احتراف الشيف مصطفى غيتي، ابن مدينة فاس، لفن الطبخ، لم يكن صدفة، إذ أنه ورث ذلك عن والدته والتي بدروها ورثته عن والدتها، وقال في حديثه لموقع يابلادي "تعلمت الطبخ من والدتي، التي كانت تشتغل أيضا طباخة للملك الراحل الحسن الثاني إلى جانب مجموعة من الطباخين، قبل أن تقرر العودة إلى فاس والاستمرار في ممارسة المهنة التي تتقنها".
وترعرع مصطفى وإخوته العشرة وسط عائلة تحترف فن الطبخ وقال "كان الطابق الثاني من منزلنا مخصص للطبخ وتحضير الطلبيات، وكنا نساعد والدتي خلال أيام العطل، ما جعلني أتعلق بالمطبخ يوما بعد يوم". وفي سن الرابعة عشرة قرر التفرغ لهذا المجال بشكل نهائي، وترك مقاعد الدراسة.
في البداية، بدأ مصطفى يرافق والدته إلى جميع الحفلات والمناسبات ويساعدها في الطبخ، إلى أن اكتسب خبرة كبيرة، "ذات يوم تمت دعوة والدتي للاشتغال في مناسبة نظمت في أحد الفنادق، لكن بحكم انشغالها قررت الذهاب بدلها، وبعدها تلقيت دعوة للاشتغال بصفة رسمية مع نفس الفندق، لتبدأ مسيرتي في المهنة رسميا".
وانتقل مصطفى البالغ حاليا من العمر 53 سنة، من مساعد لوالدته إلى "شيف" في مجموعة من الفنادق، وقال "اشتغلت في مجموعة من الوحدات الفندقية الموجودة سواء في مدينة فاس أو غيرها من المدن المغربية"، كما أصبح يشرف على تعليم مجموعة من المتدربين والطلبة في مجال الفندقة.
ورغم إتقانه لهذا المجال ومراكمته لسوات من الخبرة، قرر بالموازاة مع عمله، القيام بتكوين في المجال، وحصل على دبلوم في فنون الطبخ سنة 1996.
وفي 2002 فتحت لمصطفى الأبواب أمام تجربة جديدة، وقال "تم اختياري كرئيس مطبخ داخل السفارة المغربية في كوريا الجنوبية، وانتقلت رفقة السفير المغربي، الذي تم تعيينه وقتها".
"كانت السفارة تقيم عدة مناسبات ومعارض، وحفلات استقبال، يحضرها مجموعة من السفراء من مختلف البلدان بالإضافة إلى شخصيات دبلوماسية. وكان يعجبهم كثيرا الطبخ المغربي الذي كنت أقدمه، أصبحت معروفا لدى مجموعة من الشخصيات"
بعد انتهاء مهمة السفير في كوريا الجنوبية سنة 2005، وجد مصطفى نفسه أمام خيارين "إما العودة أو الاستقرار بالعاصمة الكورية سيول رفقة زوجتي وأبنائي". وقال "بحكم أنني كسبت مجموعة من المعارف، اخترت الاستقرار في كوريا وفتحت مطعما خاصا بي في سيول ليكون أول مطعم في مغربي بالمدينة. كان صغيرا في البداية" وأطلق عليه اسم "مراكش" لأنها من بين المدن المغربية "الأكثر شهرة لدى الكوريين، لذا أردت أن أقربهم أكثر من المطبخ مغربي".
ولم تكن اللغة تشكل عائقا له عنذ اشتغاله في السفارة، لكنه وجد صعوبة عند افتتاح مشروعه الخاص، وقال "في البداية واجهت بعض الصعوبات في كسب الزبائن الكوريين بحكم عدم إتقاني للغة، لأنني قبلها لم أكن مجبرا على الاحتكاك كثيرا مع الكوريين".
وفي غضون فترة قصيرة، اشتهر مطعم "مراكش" الصغير، وأصبح الإقبال عليه يتزايد يوما بعد يوم، ما دفع مصطفى إلى توسيع المشروع وافتتاح مطعم آخر "لكن هذه المرة كان كبيرا" وبعدها "فتحت مطعمين آخرين. أصبحت أشتغل مع وكالات أسفار كورية، وبدأت أستقبل حولي 300 إلى 400 سائح يوميا".
وذاع صيت مطاعم مصطفى في العاصمة الكورية، وأصبح يتلقى عروضا للمشاركة في برامج تلفزية ومسابقات للطبخ، وقال "هذا ما أعطانا دفعة كبيرة" وفي الوقت الذي كانت فيه مطاعمه تقتصر في البداية على الأجانب، "أصبح حوالي 70 في المائة من زبائنا كوريين".
وشارك الطباخ المغربي السنة الماضية في برنامج "ماستر شاف" في كوريا الذي يضم متسابقين من مختلف الدول، "لكن لم تسر الأمور كما كنا نريد وتم تعليقه بسبب تفشي جائحة كورونا".
"بحكم أنني اكتسبت سمعة جيدة، حرصت على الحفاظ عليها، لذلك كانت زوجتي تهتم بالمطعم الأول وتطبخ بنفسها وأنا بالمطعم الآخر، وأفراد عائلتي في المطاعم الأخرى، لكنهم اضطروا للعودة إلى المغرب، وحاولت إحضار طباخين آخرين، لكن لم أتلق مساعدات من السلطات الكورية، ما دفعني في نهاية المطاف إلى إغلاق المحلات الأخرى والتركيز على مطعم واحد فقط"
وإلى جانب إدارة مطعمه، يشتغل مصطفى رئيسا لمطبخ السفارة المصرية، كما "أشتغل في عدة مناسبات مع السفارة السعودية والقطرية، والبحرينية، والليبية، والجزائرية وغيرها".
ويحرص "الشيف" مصطفى أيضا على نقل حب فن الطبخ إلى ابنه ليحافظ على إرث العائلة، وقال "دخل ابني لهذا الميدان من بابه الاحترافي، وهو حاليا في سنته الجامعية الأخيرة، شعبة إدارة الفنادق، حيث قرر التخصص في فن الطبخ، الإيطالي والصين والإسباني...".
بالإضافة إلى دراسته الأكاديمية، يواظب الإبن على الحضور إلى "مطعم مراكش" خلال أوقات فراغه وفي أيام العطل لمساعدة والده.
ويخطط "الشيف" المغربي إلى العودة للمغرب والاستقرار به، وافتتاح مطعم كوري بمدينة فاس، "لكن بعد انتهاء أبنائي من تعليمهم".