تم مؤخرا إطلاق منصة رقمية فريدة من نوعها على نطاق عالمي ومتاحة للجميع، وتسمح لأي شركة أو شخص بتحديث أجهزتهم المتصلة، وهي خطوة من شأنها أن تغير الكثير من الأشياء. تشرف عليها شركة "FotaHub inc" التابعة للمهاجر المغربي عبد الغني القاسمي. والهدف منها بالأساس، السماح للجميع بالاستفادة من التقنيات التي بدأ يطورها منذ سنوات عديدة.
وُلِد رجل الأعمال عبد الغني القاسمي في المغرب بمنطقة وزان، وقضى طفولته بالكامل في المملكة. وبعد حصوله على البكالوريا سنة 1989، اختار الذهاب إلى ألمانيا لإتمام دراسته في الأقسام التحضيرية، وبعدها توجه إلى كلية الهندسة بجامعة الرور في بوخوم.
وفي حديثه لموقع يابلادي قال "عندما تصل إلى بلد ما، هناك تحديات يجب التغلب عليها. كان عمري 17 سنة عندما وصلت إلى ألمانيا، ولم أكن أتحدث الألمانية كما واجهت تحديا ماليا"
ينحدر عبد الغني القاسمي من عائلة متواضعة، مكونة من أب يعمل مدرسًا، وأم ربة بيت وستة إخوة وأخوات صغار، كان يؤمن بأن "من يعمل جاهدا سيصل حتما". وكان يدرك أيضًا أن "التحدي الحقيقي هو إيجاد الفكرة المبتكرة التي يمكن اتباعها والإجابة على السؤال: ما الذي يمكنني فعله للمساعدة في تغيير هذا العالم؟".
وهو ما حاول القيام به خلال مسيرته التي تزيد عن 20 سنة، فبعد تخرجه سنة 1998، قضى "فترة قصيرة" في معهد فراونهوفر للدوائر المتكاملة، في قسم أتمتة التصميم لمدة سنة ونصف، وتم تعيينه بعدها في Texas Instruments ، وهي شركة إلكترونيات أمريكية شهيرة في مجال المكونات الإلكترونية، حيث شغل داخلها منصب مصمم الدوائر المتكاملة. وقال القاسمي "كان علي إقناع العملاء باستخدام منتجات Texas Instruments، رأيت مشاكلهم وكيف بدأت".
«Je بعد خمس سنوات، ترك الشركة الأمريكية العملاقة، وقرر الانضمام لفريق شركة Infineon Technologies، ومقرها في كاليفورنيا. "مكثت هناك لمدة ثلاث سنوات لأنني كنت أرغب في تعلم ريادة الأعمال معهم ". وخلال بحثه عن فرص جديدة، حصل على أسهم في الشركة الألمانية Itemis AG ، ليصبح بعد ذلك رئيسها التنفيذي، وحاول بعد ذلك "توحيد عالم الحوسبة المدمجة والصناعية وعالم الحوسبة الكلاسيكية" سعياً لتحقيق طموحه في تغيير العالم.
ويعتقد المهندس المغربي أن الفجوة الموجودة بين العقل التحليلي لمهندس الكمبيوتر ومهندس الإلكترونيات هائلة وتشكل "واحدة من أكبر مكابح التنمية الصناعية لأن هذين العالمين لا يفهمان بعضهما البعض". ولحل هذه المشكلة، شرع عبد الغني القاسمي في استخدام التقنيات المتقدمة جدًا لعالم الكمبيوتر في عالم الإلكترونيات المدمجة. وهي التقنيات التي أصبحت شركته بفضلها، بعد 9 سنوات، "رائدة عالميًا في تصميم الأنظمة الإلكترونية المعقدة".
وفي سنة 2017، شرع في تطوير منصة FotaHub، وقال "استغرق الأمر آلاف ساعات العمل. اعتقدت أن هذه الخدمة مبتكرة للغاية لدرجة أنها تستحق تأسيس شركة خاصة بها. لذا أنشأت الشركة التي أديرها بشكل منفصل ومستقل في ديلاوير، بالولايات المتحدة الأمريكية.
ولم ينس عبد الغني القاسمي بلده الأصلي الذي لا يزال شديد التعلق به. وفي 2011، كان حريصا على الحضور عندما أسست الحكومة المجموعات الأولى لقيادة مجموعة الإلكترونيات الدقيقة والتفكير في كيفية "إنشاء جسر بين العالم الأكاديمي المغربي والعالم الصناعي".
الاستثمار في اقتصاد المعرفة
ويعتقد هذا المهاجر المغربي أن اقتصاد المعرفة هو الذي يجب أن يركز عليه المغرب خلال هذا القرن، وقال "نحن متخلفون كثيرًا عن الآسيويين وأمريكا الجنوبية. لكن في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سواء بالنسبة للدول العربية أو إفريقيا، لا يزال لدينا السبق الذي يجب الحفاظ عليه".
"يمكننا أن نكون روادًا في اقتصاد المعرفة في إفريقيا وأن نجعل من أنفسنا روادا في مجال التكنولوجيا. هذا شيء يهمني وأود أن أستثمر فيه وأن يكون الانطلاق من بلدي".
في هذا السياق، قررت شركته FotaHub الاستثمار في أول روبوت مغربي أطلق عليه اسم "شامة". بالإضافة إلى هذا الاستثمار، وقع شراكة مع جامعة القاضي عياض في مراكش. وقال "من خلال، هذه الشراكة، يمكن للجامعات المغربية الأخرى الغوص في عالم الذكاء الاصطناعي والأشياء المتصلة، لكي تكون قادرة على القيام بعمل تعاوني بين الجامعات والباحثين أثناء المرور عبر منصة عالمية أنشأها مغربي". كما يعتزم رجل الأعمال من خلال شركته "إتاحة الآلات الحاسبة لجميع الجامعات المغربية".
وقال "يجب أن نشجع رواد الأعمال في بلدنا للاستثمار في المعرفة. لقد استثمرت عدة ملايين من الدولارات للوصول إلى ما أنا عليه".
بالنسبة لعبد الغني القاسمي، يبقى التحدي الحالي هو "تقديم المشعل للجيل الجديد". وقال "أبلغ من العمر 49 سنة وعملت لأكثر من 20 سنة. آمل ألا ينتهي الأمر بنجاحي الشخصي فقط، وإنما أن أكون قادرا على نقله لأشخاص طموحين آخرين
وقال "أطمح في أن أكون قادرًا على المساهمة في تكوين ثروة المعرفة في بلدي والمشاركة في خلق الاستقلال التكنولوجي ". وأكد أن "المعرفة هي المادة الخام الوحيدة التي لا تنضب من خلال الاستثمار فيها".