قدم النائبان الفرنسيان جان جاك فيرارا (الجمهوريون) وفيليب ميشيل كليسبور (مودم) تقريرهما، على هامش أعمال بعثة تقصي الحقائق حول قضايا الدفاع في البحر الأبيض المتوسط. ومن بين القضايا التي تطرق لها التقرير، قضية الصحراء والتنافس بين المغرب والجزائر.
وأشار التقرير إلى أن "الفترة الأخيرة تميزت بتدهور حاد في الوضع الأمني في الصحراء الغربية، مع خرق وقف إطلاق النار لعام 1991 من قبل جبهة البوليساريو في نونبر 2020، بعد انتشار القوات المغربية في منطقة الكركرات". وحذر النائبان الفرنسيان من أن "الاستخدام المفترض في هذه المنطقة لطائرات بدون طيار للقتال أو المراقبة من قبل الطرفين المتحاربين يوضح مدى تعقيد القدرات العسكرية المستخدمة، مما يشير إلى تصعيد الصراع".
وبينما اعترف البرلمانيان الفرنسيان بأن الأعمال العدائية، المتمركزة بشكل أساسي في شمال الإقليم بالقرب من المحبس، لا تزال في هذه المرحلة منخفضة الحدة، فإن "خرق وقف إطلاق النار يثير مخاوف من خطر التصعيد".
الصحراء "مصدر توتر، لكن خطر نشوب صراع يبقى محدودا"
وأدت هذه التطورات الجديدة المسجلة منذ 13 نونبر 2020 "إلى أزمة كبيرة" بين المغرب والجزائر، ومن أبرزها إعلان الجزائر، في 24 غشت 2021، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط. وأشار التقرير إلى أن هذا القرار، تبعه ليس فقط إغلاق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات المدنية والعسكرية المغربية، ولكن أيضًا عدم تجديد عقد خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي (GME)، الذي كان يمر عبر المغرب.
وعلى الرغم من سياق التوتر هذا، أكد النائبان أن "تحويل الأعمال العدائية في الصحراء الغربية إلى صراع تقليدي بين الجهات الحكومية يبدو محدودًا في هذه المرحلة". وبحسبهما فإن "القصف - الذي نسبته الجزائر للمغرب - للشاحنات التي كانت تمر عبر الصحراء الغربية وتسبب في مقتل ثلاثة جزائريين، لم يتبعه، لحسن الحظ، تصعيد عسكري بين البلدين".
صفقات تسلح ضخمة للجزائر
وإذا كان خيار الحرب على المدى القصير أو المتوسط بين الجارتين مستبعدًا، فإن البلدين لا يزالان يخوضان سباقا للتسلح. ففي المجال البحري، "الجزائر بصدد بناء حاملتي هليكوبتر هجومية. وستمتلك قريباً عشر فرقاطات وخمسة عشر طراداً. بالإضافة إلى ذلك، فقد اشترت مؤخرا أربع غواصات إضافية من روسيا، قادرة على إطلاق صواريخ كروز البحرية "، حسب ما كشف عنه الأدميرال بيير فاندييه، رئيس أركان البحرية الفرنسية، خلال جلسة استماع ، في نونبر 2021، من قبل لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية.
ومكّن تحديث القدرات العسكرية الجزائرية على وجه الخصوص من إنشاء "قدرات منع الوصول إلى منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط ، من خلال نظام دفاع مضاد للطائرات يتكون من S-300 وقريبًا S-400 (تم شراؤه من روسيا) وأنظمة الرادار المتطورة ( من نوع Rezonans) والحرب الإلكترونية ".
يثير مدى إعادة التسلح، لا سيما بالنظر إلى القيود الاقتصادية التي تعاني منها الجزائر، تساؤلات حول الأهداف التي تسعى إليها السلطات الجزائرية. واعتبر النائبان أن "ذلك يأتي في إطار يتميز بتصلب معين في السياسة الخارجية الجزائرية، لا سيما فيما يتعلق بالمغرب (...) وبالتالي فإن إعادة التسلح الهائلة هذه لها أغراض رادعة: إشارة استراتيجية فيما يتعلق بالخصم المغربي؛ حماية الإقليم في سياق مخاوف أمنية قوية على حدوده (مالي وليبيا)؛ الحفاظ على هيبة الجيش وتوضيح تأثير هذا الأخير على السلطة السياسية".
وسبق لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن أعلن في 4 فبراير أن بلاده "لا ترغب في الدخول في مواجهة مسلحة مع دولة مجاورة". من جهته، أوضح نظيره المغربي ناصر بوريطة في اليوم التالي أن "المغرب اختار التطلع إلى المستقبل لأنه لا يعتقد أنه يمكننا تغيير الجغرافيا".
المغرب أيضا منخرط في سباق التسلح
كما أن المغرب بدوره منخرط في سباق التسلح مع الجزائر، فقد رفعت المملكة ميزانيتها الدفاعية بنسبة 29٪ في عام 2021 و12٪ في عام 2022 (4.28٪ من الناتج المحلي الإجمالي). و"هذه هي أكبر ميزانية في تاريخ المغرب لصالح سياسته الدفاعية ". فبالإضافة إلى "الصفقات الكبيرة للطائرات بدون طيار، تركز جهود القدرات المغربية بشكل أساسي على تطوير نظام دفاع مضاد للطائرات، ولا سيما اقتناء نظام باتريوت الأمريكي وصواريخ FD-2000B الصينية".
يعتمد تطوير قدرات القوات المغربية على "شراكة مميزة مع الولايات المتحدة، كما يتضح من شراء المغرب في عام 2019 25 طائرة مقاتلة من طراز F-16 Viper مقابل ما يقرب من أربعة مليارات يورو، بالإضافة إلى طلب 24 طائرات هليكوبتر من طراز AH-64E أباتشي".
كما تطرق النائبان الفرنسيان إلى مذكرة التفاهم بشأن الدفاع الموقعة بين المغرب وإسرائيل، في 24 نونبر 2021 في الرباط. وأشارا إلى إن "هذه الاتفاقية تنذر بتوطيد علاقة التسلح بين البلدين، لا سيما فيما يتعلق بالطائرات بدون طيار والاستخبارات".