والحكومة المغربية، لن تكون مخالفة لما هم الإخوان عليه؛ لأن شطرا منها على أيديولوجيا الإخوان نفسها. ولسنا نعني إلا الإخوان القطبيين حصرا،المزيد... � إلى مرجعيتها بحسب زعمها. وقبل أن نذكُر ما هو من شأنها، لا بأس أن نذكِّر بما وقع للإخوان في مصر. إنهم بغبائهم السياسي الذي عرفناه منهم في أيام حكمهم الأولى، جعلوا الشعب ينفر منهم ويفضل العودة إلى سابق عهده، والذي ليس إلا حكم "العسكر". إن ما حدث يوم (30 يونيه) لا شك هو ثورة على حكم الإخوان، وإن كانوا هم لا يزالون -كعادتهم- يجحدون. وإن ما حدث من قِبل العسكر يومها، لا شك هو انقلاب؛ لكن الشعب، اختار أهون الضررين، بسبب ما رأى.
وأما الفقه بالمعنى الاصطلاحي، فهو مقصور على العلم بأحكام الحلال والحرام. وهذا العلم هو المقصود بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّالمزيد... � عنهما بقوله: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»[1]. وبهذا المعنى يكون كل مَن علم مِن الدين شيئا، فقيها؛ على قدر ما علم. وفي هذا المعنى العام للفقه، يدخل كل علم من علوم الدين، مما هو معروف بكونه علما، ومما هو غير ذلك. فيدخل في معنى الفقه، فقهُ الأحكام والمواريث والتفسير وعلم الحديث والسيرة وفقه السلوك (التزكية)، وعلم أحوال القلوب (التصوف)، وعلم الحقائق الذي هو أعلى صنف من العلوم.
إن سيدي حمزة حري به أن يُشكر، وأن يُتقرب إلى الله بمرضاته، وهو من يدل على الله بكل ما آتاه الله، ويتحمل في سبيل ذلك ما تعجز عنه شم الجبال منالمزيد... تطاول أحد تلاميذهم في الأيام الأخيرة، على شيخنا وعمدة أهل الله في زماننا، سيدي حمزة بودشيش رضي الله عنه. وأنا بردي هذا على القباج، لا أريد أن أفتئت على إخواني من الطريقة البودشيشية، ولا أن أنافح عن شيخي وهو الغني عني؛ وإنما أريدها شهادة لله أدخرها عند ربي، لرجل لم يعرف بعض أهل بلده قدره؛ وهو من يحفظ الله به بلدنا غيبا وشهادة. غيبا، بما آتاه الله من مكانة غيبية؛ وشهادة، بعمله الدؤوب على إشاعة المحبة واستيعاب المخالفين. وإني ما تكلمت حتى تكلم إخواني، حفظا للأدب معهم، بوصفهم المعنيّين الأولين. وأرى أن السكوت عن مثل تلك الأباطيل، لا يجوز ولا يسوغ؛ رغم ما أعانيه في هذه الفترة من متاعب صحية.
إن من عادة المخابرات في العالم كله، أن تعمل في سرية تامة؛ ومن عادتها أيضا تبادل المعلومات فيما بينها، من دون إعلان لذلك؛ وإلا ما عادتالمزيد... ريس، بعد أيام معدودة، في سان دوني؛ وإنَّ طلب دولة بلجيكا مساعدة المخابرات المغربية، لمتابعة إرهابييها، يجعلنا نستغرب إعلان الأمر على الملإ.
ورغم أن الغرب -وفي طليعته أمريكا- كان سباقا إلى إعلان حلول عصر العولمة، فإنه لم يكن مميِّزا لمعالمها ولا مستشفا لصورها؛ لسبب بسيط، وهو أنه كانالمزيد... علته في نيويورك، ووصولا إلى داعش وتفجيرات باريس؛ ما زلنا لم نر له تصنيفا موفَّقا إلى الآن؛ سوى ما كان من ترقب هنتينغتن عند كلامه عن صراع الحضارات، بحسب مبلغ إدراكه.
نحن مسلمون، ولا نريد أن نخادع الشعوب الغربية، مثلما يخادعها سياسيوها؛ ولا نخشى من رد أسباب فشوّ الإرهاب في العالم، إلى سياسات الحكوماتالمزيد... ، قد وقع الاستهداف للمواطنين على غير تعيين، بدل أن يكون لمؤسسات الدولة، كما جرت العادة. وهذا يجعل المواجهة تتجاوز الاختلاف على السياسات، إلى ما يمكن أن يدخل في صراع الأعراق أو صراع الحضارات؛ رغم ما قيل من قبل السياسيين الفرنسيين والأمريكيين مرارا، في معرض نفي ذلك.
إن العلمانية في الإسلام، لم تنشأ اليوم، وإنما ظهرت بوادرها مع الفقهاء الذين جاءوا بعد الأئمة المؤسسين، والذين زاد بُعدهم الزماني عن عصرالمزيد... التصور الذهني الأول (تفكيك الصورة). وإضافة إلى هذا، علينا أن نلاحظ أن العلمانية (والتي هي مصطلح نصراني نسبة إلى العالَم مع التحريف)، لا تُتصور إلا بإزاء الدين؛ فهي مذهب نسبي من هذا الوجه (منوط بالنسبة إلى الغير). ومبلغ التطرف في العلمانية، يكون مساويا دائما لمدى رفضها للدين، الذي قد يتدرج (الرفض) من العلمانية الملحدة إلى العلمانية داخل الدين، والتي قد تُجهل. وعلمانية الإسلاميين، هي من هذا الصنف الأخير، وإن كان أصحابها لا يخطر ببالهم أنهم عليها؛ بل قد تجدهم من أشد أعداء العلمانيين الراديكاليين، بسبب ظنهم في أنفسهم تمام المباينة لهم.
إن المتساهل في تكفير غيره، يريد أن يظهر بمظهر من يغار على الدين، ويظن أن حِدّته على منافسه تعكس درجة غيرته، خصوصا عند من يريد أن يستغفلهم منالمزيد... �هبية، إلى خصومة عقدية، تُفضي في النهاية إلى تكفير الخصم، بُغية تجريده من جميع حقوقه، وإضعافه إلى الحد الذي قد يبلغ الإلغاء حكما (معنويا)، أو فعلا عند استباحة قتله.
إن التدين الفردي في الأزمنة المتأخرة، وبسبب البعد الزماني عن عصر النبوة، قد خرج في شطر كبير منه، عن معاملة الله التي هي الأصل، إلى معاملةالمزيد... د بالقدر اللازم والعمق الواجب، عن أصل ذلك الفساد كله.. ونحن قبل أن نبدأ كلامنا هنا، نبغي أن نفرق بين فساد الدين وفساد التدين. ونعني بذلك أن الفسوق عن الدين فيما يعود إلى الفرد، هو غير الفسوق العام الذي يتعلق بفساد التصور والتعقل.
وإن وحدة الأديان التي يُدعى إليها زعما، لا يُمكن أن تستقيم مع الإبقاء على الخصوصيات الدينية، التي يكون معها الإسلام إسلاما، والنصرانيةالمزيد... ب الإسلامي (الجزائر والمغرب خصوصا)، يسوّي فيه بين النصرانية والإسلام، ذاكرا أنهما يوصلان إلى الغاية ذاتها؛ وكأن الناس فيهما على الخيار. وفي السنوات الأخيرة سمعت عن انخراطه في مشروع للدعوة إلى وحدة الأديان، تحت رعاية الأمم المتحدة؛ لكنني لم أعر الكلام المنقول كبير عناية، خوفا من أن يكون افتراء يُراد منه النيل من "الشيخ" المذكور بغير وجه حق؛ إلى أن التقيت في الأسابيع الفارطة بجماعة من أتباعه، صرحوا لي بـ"وحدة الأديان" لفظا ومعنى. وبقيت متعجبا من اختلاط الأمور على المسلمين، إلى الدرجة التي لم يعودوا معها يميزون بين الحق والباطل، رغم جلائهما في عين كل ذي نظر.
ونحن لا نرى إزاء هذا الوضع، ما يمكن أن يكون جامعا بين جميع الفرق إلا التصوف الحق، الذي يسَع الجميع، ويحسن الظن بالجميع، ويضِن بسلامةالمزيد... �هذا يعني أن الحبل بينها قد انقطع، رغم المشترَكات التي تجمع بينها في الظاهر. والسبب في هذا، هو أن كل واحدة قد فقدت حسن الظن بغيرها، فقدا يكاد يكون تاما.
لم نفتأ نحن نذكّر أن العقائد لا يمكن تقويمها بالعنف الكلامي أو اللفظي أبدا؛ وكل انصياع قد يبدو في الظاهر من أصحاب العقائد المنحرفة، فإنما هوالمزيد... �يني المتطرف (التكفيري) معالجة أمنية صرفا، رغم ظهور دلائل عديدة على عدم نجاعة هذا المسلك؛ بل إن المعالجة الأمنية الخالصة، لم تزد الأمر إلا استفحالا، بسبب ظهور تلك المعالجة بصورة الحرب على الدين، في أعين العامة والمستَغفَلين.
إن الإسلام، جاء ليحرر العباد من عبودية العباد؛ هكذا بدأ، وهكذا كان عند الجيل الأول من المسلمين. لكن الناس سرعان ما يعكسون الغايات، مع إخلادهمالمزيد... منه وقوع المسلمين، في مثل ما وقعت فيه النصارى، من ترسيم للدين، وتكريس لتراتبية فيه، ما أنزل الله بها من سلطان. يحدث هذا، عندما يفقد الدين حقيقته، ويصير وسيلة من وسائل تحصيل الدنيا، لدى الأتباع والمتبوعين.
1. ليس كل من ينطلق من النصوص الشرعية، يكون محقّا بالضرورة. ذلك لأن تناول النصوص يكون إما بالله، وإما بالنفس. نعني أن فهمها قد يكون من الله، وقدالمزيد... تفشى حتى ملأ الأرض، فإن الناس صاروا يتطلعون إلى عدل الله الموعود في الدنيا، قبل الآخرة. غير أن أمر الحكم بالشريعة، صار هو أيضا، من أسباب استغفال الناس بغرض استتباعهم، إلى مصير مجهول، وظلم قد يكون أشد مما فرّوا منه. وحتى نُبيّن مناط ما إليه نشير، فإننا سنتكلم عن معانٍ، ينبغي أن لا تبقى عُرضة للالتباس والانبهام؛ منها:
ثم بعد هذا، لا بد أن نلاحظ تأخر مثل هذا النداء، إلى ما بعد الحكم على مرسي والقرضاوي بالقتل (الإعدام). وهذا يدل على أن النداء جاء دفاعا عن أشخاصالمزيد... �ض المنافحة عن حكام مصر، وعن مؤسساتها الرسمية؛ لأنهم المعنيون بذلك والجديرون به. وقد سبق لنا أن أعلنّا موقفنا من الإفتاء بقتل الإخوان إبان فض الاعتصامين، والآن نعلن مخالفتنا لأحكام القتل (الإعدام) الصادرة على ذلك العدد الكبير من المسجونين. وكنا نود أن يوفق حكام مصر، إلى ما يُبقي على آصرة الأخوة قائمة بين أبناء الشعب الواحد؛ ولكن يبدو أن القدر يجري بما لا يتمنى الناس، والحكم لله أولا وآخرا.