في 21 دجنبر الماضي، استدعت وزارة الخارجية الإسبانية، القائم بالأعمال في سفارة المملكة في مدريد، لتعبر عن احتجاجها، عقب نشر وزارة الصحة المغربية بلاغا، بررت فيه اختيارها للبرتغال لترحيل المغاربة العالقين بأوروبا، بدل إسبانيا، بـ"غياب احترام البروتوكولات الصحية المرتبطة بفيروس كوڤيد 19 من قبل السلطات الإسبانية".
كما أن قضية الاستقبال السري لزعيم البوليساريو، إبراهيم غالي يوم 18 أبريل في مستشفى في لوغرونيو لم تكن السبب الوحيد للأزمة، وإنما كانت بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس. فقبلها تم تأجيل الاجتماع رفيع المستوى الذي كان من المقرر عقده يوم 17 دجنبر 2020 في الرباط إلى أجل غير مسمى.
وكان الطرفان، قدد أرجعا قرار إلغاء القمة إلى جائحة كوفيد 19، في المقابل استقبلت المملكة، بعد خمسة أيام من إعلان هذا القرار، وفدا أمريكيا إسرائيليا، بالرباط للتوقيع على الإعلان الثلاثي بين المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل، حول استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرباط وإسرائيل واعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على الصحراء.
ومن خلال وزيرة خارجيتها السابقة، عبرت مدريد عن احتجاجها على قرار إدارة ترامب، وراهنت وزيرة الخارجية الاسبانية أرانشا غونزاليس، على إدارة جو بايدن قبل تعيينها للعدول عن القرار وقالت في 14 دجنبر إن "الإدارة القادمة لجو بايدن هي التي ستقوم بتقييم الوضع ومعرفة تموضعها وستعمل من أجل حل عادل ودائم، الذي لا يعتمد على الانحياز إلى معسكر أو آخر".
لكن رهانها لم يكن في محله، وهو ما عمق عزلتها داخل الحكومة، وأدت قضية دخول إبراهيم غالي إلى مستشفى إسباني إلى التسريع بإقالتها.
الإسبان في انتظار تطبيع حقيقي
وبعد حوالي ستة أشهر من إقالة أرانشا غونزاليس في 10 يوليو، ما زالت عملية التطبيع التي طال انتظارها معلقة، على الرغم من نعبير خليفتها، خوسيه مانويل ألباريس، مرات عدة عن رغبته في طي صفحة الأزمة.
ولم تتغير الأمور، أيضا بعد خطاب الملك محمد السادس في 20 غشت الذي دعا فيه إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.
كما أن السفيرة المغربية التي استدعيت للتشاور في 18 ماي في أعقاب استقبال زعيم البوليساريو، لم تعد بعد إلى مدريد، وهو ما بدأ يزعج حكومة سانشيز. وبالإضافة إلى ذلك، لم يتمكن الوزير الإسباني من الاجتماع بنظيره المغربي ناصر بوريطة. واقتصر التواصل بين المسؤولين رسميًا على مكالمتين هاتفيتين: الأولى في شتنبر والثانية في نونبر.
ورغم كل هذه الأزمات، فإن العلاقات الدبلوماسية المغربية الإسبانية المتأزمة منذ أكثر من عام لم تؤثر على التعاون الأمني، حيث تواصل الأجهزة الأمنية في البلدين التعاون فيما بينهما لمنع محاولات دخول المهاجرين المغاربة والأجانب إلى سبتة ومليلية أو الوصول إلى شبه الجزيرة الأيبيرية. ومن شأن هذا التعاون أن يعزز التقارب بين المغرب وإسبانيا في عام 2022، خاصة وأن العديد من المصالح الاقتصادية والسياسية والجيواستراتيجية باتت على المحك.