أصدر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2020، تحت عنوان "كوفيد-19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد".
ويتضمن هذا التقرير، الذي قدمته رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، أبرز مضامينه خلال ندوة صحافية اليوم الخميس بالرباط، تقييما وتحليلا لوضعية حقوق الإنسان خلال فترة جائحة كوفيد-19.
الإضراب عن الطعام في السجون وعقوبة الإعدام
وأوضح هذا التقرير، الذي يقع في 232 صفحة، أن عدد المحكوم عليهم بالإعدام حتى نهاية 2020 في المغرب بلغ ما مجموعه 74 شخصا من بينهم سيدتان، إحداهما صدر في حقها حكم نهائي والأخرى مازال ملفها رائجا أمام المحاكم، في حين صدر حكم نهائي في حق 46 من الذكور ومازال 26 ملفا في طور المحاكمة.
كما سجل المجلس في تقريره أن عدد الوفيات بالمؤسسات السجنية أو وفيات سجناء بالمستشفيات، بلغ سنة 2020 ما مجموعه 213 حالة وفاة، مقابل 169 وفاة خلال السنة التي قبلها. تتوزع أسبابها بين الانتحار وفيروس كوفيد 19 وأسباب طبيعية، حيث بلغ عدد حالات الانتحار 9 حالات، في حين بلغ عدد الوفيات بسبب فيروس كورونا 11 وفاة.
كما أكد التقرير أن المجلس ولجانه الجهوية توصلوا بشكايات أو اتصالات هاتفية تفيد بخوض بعض السجناء إضرابا عن الطعام، بلغ عددهم خلال سنة 2020 ما مجموعه 224 حالة، موزعة على أغلب المؤسسات السجنية.
ويعزى سبب الإضراب عن الطعام أساسا بحسب ذات الوثيقة إلى التظلم من المتبعات والأحكام والقرارات القضائية والأوضاع السجنية وطلبات الترحيل.
وأوصى المجلس في تقريره بإلغاء عقوبة الإعدام، وبنشر نتائج التحقيقات التي باشرتها النيابة العامة بشأن كافة حالات الوفيات التي تقع داخل أماكن الحرمان من الحرية، وبوضع برنامج خاص لتعزيز قدرات موظفي المؤسسات السجنية من أجل التعرف على الحالات المحتمل إقدامها على الانتحار واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة للتعامل معها من الناحية الطبية والاجتماعية والإدارية.
كما أوصى بتسهيل ترحيل جميع الحالات التي تعاني من اضطرابات نفسية إلى المؤسسات السجنية المتواجدة بالمدن التي تتوفر على مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية من أجل العالج، ودعا المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج إلى التواصل مع عائلات المضربين عن الطعام من أجل مواكبتهم.
الحق في السلامة الجسدية
وأوضح المجلس أنه تلقى 6 شكايات بخصوص ادعاء التعذيب بأماكن الحرمان من الحرية، و75 شكاية يتظلم فيها سجناء من تعرضهم لسوء المعاملة من طرف موظفين بالمؤسسات السجنية. كما رصد استعمالا للعنف بالشارع العام من قبل المكلفين بإنفاذ القانون في حق العديد من الأشخاص الذين لم يحترموا إجراءات الحجر الصحي المعمول بها في بعض المدن والمناطق.
وجاء في التقرير أنه ينبغي أن تخضع التدابير المتخذة في إطار ممارسة السلطات المرتبطة بحالة الطوارئ لرقابة السلطة التشريعية وتحت إرشاف السلطة القضائية، ضامنا لاحترام مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون. وسجل المجلس أن وزارة الداخلية اتخذت إجراءات تأديبية في حق عدد من المكلفين بإنفاذ القانون ممن تبت تورطهم في تجاوزات أثناء تطبيق الحجر الصحي.
وأوضح أنه يرى على العموم أن الإصابة بالفيروس شكل أكبر تهديد للحق في السلامة الجسدية، وأن تدخلات المكلفين بإنفاذ القانون تميزت عموما بالتقيد بالضوابط القانونية، مع تسجيل حالات معزولة للتجاوزات الصادرة عن بعضهم.
وأوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا الباب بإعمال المادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب المتعلقة بإجراء تحقيق سريع ونزيه كلما وجدت أسباب معقولة تفيد ارتكاب جرمية التعذيب، دون الحاجة إلى شكوى كتابية، وتقوية آليات مكافحة إفلات مرتكبي التعذيب وسوء المعاملة من العقاب نظرا لخطورة جريمة التعذيب، خاصة وأنها ترتكب غالبا من طرف مرؤوس تحت الرقابة الفعلية لرئيس أو من يقوم مقامه.
كما أوصى بالتنصيص على مقتضيات إجرائية خاصة بالبحث والتحقيق في ادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة وتحميل النيابة العامة عبء الإثبات في هذه الادعاءات، وإضافة مقتضى جديد في مشروع القانون الجنائي ينص على عدم تقادم جريمة التعذيب.
وأوصى أيضا بملاءمة تعريف جرمية التعذيب مع التعريف الوارد في المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وخاصة ما يتعلق بالعلاقة بين مرتكب الجريمة والسلطة العمومية، وكذا بنشر نتائج الأبحاث التي قامت بها السلطات العمومية لمساءلة المتورطين في انتهاكات تمس بالحق في السلامة الجسدية.