تتناقل وسائل إعلام تابعة لجبهة البوليساريو في الآونة الأخيرة أجزاء من تقرير أعده قسم الأبحاث بالبرلمان الألماني، بعنوان "جوانب القانون الدولي في نزاع الصحراء الغربية"، صدر في شهر مارس من سنة 2019، ولم ينتبه إليه آنذاك أي أحد.
ومن دون لغة دبلوماسية، تصف الوثيقة الألمانية الوجود المغربي في الصحراء بـ"الاحتلال"، وتستند إلى القرار 3437 الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1979، والذي دعا المغرب "لإنهاء احتلاله العسكري للصحراء الغربية والتفاوض مع جبهة البوليساريو بصفتها الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، حول شروط وقف إطلاق النار وطرق اجراء استفتاء لتقرير المصير".
ورغم أن هذا القرار يعتبر غير ملزم للمملكة إلى أن الحسن الثاني أعلن بمناسبة القمة 1981 لمنظمة الوحدة الإفريقية، في منروفيا بليبيريا قبول مبدأ الاستفتاء، لكن الأوضاع على الأرض لم تكن مساعدة على إجرائه. ففي سنة 2000، قرر الأمين العام الأممي السابق كوفي عنان، إيقاف مهما لجنة تحديد الناخبين المؤهلين للمشاركة في الاستفتاء، لكون أنه ومنذ بداية عملها في سنة 1993 وإلى حدود شهر دجنبر من سنة 1999، استطاعت الحسم في 2130 شخصا فقط يحق لهم التصويت، من بين قائمة ضمت 51220 طلبا.
وردت وكالة المغرب العربي للأنباء على تقرير قسم الأبحاث بالبرلمان الألماني، ووصفته بأنه "عملية تضليل حقيقية واسعة النطاق"، تحاول الجزائر "افتعالها في الأيام الأخيرة، بما أنها الوحيدة التي تعرف فعل ذلك، عبر اختلاق وثيقة تنسبها للبوندستاغ، جاعلة منها عقيدة ألمانية حول الصحراء المغربية".
وأضافت أنه "تم توضيب هذا الكمين الإعلامي الجديد من قبل "ويستيرن صحرا ريسورسيز واتش"، المركز الأمامي للجزائر العاصمة، الذي يقود انطلاقا من بروكسيل جميع عمليات الضغط السامة والدعاية المعادية للمغرب".
واتهمت الوكالة الرسمية المغربية نائبة ألمانية تدعى كاتيا كول "معروفة بمواقفها المساندة للطرح الانفصالي"، بالوقوف وراء صياغة الوثيقة، "قصد توظيفها في إعداد مقترح معادي للمغرب، والذي تم حذفه سريعا من مجال التداول بسبب طابعه التدليسي".
وبالإضافة إلى القرار 3437 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، تشير الوثيقة المكونة من 18 صفحة بشكل خاص إلى رأي المدعي العام لمحكمة العدل الأوروبية، ميلشيور واثيليت، بشأن الاتفاقات المبرمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي والتي تدمج مياه الصحراء الغربية، والرأي الاستشاري للسويدي هانز كوريل، المستشار القانوني السابق لبان كي مون، حول الموارد الطبيعية للإقليم الصادر سنة 2002.
وعندما أشار واضعوا التقرير إلى المشاريع التنموية التي قام بها المغرب في الإقليم، تعمدوا ذكر ذلك بكثير من التحفظ ونسبوها إلى "معلومات من الحكومة الألمانية".
ونقلت وسائل لإعلام التابعة لجبهة البوليساريو مقاطع التقرير التي تتحدث عن المغرب، وتجنبت الحديث عن الجزء المخصص لجبهة البوليساريو، إذا جاء في التقرير أن الاتحاد الإفريقي اعترف بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" في سنة 1984، وأن هذه "الجمهورية" المعلنة من جانب واحد لا تعترف بها "الأمم المتحدة"، ويوضح التقرير أن الدولة تفترض أرضا وشعبا وتنظيما سياسيا، وهو ما لا يتوفر في "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية".