اكد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن شمال إفريقيا يمكن أن تصبح شريكًا مهمًا في الانتقال الطاقي بأوروبا، وأوضح أن هذه المنطقة تتمتع بإمكانيات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، لا سيما في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وأشار المجلس الذي تأسس سنة 2007، ويوجد مقره في برلين، ويعنى بالأبحاث حول السياسة الخارجية والأمنية الأوروبية، إلى أن الاتحاد الأوروبي يطمح لأن يصبح أول اقتصاد محايد مناخيًا في العالم، ويهدف أولاً إلى خفض الانبعاثات بنسبة 57 في المائة على الأقل بحلول عام 2030 ثم تحقيق الحياد المناخي على مستوى الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2050.
وقال المجلس إن الكهرباء النظيفة من شمال إفريقيا ستكون خيارًا مهمًا على المدى المتوسط للمساعدة في تنويع مزيج الطاقة في أوروبا وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد على المدى الطويل.
كما أوضح أن شمال إفريقيا تعد أيضًا مكانًا واعدًا للإنتاج المستقبلي للهيدروجين الأخضر، وهو مصدر للطاقة من المرجح أن يكون ضروريًا للاتحاد الأوروبي لتحقيق أهدافه المناخية في القطاعات التي يصعب إزالة الكربون منها.
وتابع التقرير أن حكومات شمال إفريقيا أبدت في السابق اهتمامًا بالشراكة مع نظرائها الأوروبيين في مجال الطاقة النظيفة، حيث يمكن أن تكون الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة جذابة اقتصاديًا وسياسيًا.
"هذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للمغرب وتونس، وهمامستوردان صافيانللطاقة.كما أن شمال إفريقيامعرضةبشكل كبير لتأثيرات تغير المناخ، بما في ذلك ارتفاع مستويات سطح البحر، وزيادة موجات الجفاف، والتصحر، والظواهر الجوية القاسية".
وأضاف "المغرب ومصر لديهما درجة عالية من الاعتماد على الطاقة الكهرومائية. تتوافق الطاقة الخضراء مع سلاسل القيمة المرتبطة بها مع أولويات السياسة لبعض حكومات شمال إفريقيا".
وبحسب المصدر ذاته فإن ابتكار التكنولوجيا النظيفة يتناسب "جيدًا مع أولويات السياسة لجميع حكومات شمال إفريقيا، التي ترغب في خلق وظائف تتطلب مهارات لشبابها المتعلمين جيدًا، لا سيما في المجالات العلمية" وأوضح أن " المغرب "على سبيل المثال كان يتفاوض مع مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية الأوروبية لإنشاء مصنع في البلاد، بهدف دمج إنتاج الكوبالت مع الاستراتيجية الحالية لتطوير قطاع السيارات، مثل هذه الأشكال من التعاون يمكن أن تسفر عن نتائج إيجابية لكلا الجانبين".
الخلافات المغربية الجزائرية
ومن أجل تحقيق كل هذه الفوائد ستحتاج دول شمال إفريقيا، بحسب التقرير "إلى التغلب على المأزق السياسي القائم بين بعضها...، على سبيل المثال، الجارتين المغرب والجزائر، وهما من أكبر منتجي الكهرباء في شمال إفريقيا، لديهما عقود من العلاقات الصعبة".
وأوضح التقرير أن "الشركاء الأكثر احتمالية للأوروبيين في المدى القريب سيكونون المغرب والجزائر وتونس".
وستكون لحكومات شمال إفريقيا أيضًا بحسب التقرير "مصلحة في حماية وصولها إلى أوروبا للصادرات الحالية مثل المنتجات الزراعية والسلع المصنعة والوقود الأحفوري. حيث يحتما أن يفرض الاتحاد الأوروبي ابتداء من سنة 2026، رسومًا على المنتجات كثيفة الكربون، ما سيؤثر سلبًا على الشركاء التجاريين في جنوب البحر الأبيض المتوسط…، يمكن للأوروبيين مساعدة دول شمال إفريقيا على الاستفادة من كثافة الكربون المنخفضة نسبيًا لمنتجاتهم مقارنة بالمنتجات التي يتم تصنيعها بعيدًا. المغرب وتونس يضعان أنفسهما بالفعل على هذا النحو من خلال زيادة حصة توليد الكهرباء القائمة على مصادر الطاقة المتجددة".
وأشار التقرير إلى أن صادرات الكهرباء القائمة على مصادر الطاقة المتجددة - وربما الهيدروجين - يمكن أن يوفر في المستقبل بديلاً لاستيراد المزيد من الغاز الطبيعي (الروسي أو غيره) ، بالإضافة إلى زيادة أمن سلسلة التوريد في طويل الأمد.
وأوضح أن هناك "اهتمام كبير في شمال إفريقيا بهذه القضايا ، كما يتضح من ، على سبيل المثال ، توقيع الشراكة الخضراء بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في أكتوبر 2022. هذا ، بالإضافة إلى شراكة مماثلة محتملة بين الاتحاد الأوروبي وتونس ، والتي هي حاليًا في التنمية ، يمكن أن تستفيد من المزيد من المشاركة الأوروبية".
"تمتلك إفريقيا والشرق الأوسط بعضًا من أعلى الإمكانات التقنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر ، بناءً على الإمكانات المتجددة وتكلفة الكهرباء.والمملكة المغربية تعتبر واحدة من أفضل البلدان لتصبح منتجًا للهيدروجين الأخضر بحلول عام 2050 ، إلى جانب أستراليا وتشيلي والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة".
وأكد المجلس أن المغرب أطلق خططًا طموحة لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر، حيث أنشأ سنة 2019 لجنة وطنية للهيدروجين ونشر في عام 2021 خارطة طريق خضراء للهيدروجين، والتي تتصور سوقًا محليًا للهيدروجين يبلغ 4 تيراواط ساعة وسوق تصدير يبلغ 10 تيراواط في الساعة بحلول عام 2030.
وقال التقرير إنه يمكن للدول الأوروبية دعم جهود جيرانها لإزالة الكربون ماليًا وتقنيًا، "ولا سيما المغرب وتونس ، اللذان سيكونان "فائزين" مهمين في الانتقال نحو مصادر طاقة جديدة".