استطاع نسيم كريش من خلال رسوماته الإبداعية التي يعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي، أن يبرهن أنه لا فرق بينه وبين باقي الاشخاص.
قبل اكتشاف حبه للفرشاة واللوحة، دخل الرسام البالغ من العمر 24 عامًا في تحد مع مرضه، من خلال خوضه مجموعة من المغامرات.
عضويته في جمعية دعم ومساعدة الأشخاص المصابين بمتلازمة داون (AMSAT، سمحت له باكتشاف مواهبه المتعددة، وذلك بعد مشاركته في العديد من الدروس والأنشطة، التي تعلم خلالها فن الطبخ وركوب الخيل والسباحة.
لكنه الشاب الطموح وجد في البداية نفسه أكثر في السباحة. وتحكي شقيقته إحسان لموقع يابلادي أن "نسيم أحب السباحة وشارك في العديد من المسابقات، إحداها في إفران، فاز خلالها بميدالية ذهبية".
وفي 2015 شارك البطل المغربي في الأولمبياد الخاص بلوس أنجلوس ومثل وطنه أحسن تمثيل حيث أحرز الميدالية الذهبية أيضا.
فن الطبخ أيضا كان له نصيب ضمن اهتمامات نسيم، حيث شارك في برنامج تلفزي مخصص لذلك، وعمل لفترة مؤقتة في مطعم بمدينة الرباط. لكن رغم مروره بجميع هذه المحطات، وقع اختياره في النهاية على فن الرسم.
وقالت أخته إحسان، وهي التي تدير جميع أعماله إن "نسيم شغوف بالألوان" وأضافت "عندما كان طفلاً صغيراً كان يساعد أمي، التي تعمل في الطرز، في ترتيب الخيوط، كان يعشق ذلك".
في عام 2011، بدأ يأخذ دروسا في الرسم وبعد بضع محاولات، أصبح الأستاذ الذي كان يدرسه في ذلك الوقت مهتما كثيرا بلوحاته. وبفضل تشجيع أقربائه أيضا، زاد اهتمام نسيم بالرسم.
ومن خلال الجمعية التي ينتمي إليها، بدأ الرسام الموهوب يعرض أعماله في العديد من المرافق، من بينها المكتبة الوطنية في الرباط، كما تمكن أيضا من بيع مجموع من لوحاته الفنية.
نجاحه، أعطاه ثقة أكثر في نفسه وفي موهبته، وقرر أن يصبح فنانًا مستقلاً. لم يكن قراره سهلاً في البداية، لكنه أراد أن يسلك طريقا يمكنه من الاعتماد عل نفسه أكثر. وقالت إحسان "أن تصبح فنانًا مستقلاً وأنت من ذوي التثلث الصبغي ليس أمرًا سهلاً، لأنه لم يعد بمقدوره عرض أعماله كما كان يفعل مع الجمعية".
وأوضحت أن هذا الأمر جعله يشعر بخيبة أمل "وبدأ يسأل حول ما إذا كان أصدقاؤه يرون لوحاته وما إذا أعجبتهم لوحاته. في تلك المرحلة أدركت ما يمثله الرسم بالنسبة له".
وهكذا خطرت فكرة إنشائها حسابا على إنستغرام لأخيها الصغير، ورغم بساطة هذه الخطوة إلا أنها غيرت حياته وأصبح يشارك أعماله مع العالم.
ثقة نسيم في نفسه بدأت تزداد يوما بعد يوم بفضل التعاليق التي تشحنه بالطاقة الإيجابية. علما أن أخته هي التي تتولى تسييرحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي وتشارك منشوراته مع متتبعيه، نظرا لعدم قدرته على القراءة.
"أنا من يدير حسابه، لكن الأفكار، أفكاره هو، وأنا أطبقها، يخبرني ماذا يريد أن يكتب وأنا أقوم بذلك. يشعر بالسعادة حين يكتب شخصا ما تعليقا على منشوراته".
وترى إحسان أن قصة شقيقها "تمنح الأمل للآباء الذين لديهم أطفال مثله. الأشخاص ذوي التثلت الصبغي، هم أشخاص لديهم أحلام ويمكنهم تحقيقها".
أحلام وطموحات نسيم كبيرة ولا حدود لها، فبالإضافة إلى لوحاته الفنية، يحلم هذا الشاب بامتلاك مزرعة بعيدًا عن المدينة.