إثر إحالة توصل بها من طرف مجلس المستشارين، أعد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دراسة تتناول موضوع "منظومة التعويض عن فقدان الشغل"، وذلك في سياق دينامية التفكير المؤسساتي المشترك بشأن تنزيل الورش الاستراتيجي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية.
وأكد المجلس في دراسته المعنونة بـ "التعويض عن فقدان الشغل: أية بدائل في ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية؟"، بأن الحصيلة المرحلية لهذه الآلية تفيد بأن تطبيقها اتسم بمحدودية ملحوظة في عدد المستفيدين.
فحسب المعطيات المسجلة أواخر سنة 2020، فقد بلغ عدد المستفيدين من التعويض عن فقدان الشغل منذ انطلاقه سنة 2015 حوالي 77.826 مستفيدا، وهو رقم يبقى بعيداً عن الهدف الذي تم تحديده في 30.000 مستفيد في السنة.
ووقفت الدراسة على ثلاثة أسباب رئيسية تحدُّ من نطاق الاستفادة من هذا التعويض، هي وجود "شروط تقييدية للاستفادة من التعويض، حيث تمَّ على الخصوص رفض قرابة نصف الملفات لعدم كفاية عدد أيام الشغل المصرَّح بها".
وكذا "تعويض غير كافٍ، إذ يتم احتساب التعويض عن فقدان الشغل على أساس الحد الأدنى القانوني للأجور، كما أن ذلك لا يراعي المستوى المعيشي للعديد من الفئات المهنية، ولا سيما التي تتقاضى أجورا وسطى"
و"تمويل غير كافٍ وغير منصفٍ لا يراعي استدامة مصادر التمويل ولا توزيع الفئات المهنية".
وأوصى المجلس بتجاوز الإصلاح المقياسي الذي تم اعتماده قبل انطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية وصدور القانون الإطار المتعلق بها، والعمل على إرساء إصلاح شمولي تدريجي لآلية التعويض عن فقدان الشغل والتعجيل بإجراء دراسة حول إرساء منظومةٍ للتعويض عن البطالة، تشمل نظاماً للتأمين ونظاماً للمساعدة، ويتم ربطها بآلية فعالة للمساعدة على العودة إلى العمل.
واقترح المجلس وضع نظام للتأمين يتضمن آليتين اثنتين، الأولى تتعلق بـ وضع "نظام للتأمين عن البطالة خاص بالعاملين الأجراء، من شأنه أن يتيح تجاوز أوجه المحدودية التي تعتري الآلية الحالية، وذلك من خلال تقليص الحد الأدنى لعدد أيام الاشتراك المطلوبة، عبر إقرار مدة تتلاءم مع خصائص سوق الشغل ببلادنا، ورفع الحد الأقصى للتعويض (4 إلى 5 أضعاف الحد الأدنى القانوني للأجور)، وتمديد مدة صرف التعويضات بما يتناسب مع مدة الاشتراك".
واقترح أيضا "توسيع آليات تمويل التعويض عن فقدان الشغل، من خلال ترشيد وإعادة توجيه الموارد المالية المتاحة دون زيادة الأعباء التي تثقل كاهل المقاولات والعاملين؛
تبسيط المساطر الإدارية"، و"العمل بشكل تدريجي على توسيع دائرة وشروط الاستفادة من التعويض"
أما الآلية الثانية فتهم نظام للتأمين عن البطالة لفائدة العاملين غير الأجراء. واقترح المجلس "تفعيله بشكل تدريجي وأن يكون موضوع نقاش وتشاور بين الأطراف المعنية حتى يتم الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف المهن، كما يقتضي التحديد المسبق لآثار وَقْف النشاط على هذه الفئات من العاملين".
وأوصى المجلس، أيضا يإرساء آليتين للمواكبة، الأولى تهم وضع نظام للمساعدة لفائدة الأشخاص الذين فقدوا شغلهم، لكنهم لا يستوفون شروط الاستفادة من التأمين عن البطالة، بالإضافة إلى الأشخاص الذين استنفدوا فترة استحقاق التأمين؛ والآلية الثانية تهم تقديم مساعدة على العودة إلى العمل، وتتيح إشراك الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات والمكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل، بشكل رسمي ومُلزِم.