فاز الائتلاف اليميني في الانتخابات التشريعية التي جرت أطوارها، يوم الأحد في إيطاليا، بأغلبية مطلقة في مجلس النواب (235 مقعدا) ومجلس الشيوخ (112 مقعدا)، وذلك بحسب النتائج النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية الإيطالية اليوم الثلاثاء.
وجاء حزب فراتيللي ديتاليا (إخوة إيطاليا) اليميني المتطرف، بقيادة جورجيا ميلوني، في المقدمة بنسبة 26,01 في المائة من الأصوات، في حين حصد شركاؤه في الائتلاف، رابطة ماتيو سالفيني اليمينية المتطرفة، وحزب (فورزا إيطاليا) المحافظ بقيادة سيلفيو برلسكوني، 8,85 في المائة و8,27 في المائة على التوالي، أي ما مجموعه 44,02 في المائة لتحالف اليمين، حسبما أعلنت الوزارة على موقعها الإلكتروني.
وجاء تحالف يسار الوسط (الحزب الديمقراطي، التحالف الأخضر، + أوروب، المشاركة المدنية) في المركز الثاني بنسبة 25,99 في المائة من الأصوات، أي أقل بـ 18 نقطة من يمين الوسط، يليه حركة الخمس نجوم بنسبة 15,55 في المائة.
وعبرت نائبة رئيس جمعية العمال المغاربة في إيطاليا، والمستشارة عن الحزب الديمقراطي في مدينة بولونيا نادية بن عمر لموقع يابلادي عن خيبة أملها من نتائج الانتخابات، رغم أن حزبها احتفظ بالأغلبية في المدينة المعروفة تاريخيا بميلها إلى اليسار، لكن رغم ذلك أبدت تخوفها مما أفرزته صناديق الاقتراع على صعيد البلاد كلها.
اليمين المتطرف يغزو معاقل الأحزاب التقليدية
وأوضحت نادية أن داعمي اليسار في الانتخابات، تشتت أصواتهم، بسبب تعدد القوائم الانتخابية، وتابعت "يجب القول بوضوح إن حزب ميلوني فاشي"، وأضافت أن "حق المواطنة بالولادة أصبح مهددا".
"كانت الحملات الانتخابية اليمينية تركز على مهاجمة الأجانب، لكن حملة فراتيللي ديتاليا لم تقتصر هذه السنة على موضوع الهجرة، ولكن كانت أيضا ضد الإسلام، مع بروز خطابات تجاوزت معاداة الأجانب إلى العنصرية والفاشية بكل ما تحمل الكلمة من معنى".
ويرجع الفضل في بروز اليمينية المتطرفة، جورجيا ميلوني إلى الأخطاء التي رافقت تدبير الأزمة الصحية المرتبطة بوباء كورونا، وقالت نادية بن عمر "مع الانتقادات الشديدة لحكومة جوزيبي كونتي، ثم ماريو دراجي، اكتسبت شعبية أكبر، في الوقت الذي كانت تهاجم فيه الهجرة والمزايا الاجتماعية التي تستفيد منها عائلات المهاجرين".
وأضافت أن الحزب اليميني المتطرف "استفاد أيضًا من خلافات أحزاب اليسار، التي لم تنجح في خلق تكتل واحد على غرار ما وقع في اليمين"، وتابعت "قانون الجنسية يمكن أن يكون موضوع نقاشات مثيرة للجدل للغاية".
من جانبها ترى الصحفية السياسية وكاتبة الرأي في صحيفتي La Stampa و La Repubblica ، كريمة موال أن "أي شخص يعرف إيطاليا وتاريخها يعرف جيدًا أنها دولة ذات جذور محافظة جدًا. على الرغم من وجود فواصل من الحكومات اليسارية والتقدمية على مر السنين، كان من الصعب دائمًا، إن لم يكن من المستحيل، التطرق إلى مواضيع معينة داخل اليمين المحافظ".
وأكدت في تصريح ليابلادي أن نقاش قوانين الجنسية، وقضايا أخرى مثل القتل الرحيم وحقوق المثليين، والوضع الاقتصادي "الصعب للغاية"، حيث "عانت البلاد من الفقر والمديونية الشديدة"، نجح حزب جيورجيا ميلوني، في استغلالها أثناء تواجده في المعارضة "ما جعل قوته تتعاظم على مدى السنوات الخمس الماضية".
"لسوء الحظ ، فيما يتعلق بالتنوع والجاليات الأجنبية في إيطاليا، اتخذنا خطوة إلى الوراء بدلاً من التقدم إلى الأمام. "المهاجر" أصبح وقودا للحملات الانتخابية منذ عدة سنوات. لدى اليمين ينظر إليه على أنه تهديد، وفي اليسار لم يكن هناك سوى شعارات لطيفة للغاية حول الاندماج والاعتراف، لكن في الممارسة العملية، لا نجد أي تمثيل سياسي قوي حقيقي".
قائد البلاد يجب أن يكون "أكثر مسؤولية"
بدوره قال ياسين لفرام رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في إيطاليا إن الحملة الانتخابية "بُنيت أساسًا على تشويه صورة المهاجرين والمسلمين"، وتابع "نحن لا نشعر بالاطمئنان بشأن ما سيحدث بخصوص إدارة هذه الأمور، مع ميلوني المسؤولة عن السلطة التنفيذية...، نعلم أيضًا أنها إذا أرادت تشكيل حكومة، فسيتعين عليها التعامل مع اتجاهات أخرى، وخاصة يمين الوسط ".
وأضاف ياسين الذي يعتبر ممثلاً لأكبر منظمة تجمع الجمعيات الإسلامية في إيطاليا، أنه واثق من سيادة القانون "لدينا ثقة في مؤسسات بلدنا وفي دستورها الذي نلتزم به بالكامل. ومع ذلك، نتوقع محاولات ميلوني لتعديل القوانين القائمة، لكننا نظل واثقين من تعبئة المجتمع المدني. إذا أرادت الحفاظ على حكومتها، فسيتعين عليها عدم تجاوز ما يسمح به دستورنا ".
وعبرت كل من نادية بن عمر وياسين لفرام عن مخاوفهما من أن يؤثر وصول اليمين المتطرف للحكم على المساجد ودور العبادة، خصوصا وأن خطابات ميلوني غالبًا ما تربط الإسلام بالإرهاب.
فيما قالت كريمة موال إنها تأمل في أن تكون جورجيا ميلوني "أكثر مسؤولية"، لأنها "لم تعد في المعارضة هي الآن ستحكم إيطاليا، البلد الذي ننتمي إليه جميعًا، بما في ذلك الأشخاص من أصول أجنبية مثلي. أتمنى أن تهتم بمصير الوطن وتعمل على مداواة الجروح بدلاً من حفر الخنادق. آمل أيضًا أن تنتهز هذه الفرصة لتظهر أنها يمكن أن تكون عقلانية وليس بالضرورة أن تجد عدوًا في الآخر".
وواصلت "كره الأجانب هو تهديد حقيقي للجميع. التعايش داخل المجتمع بات على المحك، كما أن مستقبل إيطاليا وأوروبا، بات على المحك أيضا".