أكد تقرير جديد للبنك الدولي عن المناخ والتنمية صدر يوم أمس، أن المغرب بؤرة مناخية ساخنة وأحد أكثر بلدان العالم التي تعاني من شح المياه، إذ يقترب بسرعة من الحد المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب من المياه للشخص الواحد سنوياً.
وأوضح التقرير أن موجات الجفاف تعد الأكثر تواتراً وشدة مصدراً رئيسياً لتقلبات الاقتصاد الكلي وتهدد الأمن الغذائي. فعلى سبيل المثال، يشير التقرير إلى أن انخفاض إمدادات المياه بنسبة 25% وتأثير ذلك على جميع قطاعات الاقتصاد وانخفاض غلة المحاصيل بسبب تغير المناخ يؤديان إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.5%. كما يشير التقرير إلى أنه على الرغم من أهمية الاستثمارات في البنية التحتية للمياه، لكن من الضروري استكمالها بإصلاحات على مستوى السياسات في قطاع المياه وإحداث تغييرات في سلوكيات المستهلكين.
وبحسب تقرير المؤسسة المالية الدولية، فإن المغرب يتعرض أيضاً لمخاطر الفيضانات، حيث تم تسجيل 20 فيضاناً كبيرًا على مدى العقدين الماضيين، مما تسبب في خسائر مباشرة بلغت في المتوسط نحو 450 مليون دولار سنوياً، مع تأثير غير متناسب على الأسر الأكثر احتياجاً.
ويؤدي ارتفاع منسوب سطح البحر إلى تفاقم مخاطر الفيضانات في المناطق الساحلية التي يقطنها أكثر من 65% من السكان وبها أكثر من 90% من النشاط الصناعي.
وأوضح التقرير أن المغرب وضع برنامجاً متطوراً لإدارة مخاطر الكوارث وتمويلها، لكنه أشار إلى أنه يجب تفعيل ذلك بشكل كامل. وتشير التقديرات التي وردت في التقرير أن المستوى الأمثل للاستثمارات في إدارة مخاطر الكوارث سيغطي ما يعادل 15-20% من متوسط الخسائر السنوية، وهذا يتطلب استثمارات سنوية في المتوسط بين 67 مليون دولار و90 مليون دولار.
وستتطلب الاحتياجات الاستثمارية للحد من آثار تغير المناخ والتكيف معها، حسب التقرير، ما يقدر بنحو 23.3 مليار دولار من الآن حتى عام 2030، مع تركيز ثلثي هذا المبلغ على احتياجات التكيف؛ و25 مليار دولار بين عامي 2031 و 2040؛ و29.5 مليار دولار بين عامي 2041 و2050.
الاستثمار في العمل المناخي
وأكد التقرير أن الاستثمار في العمل المناخي الآن سيحقق منافع مهمة للمغرب، ويحدث فرص شغل جديدة، فضلاً عن إنعاش المناطق القروية، ووضع المملكة كمركز صناعي أخضر، وفي الوقت نفسه المساعدة في تحقيق أهدافها الإنمائية الأوسع نطاقاً.
كما أشار إلى أن إجمالي الاستثمارات اللازمة لوضع المغرب على مسار منخفض الكربون وقادر على الصمود بحلول خمسينيات القرن الحالي سيبلغ نحو 78 مليار دولار بالقيمة الحالية للدولار. ويمكن أن تكون هذه الاستثمارات تدريجية على مراحل، لكن العائد سيكون كبيرا، مما يجعل المغرب أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة والصادرات، بالإضافة إلى تعزيز النمو الاقتصادي.
وتعليقاً على هذا، قال أكسل فان تروتسنبيرغ، المدير المنتدب لشؤون للعمليات بالبنك الدولي: "نظراً للتأثيرات الناجمة عن تغير المناخ، فإن المغرب يحرز تقدماً مثيراً للإعجاب في سعيه لتحقيق مستقبل منخفض الانبعاثات الكربونية. وهذا التقرير الرائد يحدد المجالات ذات الأولوية لإدارة المياه والموارد الأخرى والحد من الانبعاثات الكربونية بطريقة تحقق الأهداف المناخية والإنمائية في البلاد."