قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها السنوي حول وضع حقوق الانسان في العالم، إن السلطات المغربيّة كثفت مضايقاتها للنشطاء والمنتقدين، واستمرّت في احتجاز وإخضاع المعارضين والصحفيين والمدونين والمدافعين الحقوقيين لمحاكمات جائرة.
وتابعت أن القوانين المقيّدة للحريات الفردية ظلت سارية المفعول، بما في ذلك القوانين التي تميّز ضدّ المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم).
حرية تكوين الجمعيات والتجمع وحرية التعبير
وقالت المنظمة، إنه فيما يخص نظام العدالة الجنائية، "تستخدم الشرطة منذ سنوات عديدة أساليب قسريّة للضغط على المحتجزين حتى يوقّعوا على اعترافات تورّطهم، ويستخدمها للقضاة لإدانتهم"، مضيفة أن المعارضون البارزون يواجهون "على وجه الخصوص انتهاكات أخرى للإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك الاحتجاز المطوّل قبل المحاكمة، والمنع من الوصول إلى ملفات المحكمة، وإكراه الأفراد على الإدلاء بشهادات لصالح الإدعاء، وعدم الإبلاغ بجلسات المحاكمة، ما نتج عنه إدانات غيابية".
وبخصوص حرية تكوين الجمعيات والتجمع، قالت المنظمة إن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي أكبر مجموعة حقوقية مستقلة في البلادـ تعاني من رفضت السلطات معالجة الإجراءات الإدارية لـ74 من أصل 99 فرع محلّي للجمعية، مما منعها من فتح حسابات مصرفيّة جديدة أو استئجار فضاءات، وأضافت أن "الجمعيات المدنيّة الأخرى تأثرت أيضا برفض السلطات منحها الوضع القانوني أو استكمال إجراءاتها القانونية".
وفيما يتعلق بحرية التعبير والمدافعين عن حقوق الإنسان، جاء في التقرير أن القانون الجنائي المغربي يعاقب بالسَّجن والغرامات على جرائم التعبير السلمي، بما فيها "الإساءة" إلى الإسلام أو المَلَكية، و"التحريض" على "الوحدة الترابية للمغرب"، موضحة أنه رغم أنّ قانون الصحافة والنشر لا ينصّ على عقوبات سجنيّة، إلا أنّ صحفيين ونشطاء ومدوّنين على وسائل التواصل الاجتماعي حُوكموا بموجب قانون العقوبات بسبب خطابهم النقدي وغير العنيف.
وأشارت إلى أن السلطات المغربيّة تلجأ إلى إجراءات المحاكمة الجائرة، والمراقبة الرقمية وبالكاميرا، وحملات المضايقة من قبل وسائل الإعلام القريبة من "المخزن"، والمراقبة الجسدية، والاعتداء والترهيب، واستهداف أقارب النشطاء، لإسكات المعارضة.
وفيما يخص الصحراء، قالت المنظمة إن السلطات المغربية تمنع "باستمرار التجمعات الداعمة لحق الصحراويين في تقرير المصير، وتُعرقل عمل بعض المجموعات الحقوقية المحليّة، بما في ذلك من خلال منعها من التسجيل بشكل قانوني".
حقوق النساء والفتيات والتوجه الجنسي
وقالت المنظمة في تقريرها إن "مدونة الأسرة" تميز ضد النساء بشأن الميراث وفي القرارات المتعلقة بالأطفال بعد الطلاق إذا تزوجت المرأة مجددا.
وتابعت أن القانون المغربي لعام 2018 المتعلق بالعنف ضد المرأة يجرم بعض أشكال العنف الأسري، ويُنشئ تدابير وقائية، ويوفر حماية جديدة للضحايا، إلا أنه يطالب الضحايا برفع دعوى جنائية للحصول على الحماية، وهو ما لا يمكن إلا لعدد قليل من الضحايا القيام به.
وأشارت إلى القانون لا يحدد أيضا واجبات الشرطة، والنيابة العامة، وقضاة التحقيق في حالات العنف الأسري، أو تمويل مراكز إيواء النساء. لا تعاقب "المسطرة الجنائية" مرتكب العقوبة البدنية بحق الأطفال إذا تسبب بـ "إيذاء خفيف".
وتحدث التقرير عن أن القانون المغربي لا يجرم صراحة الاغتصاب الزوجي، و"يمكن أن تجد النساء اللواتي يبلغن عن الاغتصاب أنفسهن معرضات للمتابعة القضائية بسبب مشاركتهن في علاقة جنسية خارج الزواج إذا لم تُصدقهن السلطات". وتابعت "لا تستطيع الفتيات الحوامل والأمهات المراهقات، المعرّضات للعقاب الجنائي إذا كُنّ غير متزوجات، البقاء في المدرسة".
وتحدث التقرير عن أن الجنس بالتراضي بين البالغين غير المتزوجين يعاقَب عليه بالسَّجن لمدة تصل إلى عام واحد. كما "يُجرّم القانون المغربي أيضا ما يسميه أفعال "الشذوذ الجنسي" بين الأفراد من الجنس نفسه".
وفي الشق المتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، قال التقرير إن الحكومة لم تُصادِق بعد على مسودة أول قانون مغربي بشأن الحق في اللجوء، الذي تم تقديمه في 2013. وبقي قانون بشأن الهجرة من العام 2003 ساريا، وهو "يشمل أحكاما تجرّم الدخول غير النظامي ولا ينص على استثناءات للاجئين وطالبي اللجوء".
وتحدثت هيومن رايتس ووتش عن أن السلطات "واصلت تعسفا احتجاز المهاجرين في مراكز احتجاز مؤقتة، وتلا ذلك عمليات نقل قسري أو طرد".