نشرت الصحفية والباحثة في المعهد الأمريكي لبحوث إعلام الشرق الأوسط ، آنا محجر باردوتشي في يونيو الماضي كتابها الجديد بعنوان "الهوية الإيطالية"، يتضمن مجموعة من القصائد والمقالات، وهو ثمرة جهد يناقش أساسا الهجرة والاندماج.
وآنا محجر باردوشي شابة مغربية إيطالية ولدت لأم مغربية من القنيطرة، وأب يعمل في مشاريع التعاون الدولي، يوم 23 يناير 1982 في فياريجيو ، شمال إقليم توسكانا الإيطالي.
أمضت طفولتها بين أفريقيا وآسيا والعالم العربي. وساهمت تنقلاتها المستمرة في تشكيل شخصيتها، كما لعبت دورا هاما في رسم مسارها المهني، وفي تصريح ليابلادي قالت "قضيت طفولتي في زيمبابوي وغينيا والسنغال وغامبيا وتونس. كما عشت في باكستان لعدة سنوات ".
ومن بين كل الدول التي قضت فيها طفولتها تركت لديها تونس وباكستان انطباعات لا تمحى: " تونس بلد حديث ورائع وغني بالتاريخ والفن والثقافة والأدب. المفكرون التونسيون مثل محمد الطالبي، أثروا عليّ شخصياً ومهنياً"، وتابعت أنها "كانت محظوظة بما يكفي لمقابلة عدد من المثقفين في تونس الذين دفعوها للتفكير في الحوار بين الأديان".
وعلى النقيض من ذلك، تقول إنها واجهت "الظلامية" لأول مرة في باكستان، ووصفت هذه الدولة بأنها بأنها "ملونة للغاية ومثيرة للاهتمام للغاية ، ولكنها مليئة أيضًا بالتناقضات"، اهتمامها بهذا البلد الأسيوي جعلها تؤلف كتابا حوله بعنوان " باكستان إكسبرس. عش وأطبخ في ظل طالبان".
التسامح المغربي
وفي سنة 2009 بينما كانت تتعاون كصحفية مع العديد من وسائل الإعلام الإيطالية والأمريكية والعربية، نشرت آنا محجر كتابا حول "قصص المهاجرين المغاربة في أوروبا"، ليكون بذلك أول كتاب يناقش الإرث الإيطالي المغربي.
وقالت "لقد احتل المغرب دائما مكانة مركزية في حياتي. العلاقة مع جدوري المغربية قوية للغاية. ابنتي هيلي هي أيضاً مواطنة مغربية وهي فخورة جداً بتراثها الثقافي".
ومن بين أهم الذكريات التي بقيت عالقة لديها عن رحلاتها إلى المغرب "اللحظات التي قضتها مع العائلة، أثناء الدردشة واحتساء كوب من شاي النعناع الساخن والحلو" في مزل والدها بالعاصمة الرباط، والذي كانت تتردد عليه في مناسبات متكررة.
"انفتاح الثقافة المغربية على المعتقدات والتقاليد الأخرى كان له تأثير كبير على شخصيتي وعلى حياتي المهنية. النظر إلى العالم من منظور التسامح هو سمة مغربية. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الفن والعمارة المغربية معيار الجودة المنشود في سعيي نحو الجمال في الحياة".
وتؤكد الصحافية والباحثة والكاتبة أن اهتمامها بقضايا الهوية وسعيها لفهم كيفية تأثير الهجرة على الهوية الثقافية يأتي من الحاجة إلى فهم وإيجاد التوازن بين هويتها الأوروبية وارتباطها بالمغرب وتضيف "بما أنني مغربية مقيمة في الخارج، فمن المهم بالنسبة لي أن أفهم كيف يمكن تعزيز الهوية أو إعادة تعريفها في المهجر".
الهجرة المغربية إلى القدس
تؤكد آنا مهجرباردوتشي أيضًا أنها "بدأت بالكتابة في الصحف اليومية عن طريق الصدفة" عندما كانت على وشك إنهاء دراستها في الماستر. وبالنسبة لها "الكتابة ليست مهنة، ولكنها حاجة"، وأوضحت أن "الكتابة يمكن أن تكون أداة رائعة للتنفيس، وهي عملية الإفراج عن العواطف القوية أو المكبوتة. يجب علينا جميعًا أن نتعلم الكتابة حتى نتعلم كيف ننشر عواطفنا ونرتبها ونفسرها".
تعيش أنا حاليا في القدس مع زوجها وابنتها، وتصف هذه المدينة المقدسة بالقول إنها "ذات هوية معقدة، بطريقة معينة تحمل هوية مغربية راسخة"، وفيما يتعلق بانتقالها إلى القدس، تقول إنها قررت ذلك لأنها "اعتقدت أنه سيكون أمرا خاصا وفريدا لو ولدت [ابنتها] في هذه المدينة المقدسة للديانات الثلاث".
وتنحدر أنا من أم مسلمة وأب مسيحي، وتزوجت رجلاً يهوديا، وتعتقد أنه "إذا كان هناك حب واحترام وتسامح، فإن كل التحديات يمكن التغلب عليها".
وتشير إلى أن "العديد من اليهود المغاربة يعيشون في القدس" و "مرتبطون بشدة بجذورهم المغاربية". وتضيف "هم يفتخرون بهويتهم المغربية، المغرب في قلوبهم وأغلبية اليهود المغاربة في القدس يتحدثون العربية المغربية بطلاقة".
وتؤكد أنه "من الممكن أيضًا شراء الحلويات المغربية في كل مكان تقريبًا، مثل الشباكية والسفنج" وفي وسط مدينة القدس "من الممكن أيضًا تذوق الكسكس المغربي الأصيل".