خلال طفولتها، كانت تحلم منى بدراسة الطب، وأن تتخصص في علم الأعصاب أو العمل مع جراحي الأعصاب. لكن بسبب عدم تمكنها من ولوج كلية الطب، اختارت الشابة المغربية متابعة مشوارها الدراسي في الهندسة الطبية الحيوية. وتشتغل حاليا رئيسة لمهندسي شركة Lazarus 3D، في هيوستن بتكساس.
ولدت هذه الشابة المغربية في 10 غشت 1992 في الدار البيضاء. وبعد حصولها على شهادة البكالوريا في علوم الحياة والأرض في 2010، انتقلت إلى الولايات المتحدة لمتابعة مسيرتها الدراسية. والتحقت بذلك بكلية ريتشلاند في دالاس بتكساس، ودرست هناك لمدة ثلاث سنوات قبل أن تتقدم إلى جامعة تكساس في دالاس للحصول على شهادتها الجامعية في الهندسة الطبية الحيوية.
وخلال حديثها مع موقع يابلادي قالت "الدراسة هنا مكلفة للغاية في كلية الطب. وبما أنني كنت أيضا أحب الهندسة وصنع الأشياء وإصلاح أجهزة الكمبيوتر. اخترت هذه الشعبة، التي كانت جديدة وسمحت لي بالعمل في المجال الطبي".
لكن رغم حصولها على شهادتها الجامعية، إلا أن عثورها على وظيفة في الولايات المتحدة لم يكن أمرا سهلا في البداية. وتتذكر ذلك قائلة "كان الأمر صعبًا بعض الشيء، خاصة وأن تأشيرة الطالب التي كنت أتوفر عليها كانت تسمح لي بالعمل لمدة ثلاث سنوات فقط وبشكل مؤقت".
إلا أنها تمكنت في الأخير من العثور على وظيفة في مركز أبحاث، كان يجري أبحاثًا صيدلانية للشركات التي ترغب في اختبار الأدوية على الحيوانات، واشتغلت به لمدة سنتين قبل انضمامها إلى شركة Lazarus 3D.
"لقد كانت أكثر تخصصًا، لأنها تقوم بعمل نماذج أولية للسماح للأطباء بإجراء عمليات بشكل مسبق قبل إجراء العمليات الجراحية الأكثر تعقيدًا. بالنسبة لمريض سرطان الكلى على سبيل المثال، يقدم لنا الطبيب تحليلات مختلفة للأشعة السينية ونحولها إلى عضو مطبوع ثلاثي الأبعاد".
وتابعت "يتعلم طلاب الطب الخياطة على الحيوانات خلال سنوات دراستهم وأحيانًا على الفاكهة، لتعلم كيفية عمل الغرز. الكثير من الناس يعتقد أن هذا الأمر يحصل فقط في المغرب، لكن نفس الشيء يحصل في جميع أنحاء العالم".
ومن هذا المنطلق، ربطت منى تروع والشركة التي تعمل بها اتصالاتها بالأساتذة والجراحين ليقدموا لهم عملاً عمليًا يتكيف مع الأعضاء ثلاثية الأبعاد القريبة تشريحياً من البشر. وقالت "قمت أيضا بإنشاء نموذج بشري للقيام بمحاكاة دقيقة لإجراءات الطوارئ التي تهدف إلى تجاوز الجهاز التنفسي لمريض لم يعد بإمكانه التنفس. إنها ليست الأولى من نوعها في العالم، لكن المادة قريبة جدًا من الجلد البشري، بنفس حجم الحلق وحتى الدم الاصطناعي من أجل التحفيز".
ومع تفشي وباء الفيروس التاجي الجديد في الولايات المتحدة، تكيفت الشركة مع الوضع، وهو ما جعل الشابة المغربية أمام تحديات جديدة.
منذ بداية هذه الأزمة، كانت الشركة مهتمة بتصنيع كمامات وأقنعة واقية. وقالت "بدأ الأطباء والجراحون يطلبون منا صنع أقنعة"، وهو ما قامت به الشركة، باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد. "وصلنا إلى 40000 قناع يوميًا وأصبحنا موردًا أساسيًا لمركز هيوستن الطبي، وهو أحد أكبر المستشفيات في الولايات المتحدة، قبل مساعدة مستشفيات أخرى أيضًا في نيويورك"، وتابعت "لقد وصلنا إلى 1.2 مليون من الإمدادات الطبية التي قمنا بتسليمها إلى المستشفيات".
وباسم منى تروع، قدمت شركة Lazarus 3D الأسبوع الماضي ترخيصًا مؤقتًا لصناعة قناع 100 ٪ذاتي التنظيف. وأوضحت أن تصنيع هذه المعدات يعتبر بمثابة تحد حقيقي لها.
وأعربت الشابة المغربية عن فخرها بكيفية إدارة المغرب للأزمة الصحية الحالية، وقالت "من المشجع أن نعلم أن المغرب ليس بحاجة إلى بلد آخر في هذه الظرفية. الولايات المتحدة لازالت تشتري الأقنعة لحد الآن. لذا عندما يلجأ المغرب إلى شبابه وصناعته، فلا يمكننا إلا أن نفخر بذلك".
لكن المهندسة المغربية، ترى أنه "لا يجب الوقوف عند هذا الحد". وأن الدولة من واجبها أن تدعم الشباب ومبادراتهم. وقالت "نحن بحاجة إلى تجهيز الجامعات بطابعات وبرامج ثلاثية الأبعاد وتشجيع أولئك الذين يرغبون في التعلم ". وأنهت حديثها قائلة "هناك عباقرة في المغرب يمكنهم أن يصلوا إلى أفضل مما وصلت إليه أنا، لكنهم بحاجة إلى الدعم".