منذ طفولتها وإشراق بوزيدي تعشق الرسم، إذ مكنتها هذه الهواية من تجميع ذكرياتها التي عاشتها في مجموعة من المدة المغربية التي قضت فيها فترة من حياتها. وخلال حديثها مع موقع يابلادي قالت "عندما كبرت، لم يكن لدي الكثير من الأصدقاء، كنت دائما أغير مكان إقامتي بحكم تنقل والداي في كل مرة. وكان رسم الذكريات بالنسبة لي طريقة لتنشيط ذاكرتي".
ولدت هذه الشابة المغربية بمدينة اليوسفية، وتعيش حاليا بدبي. والدها كان يعمل بالمجمع الشريف للفوسفاط. وتتذكر قائلة "عندما غادر المجمع الشريف للفوسفاط، أنشأ شركته الخاصة، التي يتلقى من خلالها طلبات من جميع أنحاء المغرب. لذلك كنا نضطر للانتقال معه كثيرًا، عشنا في القنيطرة وفاس ومكناس، وهو ما جعل منا أيضا عائلة متماسكة جدًا ".
لكن إشراق تحتفظ بذكريات خاصة عن مدينة الجديدة. وقالت "والداي ينحدران من مدينة الجديدة، وكنا نقضي جميع العطل الصيفية في بيت أجدادي. وهي أيضا المدينة التي قرر فيها والدي البقاء معا رغم رفضا عائلتيهما. فرا معًا للزواج. بالنسبة لي الطبيعة في هذه المدينة تجسد لي الحب الذي رأيته بين والدي ووالدتي".
وانتقلت إشراق بوزيدي فيما بعد إلى الرباط حيث التحقت بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية. وهي المدينة التي قضت فيها معظم الوقت في محاولة التوفيق بين شغفها بالرسم ورغبة والديها في رؤيتها مهندسة معمارية.
"أبهرت بمدينة الرباط، وهندستها الاستعمارية ومساحاتها الخضراء، كما أن مناظرها الطبيعية متباينة، وغنية بالبنايات التقليدية والأوروبية التي تتناغم فيما بينها. هذا ما أحاول القيام به اليوم في عملي: مزج الحداثة بالتقاليد".
إشراق بوزيدي
تتميز لوحات إشراق غالبا بالمزج بين ما هو تقليدي وحداثي وقالت إنها "طريقة للتعبير عن هويتي. أحاول التعبير في نفس الوقت عن التراث التقليدي لعائلتي وما أعيشه حاليا".
وبعد إتمامها أربع سنوات داخل المعهد، قررت مغادرة المغرب في عام 2010 والذهاب إلى بلجيكا. وقالت "كنت أنتمي لتلك الفئة من الشباب المليئة بالأمل، ولكن لم تجد مكانها". هناك قررت متابعة دراستها في سلك الماستر في الهندسة المعمارية والمناظر الطبيعية.
"خلال رحلتي إلى الخارج، قابلت شخصا تبين لي أنه الشخص الذي سأعمل معه، بمجرد استقراري في بلجيكا. هو رجل أعمال كان يقوم بالعمارة البيئية، قبل توظيفي على الفور كمساعد معماري. وهذا ساعدني كثيرًا في تمويل دراستي ".
إشراق بوزيدي
وتصف إشراق هذه الصدفة، بـ "حظ المبتدئين" وهو ما أتاح لها الوصول إلى عالم العمارة المحترف على المستوى الدولي. وتتذكر قائلة "لست اجتماعية بطبعي ولا مبذرة ولا تلك الفتاة التي تحب الخروج كثيرا، لذا اندمجت ببساطة في بلجيكا".
في عام 2012، دفعتها وفاة والدها للعودة إلى عائلتها الصغيرة. وأوضحت "كان من الضروري أن أدعم أمي وأشقائي. لقد صدمتنا جميعًا هذه الوفاة غير المتوقعة لأن والدي كان يبلغ من العمر 48 عامًا فقط ولم يكن يعاني من مشاكل صحية ".
وزادت "لم أكن أتوقع أن تفتح لي جميع الأبواب، لكن على الأقل كنت آمل أن أجد بعض الفرص التي كانت تتناسب مع مؤهلاتي".
لقد عملت في الدار البيضاء مع مطور عقاري معروف محليًا، لكنه لم يكن يقدر المهارات والمؤهلات والشواهد. كان ينهج نهج مول الشكارة".
بعد ستة أشهر، استطاعت إشراق تحسين وضعيتها ووضع أسرتها الصغيرة، من خلال الانضمام إلى فريق متخصص في الهندسة المعمارية. وقامت بعد ذلك بإنشاء مشروعها الخاص مع صديقة لها. وتأسفت قائلة "لكن الطلبات التي عملنا عليها، سبق وتم تنفيذها سابقا، والأمر الذي لم يترك لنا مجالًا كبيرًا للإبداع".
وأدركت أنها بحاجة "للمضي قدما". في عام 2015، سافرت إلى دبي، من أجل الالتحاق بزوجها. وسرعان ما بدأت مشوارها العملي، داخل وكالة معمارية ألمانية. وتتذكر قائلة "كنت مسؤولة عن المشروع، وحظيت بثقة فورية" وأضافت أنها تفاجأت بحياتها الجديدة، على الرغم من تصوراتها الأولية عن منطقة الخليج.
وقالت "تلقيت عرض عمل في وكالة Dabbagh Architects، كنت معجبة بها كثيرا، حتى قبل مجيئي عندما كنت طالبة في الرباط" وأوضحت أنها كانت محظوظة لأنها عملت على مشاريع العمارة الثقافية، مما أعطى لها مساحة كبيرة للبحث.
وأضافت "كنت مصممة ومديرة مشروع متحف العين. شاركنا في مسابقة دولية، في منافسة مع وكالات عالمية كبيرة. كنا عبارة عن فريق صغير مكون من خمسة أشخاص، لذلك اعتقدنا أنه ليس لدينا فرصة للربح وسطهم. لكن في النهاية حصلنا على الجائزة الأولى". لكن في 2018 قررت إشراق إنهاء مشوارها في الهندسة المعمارية.
منذ ذلك الحين، انتقلت إلى الفن البصري "تم إطلاق دعوة للمشاركة في معرض كبير في مركز تاشكين في دبي. وتقدمت للمشاركة من خلال بعض التصميمات وتم اختيارها".
وتحكي إشراق أن هذا التغيير جاء بدون التخطيط مسبق "بالحظ أو بالصدفة، ولكنه جاء في الوقت المناسب تمامًا". وتم اختيار الشابة المغربية في وقت لاحق للمشاركة في مسابقة من أجل تصميم "حي دبي للتصميم". وقالت لغاية اليوم "لم أتوقع أنه سيتم اختياري".
وتواصل إشراق حاليا المشاركة في معارض جماعية في دبي، حيث أقامت منشآت وجدران فردية، كما قامت بإنشاء علامتها التجارية. وهي تعمل أيضًا على كتابين مصورين: أحدهما عن طفولتها، والآخر عن رؤية سكان دبي حول مدينتهم العالمية وتجاربهم المعيشية.