بعد مرور شهرين تقريبا على الاعتراف المغربي بالسيادة الكاملة للمغرب على الصحراء الغربية، نشر وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة مقالا في عدد من وسائل الإعلام الدولية، تحدث فيه عن أهمية القرار وفوائده على المنطقة.
وأوضح بوريطة في المقال الذي نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندينة، وجون أفريك، وإلموندو...، أن القرار شكل "مفاجأة بالنسبة للكثيرين، بعضهم شعر بالقلق بينما استحسنت غالبية المجموعة الدولية القرارَ ورحَّبت به".
وأوضح بوريطة في مقاله المعنون بـ"القرار الأميركي ومغربية الصحراء... المفاجأة والحل" أن "قياس أهمية هذا القرار مرتبط أساساً بالفرص التي يمنحها لإيجاد حل لهذا النزاع الذي طال أمده، وذلك من أجل تحقيق استقرار وأمن دائمين في منطقة استراتيجية لها انعكاسات تمتد من جنوب أوروبا إلى وسط أفريقيا".
وأكد أن الاعتراف الأمريكي لم يأت صدفة، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة على دراية تامة بأصل وتطورات الملف، وكذا ديناميته ورهاناته، والأكثر من هذا، فالتوجه الذي تعد مبادرة الحكم الذاتي ثمرة له، ما هو إلا نتيجة لمشاورات معمقة بين الملك محمد السادس وإدارة الرئيس بيل كلينتون (الديمقراطي)، والتي جرى تقديمها للتشاور مع إدارة الرئيس جورج بوش الابن (الجمهوري)، قبل أنْ يتم دعمها في وقت لاحق من طرف إدارة الرئيس باراك أوباما (الديمقراطي)".
وزاد قائلا إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة قدَّمت جميعها الدعم للحكم الذاتي باعتباره حلاً لهذا النزاع الإقليمي، وبالتالي "جاء الإعلان الرئاسي لإدارة الرئيس دونالد ترمب تتويجاً منطقياً لهذا المسلسل، وإبرازاً لموقف داعم وثابت على امتداد عشرين سنة، وهو التراكم الذي أفضى إلى الاعتراف بالسيادة الوطنية والوحدة الترابية".
وقال وزير الخارجية المغربي إنه بعيدا عن الدعم المتمثل في التصريحات الرسمية العلنية، فإنَّ الولايات المتحدة "وضعت رهن إشارة المغرب منذ عام 2015، في إطار قانون الإنفاق المالي، خطاً تمويلياً لصالح الأقاليم الجنوبية المغربية (...) وبناءً على كل هذه المعطيات، فإنَّ الاعتراف الأميركي الرسمي بمغربية الصحراء لن يصدم إلا من تعوزه معرفته أو تخونه ذاكرته".
وتابع أن الإعلان الأميركي ينسجم كذلك مع تطورات الملف داخل أروقة الأمم المتحدة، وأشار إلى "تصريحات مبعوثين أمميين سابقين عدة، والذين بُحَّ صوتهم من الترديد بأنَّ "استقلال الصحراء" ليس خياراً واقعياً، علاوة على أنَّ التوصيات السبع عشرة الأخيرة لمجلس الأمن تنطوي على قناعة واضحة بضرورة الوصول إلى "حل سياسي وواقعي ودائم"، مع التثمين والإشادة بالجهود الجدية وذات المصداقية التي يبذلها المغرب لإخراج الملف من النفق المسدود".
وجاء نشر هذا المقال، بالتزامن مع تكثيف الجزائر من تحركاتها لدفع الرئيس الأمريكي جو بايدن للتراجع عن القرار الذي اتخذه سلفه دونالد ترامب، حيث نجح اللوبي الجزائري في الولايات المتحدة في حشد 45 أكاديميًا ومحاميًا من جنسيات مختلفة للضغط على بايدن.
كما أنه يأتي بعد الخرجات المتكررة لمستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، الذي يواصل حث الرئيس الأمريكي الجديد على التراجع عن قرار ترامب.
وتحاول الأصوات المقربة من الجزائر، الضغط بكل السبل على إدارة بايدن، ففي 19 يناير طرح النائب الجمهوري جيمس إنهوف سؤالا حول الموضوع على وزير الدفاع الجديد الجنرال لويد أوستن، كما أن وزير الخارجية أنتوني بلينكين تهرب من الجواب عن سؤال حول نفس الموضوع في أول مؤتمر صحافي يعقده بصفته رئيسا لدبلوماسية الولايات المتحدة.