بعد أن حصلت زينب زلاق التي ولدت بمدينة الدر البيضاء على شهادة الباكالوريا في المغرب، توجهت إلى فرنسا لإتمام دراستها الجامعية، والتحقت بجامعة السوربون في باريس وتخصصت في الاقتصاد.
وتزامنت هذه الفترة مع الكثير من الاضطرابات في فرنسا، فقررت الالتحاق بوالديها في كندا، وفي حديثها لموقع يابلادي قالت "لكن عندما وصلت في سنة 2010 إلى كندا، وجدت إضرابات طلابية كبيرة جدا"، لكن ورغم ذلك تأقلمت الشابة المغربية بسرعة في كيبيك.
وغالبا ما كانت زينب تسافر إلى كندا لقضاء إجازاتها سواء رفقة العائلة أو الأصدقاء، وهو ما جعل أمر اندماجها سهلا، وقالت "لقد أتيحت لي الفرصة للسفر كثيرًا مع والديّ عندما كنت صغيرة، لذا لم أشعر بصدمة تغيير البلد".
وتحتفظ زينب بالعديد من ذكريات الطفولة في المغرب، وقالت "في المغرب، عمل والدي لفترة طويلة في الإنتاج السمعي البصري والتوزيع الموسيقي. لذلك احتفظت بحب خاص للموسيقى المغربية لفترة الستينيات والموسيقى العربية الكلاسيكية، ولا سيما محمد الحياني وأم كلثوم وفيروز".
العمل الجمعوي من داخل الجامعة
وبعدما التحقت زينب بجامعة مونتريال، تمكنت من تحقيق حلمها بتغيير مسارها الدراسي نحو العلوم السياسية، وفي سنة 2015 قررت إنشاء جمعية "منفتحة على كل العالم"، أطلق عليها اسم MENA-UdeM.
"جاءت فكرة إنشاء هذه الجمعية، بعد إدراكنا أن لدينا الكثير من الأمور التي تجمعنا ثقافيا، واردنا مشاركتها مع بعضنا البعض بشكل أكاديمي، وهي الأمور التي جمعت بين العديد من الجنسيات من منطقتنا، ولكن مع الانفتاح وإشراك الكيبيكيين أيضا، وذلك من أجل إلغاء التمييز بين مختلف الفئات التي تنتمي في الأساس إلى نفس المجتمع".
وتفاجئت زينب بالصدى الذي خلفته جمعيتها في صفوف فئات المجتمع الموجودة في جامعتها. وبحسبها فإن الفكرة كانت تهدف أيضا إلى "إلغاء تقسيم السكان من أصول مهاجرة وإدماج الأجانب، لإعادة التفكير في علاقاتنا معًا خارج الفكر الجماعي، عبر سلك طرق أخرى أكثر شمولية تسمح لنا بالحفاظ على روابطنا مع أصولنا ".
وأشرفت الجمعية على تنظيم مؤتمرات حول الربيع العربي، تجمع بين متدخلين متميزين من مختلف البلدان التي شهدت اضطرابات سياسية واجتماعية. كما تنظم الجمعية أيضا ورش عمل للرقص وفن الخط.
وتشير زينب إلى أن "المدرسين اكتشفوا هذه المبادرة، وأبدوا حماسهم للمشاركة فيها، نظرًا لأن العديد منهم كانوا يعملون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولكن دون أن يتمكنوا من العثور على منصة تسمح لهم بالتعريف بأبحاثهم ومشاركتها بشكل أفضل".
"لقد حاولنا الاشتغال بجدية قدر المستطاع للابتعاد عن الصور النمطية، والتوصل إلى طريقة من شأنها إشراك الجميع."
وترأست زينب جمعيتها خلال السنتين الأوليتين، لكن سرعان ما تركت الرئاسة، رغم شغفها وحبها للمشروع الذي أصبح جزءا من حياتها اليومية. وقالت "أحاول أيضًا أن أفسح الطريق للجيل الجديد، وتركه يعمل بطريقته الخاصة، لأنهم يقومون أيضًا بأشياء جميلة جدًا، إنهم مصدر فخري" واعربت عن امتنانها للمتطوعين بمختلف جنسياتهم الذين شاركوا في المشروع.
كما اكتشفت الشابة المغربية عالم التعاون الدولي من خلال تدريب دراسي أخذها إلى تونس وكان له أثر عميق عليها. وهي الآن في سنتها الثانية من الدكتوراه.
وقبل ثلاث سنوات، قرر والدا زينب الانتقال إلى المغرب، وقررت هي البقاء مع شقيقيها في مونتريال. وتركز حاليًا اهتمامها على أطروحتها التي اختارت لها موضوع "السياسة الدينية المغربية وتدريس الإسلام، بالإضافة إلى تعديل الهياكل الدينية المغربية، لا سيما في برامج تدريب الأئمة والمرشدات".
"لطالما اهتممت بالشؤون الدينية بشكل عام. كلما زاد اهتمامي بها، كلما أدركت التنوع الديني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. أصبحت أكتشف كل يوم أقليات جديدة واتجاهات جديدة لا نعرف عنها إلا القليل، ولكنها جزء كبير من واقعنا وتاريخنا الإقليمي".
وركزت زينب اهتمامها في أطروحتها بشكل خاص على المغرب وقالت إن ذلك ربما يعود إلى "رغبتي في فهم ما يحدث في بلدي". وفي الوقت الحالي، تريد زينب البقاء في مونتريال التي "تحبها" لكنها لا تستبعد إمكانية العودة إلى المغرب.