عانت مريم الحجيوج التي ولدت بدوار حراقة التابع لجماعة كلاز بدائرة غفساي في إقليم تاونات، منذ نعومة أظافرها من أمراض جعلتها تعيش طفولة مختلفة عن أقرانها، حيث أصيبت بمرض شلل الأطفال في سن الخامسة، وقالت لموقع يابلادي "بقائي على قيد الحياة في حد ذاته معجزة".
وفي سن السابعة بدأت تتعافى من المرض، ولم توافق والدتها على تركها تذهب للمدرسة، "وذلك لبعدها عن منزلنا بأكثر من ثلاث كيلومترات، ولأنني كنت في فترة نقاهة". وأوضحت أنه "بعد الكثير من البكاء والتوسل اقتنعت في الأخير والتحقت بالمدرسة بمساعدة أختي التي كانت تساعدني على حمل المحفظة".
وبعد حصولها على شهادة الدروس الابتدائية، انتقلت رفقة العائلة لمدينة تاونات لإتمام دراستها الإعدادية، وأتمت دراستها الثانوية بفاس، وحصلت على شهادة البكالوريا في شعبة الاقتصاد.
إثر ذلك توجهت إلى جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس لإتمام دراستها العليا، لكن أحداث 14 دجنبر 1990 بفاس، أجبرتها على ترك مقاعد الدراسة، و"حصلت على وظيفة بالمديرية الاقليمية للفلاحة بتاونات بمكتب المحاسبة لتمكني من المادة"، ثم "تقلدت منصب الكتابة الخاصة للمدير الإقليمي للفلاحة بتاونات إلى غاية أوائل سنة 2002".
وفي هذه السنة التقت مريم بالمواطن البريطاني والباكستاني الأصل زين العابدين آغا وهو دكتور كيمياء متقاعد، وقررا الزواج، لتقدم استقالتها، وتبدأ حياة جديدة في المملكة المتحدة.
"في البداية كانت حياتي صعبة للغاية بسبب عدم تمكني من اللغة الإنجليزية، فقررت التسجيل في دورات لتدريس المهاجرين الذين لا يتقنون اللغة الإنجليزية لمدة ستة أشهر. اشتغلت في بعض المصانع لتعليب الأدوية والمواد الغذائية حتى سنة 2005 حين اشترى زوجي شركة لسيارات الأجرة كنت مكلفة بإدارتها".
سمحت لها هذه التجربة "بالتواصل مع الناس بمختلف الجنسيات واستطعت أيضا أن أكسب احترام وتقدير كل من تعرف علي".
وتتذكر مريم أنها في إحدى المرات سألها رجل إنجليزي مسن عن أصلها "وقال لي أين يقع المغرب؟ فقلت له في القارة الإفريقية فقال لي أنت تكذبين قلت لماذا؟ فقال لي لأن بشرتك بيضاء. كان المسكين يعتقد أن جميع سكان إفريقيا سود".
وفي سنة 2011، أصيبت مريم بمرض روماتيزم المفاصل المزمن والذي أثر على قدرتها على العمل اليدوي والشاق، وشجعها زوجها على مواصلة دراستها، وتسجلت بالدورة التعليمية التأهيلية وحصلت على دبلوم يسمح لها بمواصلة تعليمها العالي سنة 2012، وولجت جامعة دي مونتفورت وحصلت على الإجازة والماستر في الصحة النفسية.
وتوضح أن بحثها كان "حول السكري من النوع الثاني وحصلت على أعلى علامة في تاريخ الجامعة حيث منحتني الجامعة شهادة تقديرية ومادية".
إثر ذاك حصلت على ديبلومين في مجال السكري: "Understanding the Care and Management of Diabetes" و Understanding Nutrition and Health
وبفضل التدريب على النظام الغذائي، الذي أوصاها به الطبيب في عام 2014، تمكنت مريم من اكتساب معرفة واسعة حول كيفية ضبط نسبة السكر في الدم. وهو ما دفعها لتأسيس جمعية رفقة زوجها، لمساعدة مرضى السكري.
"في البداية كان اسم الجمعية WELLINGBOROUGH DIABETES GROUP وبعدما تواصلت معنا مؤسسة DIABETES UK لاحتضان جمعيتنا أصبحت تسمى DIABETES UK WELLINGBOROUGH GROUP. ساعدت الجمعية ما يزيد عن 250 شخص مصاب بالسكري بمدينتنا على ضبط نسبة السكر في الدم. كما قمنا بجلب خبراء السكري بمختلف التخصصات، على مدى الخمس سنوات الماضية".
وأطلقت الجمعية برنامجا للكشف المبكر عن داء السكري من النوع الثاني، وتمكنت من الكشف عن المئات من الناس الذين هم في خطر كبير للإصابة بالسكري النوع الثاني، "لأن السكري من النوع الثاني ليست له أعراض محسوسة".
ولازلت مريم مرتبطة ببلدها الأصلي، حيث أطلقت العديد من المبادرات التحفيزية لفائدة شباب البادية في تاونات، أولها كانت عبارة عن "مسابقة أفضل عمل تطوعي بدائرة غفساي إقليم تاونات" كان الهدف منها محاولة تشجيع الشباب الحاصلين على الشهادات والعاطلين عن العمل على الانخراط في العمل التطوعي بدواويرهم، وخصصت للفائز جائزة بقيمة 2000 درهم، كما أطلقت مشروع مسابقة أفضل مشروع مصغر بإقليم تاونات.
وفي نونبر الماضي قررت مريم وزوجها تأسيس جمعية أجيال للتنمية المستدامة بإقليم تاونات، وهي الجمعية التي ترأسها أختها، وأطلقت الجمعية الجديدة شراكة مع مؤسسة بنكية لدعم الشباب حاملي المشاريع.
لكن مع بداية أزمة كورونا جمدت المهاجرة المغربية الأنشطة الميدانية، وقررت بدل ذلك فتح "عيادة مجانية عن بعد" على صفحتها في الفايسبوك "لتثقيف مرضى السكري وعائلاتهم بالمغرب"، والإجابة على تساؤلاتهم.