أوضحت دراسة حديثة أجراها مجموعة من الباحثين المغاربة أن عدد الإصابات بفيروس كورنا المستجد في العديد من البلدان قد تكون مرتبطة بنوعية الفيروس وسرعة انتقاله، دون أن تكون لها علاقة بالضرورة بالإجراءات المطبقة لمكافحته.
وتحمل الدراسة عنوان "التحليل الجينومي على نطاق واسع لـ 3067 جينوم فيروس كورونا-سارس-2 يكشف عن توزيع جغرافي نسيلي واختلافات وراثية غنية لطفرات البؤر"، وتركز على جينوم فيروس كورونا-سارس-2، وذلك من أجل فهم الفيروس بشكل أفضل.
ومن أجل إنجاز هذه الدراسة، قام مجموعة من الباحثين المغاربة من جامعة محمد السادس في الرباط بجمع وتحليل 3067 جينوم فيروس كورونا-سارس-2، من 59 دولة خلال الأشهر الثلاثة الأولى التي تلت انتشار الفيروس. وأوضحت الدراسة أنه "باستخدام التحليل الجينومي المقارن، قمنا بتتبع ملامح الطفرات الجينومية الكاملة ومقارنة تواتر كل طفرة على الساكنة التي شملتها هذه الدراسة".
وكشفت المجموعة أن نتائج الدراسة التي تم نشرها على "بيوركسيف" وهو أرشيف متاح للوصول المفتوح للعلوم البيولوجي، كانت مدهشة، إذ أظهر التحليل الذي تم إنجازه أن "716 طفرة في الموقع، منها 457 (64٪) لها تأثير غير متشابه"، إذ يمكن أن يختلف تأثير الفيروس من بلد لآخر.
وأوضحت الدراسة أيضا أنه "في ظل الظروف الطبيعية، يؤدي التباين الجينومي إلى زيادة انتشار الفيروسات والأمراض" في إشارة من الباحثين إلى الدول، التي عرفت انتشارا سريعا للفيروس ما نتج عنه إصابات كثيرة، وربطوا ذلك بالطفرات المكتشفة.
وأضافت الدراسة أن "إسبانيا وإيطاليا والولايات المتحدة تحتوي على عدد كبير من الطفرات المحددة التي يمكن أن تكون سببًا في الانتقال السريع الذي عرفه الفيروس، خاصة في الولايات المتحدة". وأوضحت أن هذه "الطفرات المحددة يمكن أن تكون لها علاقة أيضا بالحالة الحرجة التي عرفتها إيطاليا وإسبانيا".
وتهدف الدراسة إلى فتح آفاق جديدة "لتحديد ما إذا كانت إحدى هذه الطفرات المتكررة تسبب اختلافات بيولوجية وإن كانت لها أيضا علاقة بمعدلات الوفيات المختلفة". وتوصل الباحثون المغاربة إلى عشر طفرات في ستة من جينات الفيروس بترددات عالية من الأليلات المتغيرة، وأبرزوا أن هناك "زيادة في تراكم الطفرات مع مرور الوقت".
وكشف هذا عن وجود ثلاثة فروع حيوية (هي عبارة عن زمرة تصنيفية (كما في حالة تصنيف الأحياء) تتألف من سلف مشترك common ancestor وحيد وكل ما يتفرع عنه من نسل descendants) رئيسية في مناطق جغرافية مختلفة.
وأضاف الباحثون أنه "وأخيرًا، سمحت لنا الدراسة بتحديد الأنماط الفردية (مجموعة من الجينات في عضية يتم توارثهم معاً من والد واحد) الخاصة بكل موقع جغرافي، وتوفر قائمة تحمل المواقع تحت ضغط انتقائي والتي يمكن أن تشكل أداة مثيرة للاهتمام من أجل إجراء دراسات مستقبلية".
ويتم تفسير معدل الطفرات بالتطور الفيروسي وتقلب الجينوم، مما يسمح للفيروسات بالهروب من مناعة الشخص المصاب، وكذلك الأدوية. وتشيرا النتائج الأولية للدراسة إلى أن فيروس كورونا-سارس-2 مستقر وراثيًا، مما قد يزيد من فعالية اللقاحات التي هي قيد التطوير. وهكذا، أثبتت دراسة التباين الجينومي لفيروس كورونا-سارس-2 أنها "مهمة لدراسة المرض وتطوره والوقاية والعلاج منه".
ويرى الباحثون المغاربة أن "هذه الطفرات الجديدة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تطوير لقاح، باستخدام متواليات البروتين ORF1ab كهدف علاجي ".