ترأس الملك محمد السادس، يوم أمس بالقصر الملكي بالرباط، جلسة عمل خصصت لاستراتيجية التلقيح ضد فيروس كوفيد-19، وأعطى توجيهاته من أجل إطلاق عملية مكثفة للتلقيح ضد فيروس كوفيد-19 في الأسابيع المقبلة.
وينتظر أن تشمل هذه العملية المواطنين الذين تزيد أعمارهم عن 18 سنة، حسب جدول لقاحي في حقنتين. وستعطى الأولوية على الخصوص للعاملين في الخطوط الأمامية، وخاصة العاملين في مجال الصحة، والسلطات العمومية، وقوات الأمن والعاملين بقطاع التربية الوطنية، وكذا الأشخاص المسنين والفئات الهشة للفيروس، وذلك قبل توسيع نطاقها على باقي الساكنة.
وسبق للمغرب أن وقع خلال شهر غشت الماضي، اتفاقيتي شراكة وتعاون مع المختبر الصيني "سينوفارم"، من أجل إشراك المملكة في التجارب السريرية للقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد، بهدف وضع المغرب ضمن خانة الدول التي ستتمكن من الحصول على اللقاح الصيني بعد انتهاء التجارب.
وفي الشهر ذاته أجرى الملك محمد السادس، مباحثات هاتفية مع شي جينبينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية، وبحثا الشراكة بين البلدين في مجال محاربة كوفيد 19.
ومعلوم أن اللقاحات تختبر في المراحل ما قبل السريرية على الخلايا ثم الحيوانات مثل الفئران أو القرود لمعرفة ما إذا كان ينتج استجابة مناعية، ويمر بعد ذلك إلى التجارب السريرية حيت يعطى لعدد صغير من الأشخاص لاختبار السلامة والجرعة وكذلك للتأكد من أنه يحفز جهاز المناعة.
وفي المرحلة الثانية يعطى لمئات الأشخاص الذين يقسمون إلى مجموعات، مثل الأطفال وكبار السن، لمعرفة ما إذا كان اللقاح يعمل بشكل مختلف عليهم. وفي المرحلة الثالثة يعطي لآلاف الأشخاص وانتظار معرفة عدد المصابين، مقارنة بالمتطوعين الذين تلقوا علاجًا وهميًا. ويمكن أن تحدد هذه التجارب ما إذا كان اللقاح يقي من فيروس كورونا.
وسبق لمعهد ووهان للمنتجات البيولوجية التابع لشركة "ساينوفارم" الصينية المملوكة للدولة، أن أكد أن المرحلة الأولى من التجارب السريرية أظهرت أن اللقاح أنتج أجسامًا مضادة لدى متطوعين، بعضهم عانى من الحمى والآثار الجانبية الأخرى.
وتم إطلاق المرحلة الثالثة من التجارب السريرية في دولة الإمارات العربية المتحدة في شهر يوليوز، وفي المغرب، وبيرو في الشهر الموالي. وقالت الشركة في وقت لاحق إن الحكومة منحتها الموافقة خلال الصيف على حقن مئات الآلاف من الأشخاص بلقاحين تجريبيين.
وفي تصريح لموقع يابلادي قال يحيان عبد الحكيم مدير السكان في وزارة الصحة، وعضو اللّجنة الوطنية العلمية والتّقنية الاستشارية للتلقيح إن المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي أجريت في المغرب همت حوالي 600 شخص من جميع الفئات بما في ذلك المهاجرين المقيمين بالمملكة، وأكد أن هذه التجارب لم يتم الانتهاء منها بعد.
وتابع أن وزارة الصحة شكلت "لجنة علمية وتقنية، مكونة من باحثين مستقلين لهم منشورات علمية معترف بها على نطاق واسع، يتابعون التجارب السريرية".
وأوضح أنه "يوم الخميس الماضي كان هناك العرض الثاني لهذه التجارب وتلقينا التقدم الحاصل بارتياح. لاحظنا أنه لم تكن هناك آثار جانبية كبيرة وأن الآثار التي تمت ملاحظتها ضئيلة للغاية، وهي طبيعية تمامًا كما هو الحال مع جميع اللقاحات الأخرى".
"نحن ننتظر بفارغ الصبر نهاية هذه العملية التي قد تكون الأسبوع المقبل، وانتظار التوصل بالنتائج من المختبر الصيني. يشير البروتوكول إلى أن المختبر هو الذي سيتعين عليه إنهاء التجارب ووضع بروتوكول بأساليب علمية قبل الموافقة عليه من قبل المغرب".
وكان رئيس "سينوفارم" ليو جينغ تشن قد قال قبل أيام، إنه تم تطعيم حوالي 100 ألف شخص في العالم بلقاح الشركة، ولم يظهروا أي ردود فعل سلبية حتى الآن، وأشار إلى أن مجموعة من بين الذين تم تلقيحهم، سافرت إلى الخارج، ولم تصب بالفيروس.
وسبق للشركة الصينية سينوفارم أن تعهدت بتقديم 10 ملايين جرعة من للقاح المضاد لفيروس كورونا للمغرب، خلال شهر دجنبر المقبل، وهو ما يعني تطعيم 5 ملايين مواطن فقط، على أساس أن اللقاح الصيني التقليدي هو مكون من جرعتين، يتم أخذ الحقنة الثانية بعد 21 يوما من التطعيم الأول، على غرار العديد من اللقاحات التقليدية الأخرى.
ومنحت الصين كلا من ماليزيا وتايلاند وكمبوديا وإندونيسيا أولوية الحصول على اللقاح، ووعدت بتوصيل لقاحها إلى بلدان في مختلف أنحاء آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
وبحسب دورية "ذا لانسيت" الطبية فإن هذا اللقاح الصيني الذي يستخدم تقنية قديمة تعرف باسم "الفيروس المعطل" أثبت أنه آمن للاستخدام، ويؤدي إلى استجابة الأجسام المضادة.
وتقدم الصين 4 لقاحات لفيروس كورونا المستجد في مرحلة التجارب السريرية، منهما لقاحان يستخدمان تقنية "الفيروس المعطل".
ولقاح "الفيروس المعطل" يعتمد على أخذ عينة من الفيروس، يتم عزلها من مريض، ثم يتم قتله باستخدام مادة كيميائية تسمى "بيتا بروبريونولاكتون"، ويشتمل اللقاح على الفيروس المقتول ممزوجاً بمكون آخر، هو "هيدروكسيد الألومنيوم" الذي يسمى مادة مساعدة لأنه من المعروف أنه يعزز الاستجابات المناعية.
وسبق لمدينة جياشينغ شرق الصين أن أجازت اللقاح لتطعيم الموظفين الأساسيين والفئات الأخرى الأكثر عرضة للإصابة. وقال مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها في جياشينغ في بيان إن لقاحا صينيا آخر يدعى "كورونافاك" يتكون من جرعتين وأن التطعيمات للفئات الرئيسية، بما في ذلك العاملون في المجال الطبي، قد بدأت.
وإضافة إلى الصين أجازت الإمارات الاستخدام الطارئ للقاح، وإتاحته أمام الفئات الأكثر تعاملاً مع مصابي الفيروس من الطواقم الصحية. وقال عبدالرحمن العويس وزير الصحة بالإمارات إن "الاستخدام الطارئ للقاح يتوافق بشكل تام وكامل مع اللوائح والقوانين التي تسمح بمراجعة أسرع لإجراءات الترخيص".
من جانبها أعلنت السلطات في البرازيل عن خطط لإدراج اللقاح الصيني ضد فيروس كورونا ضمن برنامج التطعيم في البلاد. وقال حاكم ساو باولو، خواو دوريا، إن الحكومة وافقت على شراء 46 مليون عينة من لقاح صيني آخر يدعى "كورونافاك"، مشيرا إلى أن برنامج التطعيم قد يبدأ في يناير 2021.
ويوم أمس أعلنت السلطات الصحية في البرازيل أنها علقت التجارب السريرية على اللقاح الصيني بعد تعرض أحد المتطوعين لـ"حادث خطير" لم تحدد ماهيته، وردت الشركة الصينية المطورة له نهار اليوم بالقول إن ما حدث لا علاقة له بالنتائج السريرية للقاح، وتابعت "نحن واثقون من سلامة اللقاح، وملتزمون بدعمه".
ولم يحصل أي لقاح في العالم بعد على موافقة لتوزيعه تجاريا على نطاق واسع.