لم تستطع لا حادثة السير التي قلبت حياة البلجيكي من أصل مغربي فؤاد بنيز رأسا على عقب، قبل عشرين عاما، ولا وباء كورونا أن يثنيه عن المضي قدما. فقبل أيام غادر المستشفى الجامعي بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، بعد أن قضى هناك عدة أيام بعد إصابته بفيروس كورونا المستجد.
وفي تصريح لموقع يابلادي من منزله الذي يقضي به فترة نقاهة، قال إنه نجا بأعجوبة من الفيروس الذي لم يتوصل العلماء لعلاج لع لحد الآن، وتابع "الله وحده من أنقذني". وكان بنيز البالغ من العمر 47 سنة، قد دخل إلى المستشفى بعد معاناته من ضيق حاد في التنفس، وشكل خبر إصابته صدمة لدى العديدين خصوصا وأنه يملك شهرة كبيرة في بلجيكا، وبعد تعافيه كان الفريق الطبي الذي أشرف على علاجه أول المحتفلين.
ويتذكر لحظات إصابته بالفيروس قائلا "في 15 مارس، شعرت بأعراض إنفلونزا بسيطة، وتوجهت إلى الصيدلية واشتريت بعض الأدوية". بعد ذلك بوقت قصير شعر فؤاد بنيز بالكثير من الألم، "عندما صعدت الدرج شعرت بضيق غير طبيعي في التنفس وبالإجهاد، كانت بضع خطوات في المنزل كافية لتجعلني أحس بتعب شديد، بعد ذلك بدأت أعاني من مشاكل تنفسية خطيرة، وهو ما جعلني أشك في إصابتي".
فكر فؤاد بنير في الاتصال بشقيقته التي تعمل في المستشفى الجامعي ببروكسيل، وتوجه إلى قسم المستعجلات وخضع لفحص طبي، وسمح له بعد ذلك بالعودة إلى المنزل بعد أن ظهرت نتائج تحليلاته سلبية، لكن الآلام لم تبارحه وهو ما جعله يصر على الخضوع لفحص ثان عن طريق الأنف "شرح لي الطبيب أن فعالية الفحص تصل نسبتها إلى 70 في المائة" وجاءت النتيجة سلبية.
لكن خلال فحص الفريق الطبي لرئة بنيز تبين أنه يعاني من مشاكل في الجهاز التنفسي، وأن مستوى الأكسجين في الدم أقل بـ90 في المائة من المعدل الطبيعي، وتم التأكد من إصابته بفيروس كورونا، وخضع للعلاج بالكلوروكين، والمضادات الحيوية، بالإضافة إلى خضوعه للتنفس الاصطناعي.
وبعد مرور 15 يوما على ولوجه المستشفى، أكدت التحليلات المخبرية أنه شفي من الفيروس، وهو ما جعل الأطباء يسمحون له بالعودة إلى منزله من أجل قضاء فترة نقاهة، رغم أنه سيواصل العلاج لمدة ثلاثة أشهر نتيجة للأضرار التي لحقت برئتيه.
قبل ظهور أعراض المرض عليه، كان فؤاد بنيز من بين من تطوعوا لتوفير الحاجات اليومية للأشخاص غير القاديرين على الخروج من منازلهم، وقبل ذلك كان في إسبانيا حيث ساهم في تأمين مباراة الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد التي لعبت أوائل مارس الماضي.
"عقد الاجتماع قبل المباراة دون احتياطات خاصة، لأن الوضع الصحي لم يكن يتطلب بعد اتخاذ تدابير الحجر في البلاد، علما أنه تم إعلان الحجر في البلاد بعد فترة وجيزة من ذلك".
وإضافة إلى إصابته بفيروس كورونا مر بنيز بتجربة صعبة أخرى في منتصف التسعينات، فعندما كان يتابع دراسته في الطب تعرض لحادث مروري خطير أجبره على لزوم البيت لثلاثة أشهر، إثر ذلك قرر ترك مقاعد الدراسة والالتحاق بمطعم والده، الذي يعتبر أول مطعم متخصص في الطبخ المغربي في العاصمة البلجيكية.
كان آنذاك عمره يبلغ 23 سنة، وكان يقسم وقته بين مساعدة والده في عمله، وبين ممارسة رياضة الكيغ بوكسينغ، وكان هذا الشغف بهذه الرياضية القتالية يتقاسمه مع أحد أصدقائه، الذي كان يعمل ضمن فريق للأمن الخاص بشركة خاصة. في أحد الأيام كان جان جاك غولدمان يستعد لإقامة حفلة موسيقية في بروكسل، وتلقى فؤاد بنيز عرضا من صديقه، حيث طلب منه العمل مكانه ذلك المساء.
ويتذكر فؤاد ذلك قائلا "لم يسبق لي أن عملت في الميدان، لكنني قبلت بالعرض. بعد انتهاء الحفل مباشرة، عرض علي مدير الشركة الانضمام إلى الفريق". حينها بدأت مسيرة فؤاد الجديدة، وبدأ بمرافقة جولات الفنانين وحتى البطولات الرياضية.
ومنذ ذلك الحين، أصبح فؤاد بنيز المسؤول عن توفير الأمن لمنتخب فرنسا لكرة القدم خلال كأس العالم 1998. ليحصل بعدها في 2003 على دبلوم الحارس الشخصي، وهي الشهادة التي فتحت له الأبواب للاشتغال كحارس شخصي، لكريستيانو رونالدو، وليونيل ميسي، وبيف ديدي، وكاني ويست، ومايك تايسون وزين الدين زيدان.
كما تم استدعاء فؤاد بنيز إلى المغرب في عدة مناسبات. وانضم إلى اللجنة الأولمبية المغربية التي شاركت في الألعاب الأولمبية بأثينا حيث كان مسؤولاً عن أمن هشام الكروج. لتنهال عليه العروض من عالم كرة القدم، بين الكلاسيكو ومباريات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وكذلك تأمين منتخب بلجيكا والمنتخب المغربي خلال منافسات كأس العالم لسنوات 2006 و2014 و2018.
وبعد اكتسابه خبرات عديدة، قرر فؤاد بنيز فتح وكالته الخاصة، وأطلق عليها اسم Easyevents، وبالإضافة إلى الخدمات الأمنية، فإن شركته تقدم عروضا لأولئك الذين يرغبون في إحياء الحفلات الموسيقية أو اللقاءات.
لكن بالنسبة لفؤاد بنيز، فإن من أهم مراحل مشواره المهني، تبقى مشاركته في تعزيز فريق الحراس الشخصيين بالمجان، خلال زيارة رسمية للملك محمد السادس لباريس عام 1999.
وبالموازاة مع عمله، انخرط فؤاد أيضا في العمل الجمعوي، إذ يشارك كل عام في مساعدة اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين في بلجيكا، وذلك من خلال توزيع المواد الغذائية.
وبعد شفائه من الفيروس التاجي، أدرك فؤاد بنيز أنه كان محظوظا، لكن لازال يساوره القلق بشأن عدد ضحايا هذا الوباء، موضحا أن أغلبهم ينتمون إلى الطبقة المهاجرة. وأوضح قائلا "أتذكر عندما كنت في غرفة الانتظار، معظم الأشخاص الذين جاؤوا للاستشارة الطبية، إثر إحساسهم بأعراض مشابهة لأعراض كوفيد 19 كانوا مغاربة أو على العموم من المغرب العربي".