ككل صباح تستيقظ هند بوطرابش على الساعة الخامسة والنصف صباحا، وتكمل استعداداتها قبل الساعة الثامنة لتسوق "مقهاها" المتنقل، بحثا عن عشاق الساحرة السمراء في شوارع مدينة مراكش.
وفي دردشتها مع موقع يابلادي، قالت إنها تركن عربتها صباحا أمام إحدى مراكز النداء، لتروي شغف زبنائها، الذين يعدون بالعشرات، وفي حدود الساعة العاشرة صباحا تنتقل إلى حي كيليز لتلتقي زبناء آخرين، خبروا جودة القهوة التي تعدها أمام أعينهم، وتستمر في تقديم خدماتها لهم إلى حدود الساعة السادسة مساء حيث تعود أدراجها إلى منزلها في انتظار بزوغ شمس يوم جديد لتعيد الكرة مرة أخرى.
هند التي رأت النور بمدينة كلميم، التحقت بعد حصولها على الباكالوريا بجامعة ابن زهر بأكادير، غير أن مقامها لم يدم بها طويلا، لتقرر متابعة دراستها، في تخصص يتيح لها ولوج سوق الشغل بسرعة، وهو ما كان، حيث حصلت على دبلوم في السكرتارية سنة 2013، وقبله دبلوم في المحاسبة.
بعد ذلك اشتغلت داخل تعاونية لبيع المواد الطبيعة، لمدة عامين، حيث تعلمت بها تقنيات البيع وكيفية التواصل مع الزبائن. وفي 2015 التحقت بوكالة أسفار بمراكش واشتغلت بها مساعدة إدارية لمدة سنتين أيضا.
وبالموازاة مع عملها هذا، قررت البحث عن عمل أكثر استقلالية، واهتدت إلى التسويق عبر الإنترنيت، وهو ما جعلها تكسب ثقة مجموعة من الزبائن، لتختار التخلي عن عملها وتخصيص وقتها بالكامل للتجارة.
"استأجرت محلا تجاريا من أجل توسيع دائرة الزبائن، لكن سرعان ما أغلقته. نقل المشروع من العالم الافتراضي إلى أرض الواقع، كان تجربة سيئة".
هذا الفشل، لم يكن، أكثر من كبوة حصان سرعان ما سينهض ليكمل الطريق، حيث قررت إطلاق مشروع جديد، لكن بفكرة خارجة عن المألوف خصوصا في المغرب، ورسا بها الأمر على مشروع عربة متنقلة للقهوة وقالت "استلهمت الفكرة من الإنترنيت بعد اطلاعي على تجارب شابات في الخارج. وزاد حماسي أكثر عندما علمت أنني الشابة الأولى بين بنات بلدي التي ستعمل في مثل هذا المشروع بالمغرب".
كانت عائلتها خير سند لها، لإنجاح مشروعها وقالت "اشتريت جميع الأدوات اللازمة، وتعلمت كيفية تحضير القهوة على الإنترنيت وأيضا على يد شاب له خبرة في هذا المجال. بعدها يمكنني القول إنني انتقلت من عالم الهواية إلى عالم الاحتراف".
وأكدت خلال حديثها أنه في المرة الأولى التي ساقت فيها عربتها في الشارع خلال شهر يناير من السنة الجارية "كان المارة يظنون أنني أقوم بدعاية لإحدى الشركات، لم يستوعبوا فكرة المشروع جيدا، لأنه غير مألوف لديهم، لذلك لم يتقدم أي زبون بطلب كوب قهوة. وبعدها بأيام قليلة تمكنت من جذب الزبائن".
طريقها لم يكن مفروشا بالورود، إذ أن "خروج فتاة للعمل في الشارع ليس أمرا سهلا" وقالت "أتعرض لمجموعة من المضايقات والتحرش، وهو ما يشعرني مرات عديدة بالخوف"، ومع ذلك فإنها ترى أن هذه التجربة علمتها الاعتماد على نفسها وتقوية شخصيتها.
وبعد شهرين من إطلاقها المشروع، زاد عدد زبنائها بشكل كبير، لكن الظروف المرتبطة بجائحة كورونا، تسببت في تراجع مدخولها اليومي، وأمام هذا الوضع، قررت هند تطوير مشروعها، واستقدمت شابا لكي تبدأ مرحلة جديدة عنوانها "توصل بقهوتك أينما كنت" حيث كلفته بتوصيل طلبات الزبائن. كما أنها تطمح مستقبلا إلى توسيع مشروعها، من خلال تأسيس مقهى "لكن مع الحفاظ على عربتي الصغيرة".