كشف تحقيق لموقع يابلادي في شهر مارس الماضي، عن تسخير القضاء بالمحكمة الابتدائية المدنية بالدار البيضاء لاستصدار مئات الأحكام االيومية لمتعلقة باستخلاص الديون جملة واحدة لصالح شركات كبرى دون إبلاغ المدعى عليهم أو دفاعهم.
وكان يقف وراء هذه الممارسة المستمرة منذ سنة 2017 على الأقل، نفس القضاة ونفس المحامين ونفس الشركات المدعية.
وبعد إماطة اللثام عن هذه الممارسات التي كانت تتم داخل الغرفة السادسة في المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، المكلفة بالنظر في النزاعات التجارية، عقدت بعض الشركات اجتماعات طارئة، وفضلت أخرى فتح تحقيق داخلي، وجهت شركات أخرى شكايات إلى نقيب هيئة المحامين بمدينة الدار البيضاء، كما نظر المجلس الأعلى للسلطة القضائية في هذه الفضيحة.
اصدار قرارات قضائية أقل
وبعد أسبوع من نشرنا للتحقيق في موقع يابلادي، لوحظ تراجع حاد في عدد القضايا التي يتم البث فيها من قبل القضاة المتورطين، واستمر هذا التراجع على مدى سنة 2020.
ففي دجنبر من السنة الماضية، لم يتعامل بعض القضاة المتورطين، والذين كانوا يبتون في مئات القضايا دفعة واحدة، منذ 2017، مع أي ملف لتحصيل الديون لأي من الشركات التي كانت تستفيد من الوضع، مثل سميحة لعلج، ونفيسة حازم، وأمل خضار، وإلهام البرهومي، فيما ترأس كل من عزيز عرسوي، وأمينة رضوان وبهيجة لعبيدي 14 جلسة ونظروا في 1545 قضية خلال شهر دجنبر، وهو رقم صغير مقارنة بآلاف القضايا التي كانوا يبثون فيها بشكل يومي في سنة 2019.
ونظر القاضي عزيز عرسوي الذي كان يتصدر قائمة أسماء القضاة الذين عالجوا أكبر عدد من قضايا تحصيل الديون لصالح الشركات خلال سنة 2019، خلال الشهر الماضي في 1007 قضية، وأصدر 136 حكما لصالح الشركات وأمر الزبناء بالدفع، علما أنه خلال سنة 2019 احتكر لوحده النظر في 47.1٪ من القضايا التي نطق بالأحكام فيها. كما لوحظ احترام هذا القاضي لإجراءات التقاضي، ففي دجنبر 2020، وأعلن عن "عدم الاختصاص المكاني" في 91 قضية، وأجل 593 قضية لأسباب مختلفة، من بينها 319 قضية لأسباب تتعلق بـ"الانذار بالادلاء بعقد القرض"، كما فضل "انتظار مرجوع البريد" الذي ارسلته المحكمة للمتهمين في 120 قضية.
عدة جلسات وتأجيل قبل النطق بالحكم
من جانبها ترأست القاضية بهيجة لعبيدي خمس جلسات في دجنبر 2020، ونظرت في 270 قضية، وأصدرت 11 حكما فقط لصالح الشركات المدعية مقابل رفض دعوى واحدة، وقررت ارجاع الملف للمدعى عليه او للطرفين في 121 قضية، فيما تنتظر رأي الخبراء في 51 ملفا، وفضلت تأجيل 24 جلسة لضرورة "الادلاء بالعنوان الصحيح" للزبناء.
وبدورها تراجعت وثيرة إصدار الأحكام من قبل القاضية أمينة رضوان، التي كانت توجد في المرتبة الثانية خلال سنة 2019 من حيث إصدار الأحكام التي تهم دعاوى تحصيل الديون لفائدة شركات كبرى، بـ 24.5٪ من مجوع القضايا، وباتت تحتل المرتبة الثالثة. فخلال الشهر الماضي تعاملت مع 268 قضية فقط، وأصدرت فيها 100 حكم، من بينهم 76 حكم يعطي الحق للشراكات الدائنة.
ولم تكن القرارات كلها في صالح الشركات المدعية، فقد تم حجز 100 قضية في دجنبر للتأمل أو لمهلة، و22 أعيدت ملفاتها لأطراف القضية، وتم تحويل 10 قضايا إلى مكتب الوكيل العام، أو إلى محاكم أخرى، بالإضافة إلى ذلك، وخلال جلسات الاستماع في 31 دجنبر 2019، أعلنت القاضية "عدم الاختصاص المكاني" في 35 قضية من إجمالي 41 قضية.
وكانت قضية الاختصاص المكاني واحدة من التجاوزات التي أشار إليها موقع يابلادي في تحقيقه، حيت كان يتم تحويل القضايا التي يتعين رفعها في المحاكم التي يوجد تحت نفوذها المدعى عليهم إلى ابتدائية الدار البيضاء، عن طريق استخدام عناوين غير صحيحة، وصدرت أحكام ضد عدد من المدعى عليهم يقيمون في مناطق بعيدة عن الدار البيضاء، دون إبلاغهم.
وبحسب موقع محاكم.ما، فقد تمت معالجة 81375 قضية تتعلق بتحصيل الديون بين يناير 2017، وفبراير 2020، دون احترام الاجراءات التي ينص عليها القانون وحقوق المتهمين، وتظهر عملية حسابية بسيطة أن حوالي 20 ألف فرد أو شركة أو جمعية، نجت خلال سنة 2020 من التحايل الذي كان يتم داخل الغرفة السادسة المسؤولة عن الشؤون التجارية بابتدائية الدار البيضاء.