحاضرة".
وصل إشعاع جامعة القرويين إلى أوروبا في القرون الوسطى إذ يؤكد كتاب نساء على المفارق لصاحبته ليلى الأطرش، أنه درس في الجامع "البابا سيلفيستر الذي أصبح بابا الفاتيكان من 999إلى 1003م، وهو الذي نقل الأرقام العربية إلى أوروبا لتصبح أرقامهم".