لم يعد بإمكان ممتهني العديد من الاعمال الحرة مزاولة أعمالهم، منذ فرض وزارة الداخلية حالة الطوارئ الصحية يوم الجمعة الماضي لإبقاء فيروس كورونا تحت السيطرة، حيث وجدوا أنفسهم ملزمين بالبقاء في منازلهم، ما جعلهم يفقدون مورد رزقهم الوحيد.
وفي تصريح لموقع يابلادي، قال بوجمعة، وهو رجل في الخمسينات من عمره يشتغل حمالا بواسطة عربة للجر، "كنت أشتغل حمالا، في الصباح بالأسواق، وفي المساء أقف أمام المحطات لكي أوصل أمتعة المسافرين، الذين يسكنون بالقرب من المحطة، مقابل ثمن زهيد لكن كنت أعيش به" وتابع حديثه وهو يجهش في البكاء "الآن لا أملك درهما واحدا في جيبي، ولم آكل شيئا منذ الصباح. لا أعلم ماذا سأفعل وكيف يمكنني أن أعيش وإلى متى سيستمر الوضع على هذا الحال".
من جانبها، قالت فتاة تشتغل في محل للخياطة بمدينة تازة تدعى منى، وجدت نفسها هي الأخرى بلا عمل إن "صاحبة المحل التي أشتغل عندها أقفلت محلها يوم الأربعاء الماضي، وأخذت معها إلى المنزل آلة الخياطة لإكمال الطلبات القديمة، لكن أنا أشتغل باليد فقط، أحضرت معي فقط قطعة واحدة لكن لم أستطع إكمالها نظرا لنفاذ الخيط وبعض أدوات التزيين التي أشتغل بها، ولم أتمكن من شرائها لأن المحلات المخصصة لبيع ذلك، هي أيضا مغلقة".
وحتى لو لم تكن مغلقة، تؤكد منى أنها لم تعد تتلقى أية طلبات "بل حتى أنني تلقيت اتصالات من بعض السيدات التي يقبلن على الزواج وتحضرن لزفافهن، أخبروني أنهن لم يعدن يردن أي شيء لأنه تم إلغاء زفافهن" وأضافت "الآن لا أملك مدخولا يوميا كما كان الحال في السابق ولا أعلم ماذا سأفعل، كنت أساعد أهلي في حاجيات البيت والكراء، لكن الآن ليس في مقدوري ذلك".
قرار إغلاق المحل كان إلزاميا أيضا بالنسبة لصاحبة المحل التي قالت بدورها في تصريح لموقع يابلادي "القرار خارج عن إرادتنا جميعا. لم أعد أتوصل بأي طلبات من الزبائن، لذلك لم أعد أضمن أي مدخول لا لتسديد أجر العمال ولا لأداء واجب الكراء. أحاول الآن فقط الانتهاء من بعض الطلبات التي توصلت بها قبل هذه الازمة".
من جانبه قال محمد وهو رجل في الخمسينات من عمره، يعمل في محل للحلاقة إن "مالك الصالون اضطر لإغلاق المحل قبل أسبوع، تنفيذا لقرار السلطات وأيضا بسبب انخفاض عدد الزبائن". وأوضح نفسه أنه ملزم بدفع إيجار البيت، إلا أن صاحب المحل لم يسدد له راتبه هذا الشهر وقال "في العادة لم يكن لدي راتب قار، كنا فقط أنا وصاحب المحل نتقاسم المدخول الذي نتحصل عليه في الشهر. كما أنني لست مسجلا في الضمان الاجتماعي".
من جانبه، قال لحسن وهو سمكري "توقفت عن العمل منذ فترة، أولا لأنني أريد حماية عائلتي وأيضًا لعدم وجود طلبات، أصبح الزبناء في الغالب يخافون منا، مما يجعل من الصعب أن نتلقى طلبات. وبما أنني لا أعمل في شركة، فإذا لم أخرج وأبحث بنفسي على عمل فلن أحصل على المال بهذه البساطة".
"بما أنني لا أعمل لصالح أية شركة، فأنا لست مسجلا بالضمان الاجتماعي، لذلك عندما أضطر للخروج لشراء مستلزمات البيت، أفكر مرتين قبل القيام بذلك، لأنه لدي مبلغ محدود. علاوة على ذلك أنا أعيش في منطقة تقع في ضواحي الدار البيضاء ومنازلنا غير مزودة بالمياه، لذلك نضطر للذهاب إلى إحدى السقايات من أجل الحصول على الماء".
ومن جهته، قال سائق سيارة أجرة من مدينة الدار البيضاء، يدعى محمد متقي، "شخصيا توقفت عن العمل ولكني أتفهم أولئك الذين لا يزالون يعملون لأنه ليس أمامهم خيار آخر".
وأوضح قائلا "هناك أشخاص لا يستطيعون ضمان قوت يومهم، كما أن تكلفة إيجار سيارة الأجرة مرتفعة، وليس لديهم أي مدخول آخر لتسديدها أسبوعيًا أو شهريًا، لذلك يجد بعض سائقي سيارات الأجرة أنفسهم مجبرين على الاشتغال. قرار مواصلتهم العمل رغم هذه الظروف هو إجباري وليس اختياري".
ورغم ذلك يضيف متقي، أن غالبية سائقي سيارات الأجرة توقفوا عن العمل، لأنه "لا يوجد أشخاص في الشارع أصلا" مشيرا إلى أن "الحد الأقصى المحدد في ثلاثة مقاعد الذي فرض على سيارات الأجرة الكبيرة ليس كافياً، لأنه للأسف لا يغطي أية تكاليف، بل حتى تكلفة الوقود". وأنهى حديثه قائلا "جميعنا نرغب في المكوث في البيت، وألا يخرج أحد منا لكن الظروف الاجتماعية فوق طاقة الجميع".
ويرى زميله محمد الحراق، عضو نقابة سائقي سيارة الأجرة (التابعة للاتحاد الديمقراطي للعمل) "أن المصلحة العامة لها الأسبقية وقال "توقفت عن العمل لأنها حالة طوارئ ولا يوجد في بلادنا الوسائل الصحية الكافية للتعامل مع هذا الوباء".
أما بالنسبة لمبالغ الإيجار التي يجب على سائقي سيارات الأجرة دفعها لأصحاب الرخص، دعا الحراق إلى واجب التضامن من طرف مالكي الرخص والأخذ بعين الاعتبار هذا الوضع الصعب وقال "من الطبيعي أن يتوقف السائقون عن دفع مبالغ الإيجار هذه لأنهم لا يستطيعون تحملها" مشيرا إلى أن بعضهم "بدأ يتفهم الوضع بالفعل".