أصدر مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية ومركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن تقريرا حول تدبير المغرب لحالة الطوارئ الصحية من زاوية مقاربة حقوق الإنسان والحكامة الأمنية.
وأكد التقرير أن السلطات المغربية استوعبت وبسرعة، خطورة الوضع، وأقامت حالة الطوارئ الصحية.
وفيما يخص التأطير القانوني لحالة الطوارئ، لاحظ التقرير أنه "لحد الساعة لا نتوفر على نص قانوني صريح ينظم حالة الطوارئ رغم أننا كنا في حاجة إليه أكثر من مرة مند زلزال أكادير إلى الحسيمة وكوارث طبيعية أخرى إلى هزات اجتماعية في ثمانينات القرن الماضي".
وأوضح التقرير أن حالة الطوارئ الصحية لا علاقة لها بأوضاع حالتي الحصار والاستثناء المحددتين دستوريا، "لكن خطورة جائحة كورونا وتهديدها للحق في الحياة تقتضي اتخاذ إجراءات تشريعية أو تنظيمية استثنائية وخاصة، ولكن دوما في إطار الشرعية".
وبخصوص الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية، فقد أكد التقرير أنه "يجب التمييز بين مرحلتين الأولى تمتد ما بين 20 و23 مارس 2020، والثانية ابتدأت من 24 مارس الماضي".
وتهم المرحلة الأولى الإعلان عن حالة الطوارئ في 19 مارس بواسطة إجراء إداري عن طريق بلاغ لوزارة الداخلية، والمرحلة الثانية بصدور مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عليها.
وعاب التقرير على المغرب في المرحلة الأولى تقييد "حرية الحركة والجولان وربطها بإجراءات زجرية وكذا تقييد حرية المبادرة والمقاولة، بمجرد قرار إداري لا سند قانوني له".
واعتبر أن ذلك "يؤثر سلبا على الهدف من اللجوء إلى فرض حالة الطوارئ الصحية، ويدخله في دوامة نقاشات مسطرية حول شرعية القرار خصوصا وأنه لم يحدد أي ضمانات لممارسة تلك الحقوق خلال هذه الفترة الاستثنائية".
واعتبر أن "الهندسة القانونية لحالة الطوارئ الصحية لم تكن في مستوى الاجراءات الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية التي تميزت بجرأة ونفس خلاق، ناهيك عما تبدله مختلف مكونات السلطات العمومية في الميدان الذي أشر على ميلاد علاقة جديدة بين المواطن ورجل السلطة".
وأوضح أنه قد "يكون للإخلال بأمور إجرائية انعكاسات في حالة المس بالحقوق أو الحريات، كما أنها قد تكون مدخلا للتهجم على تجربة أثبتت نجاعتها".
وأكد أن التدبير القانوني يبقى هو "الحلقة الأضعف في مسلسل الاجراءات والقرارات الني تم اتخاذها لتجاوز تداعيات هذه الفترة الحرجة".
من جهة أخرى قال التقرير إن "استجابة السلطات العمومية كانت فعالة وتفاعلية في مواجهة هذا الوضع الاستثنائي، فعلى الرغم من أم المغرب لم يكن يتوفر على أي نظام صحي للتعامل مع موجة بهذا الحجم، فإنه تمكن من تعبئة الموارد وبدل الجهود لوطنية في جميع الجهات، بفضل الانخراط الشامل للدولة". وشدد على أنه "ينبغي إحداث إطار للتأهب للأزمات وتدبيرها"
واعتبر أن الجائحة "شكلت فرصة للتأكيد على ضرورة جعل النظام الصحي ضمن الأولويات في السياسات العمومية".
وقال إن الوقت حان لمراجعة السياسة العمومية في مجال الصحة من خلال بلورة مقاربة استباقية و"التحرر" من إكراهيات الميزانية والاستثمار بشكل وازن ومستمر على مدى سنوات بهدف سد مختلف الثغرات والنواقص (المادية واللوجستية، وعلى مستوى الموارد البشرية).