وفي أولى زياراته الرسمية للخارج، اختار الرئيس التونسي أن يكون المغرب أولى محطاته، وبوصوله لمدينة الرباط يوم الأربعاء، يكون رئيس الجمهورية التونسية قد دشن بداية جولته التي ستشمل كل دول المغرب العربي، إذ بعد هذه الزيارة التي يقوم بها في هذه الأيام للمغرب سيقوم بزيارة الجارة الجزائر وليبيا وبعد ذلك موريتانيا.
رابط دموي
وقال الرئيس التونسي أنه يعتبر نفسه في بلده وهو فوق التراب المغربي، وقال :" إن المغرب بالنسبة لي هو بلدي الثاني"، وأضاف في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء أنه قضى عدة سنوات في المغرب وحصل فيه على شهادة الباكالوريا بمدينة طنجة سنة 1964، وأن والده قد حصل على الجنسية المغربية في عهد الحسن الثاني ، وقال:" والدي عاش وعمل في المغرب لما يزيد عن ثلاثة وثلاثين سنة حتى دفن فيه٬ ونصف عائلتي مغربية٬ أي أن ثلاثة من إخواني غير الأشقاء مغاربة و يعيشون في هذا البلد٬ ولهذا فزيارتي يغلب عليها طابع زيارة حميمية جدا".
إرادة سياسية قوية...
ويبقى إتحاد المغرب العربي في صلب هذه الزيارة التي يقوم بها الرئيس التونسي منصف المرزوقي، إذ يرى الرئيس من جهته أن هذه الزيارة من شأنها أن تحيي العلاقات الدبلوماسية بين البلدان الشقيقين ويتمنى بأن تكون هذه السنة سنة "إتحاد المغرب الغربي"، وقال بأن "هذه الزيارة ذات أهمية بالغة بالنسبة لتونس ولهذا سنعمل من أجل أن تكون هذه هي سنة إعادة اللحمة بيننا وبين أشقائنا في الجزائر والمغرب وليبيا وموريتانيا٬ وذلك من أجل إعادة إحياء الحلم الكبير المتمثل في إتحاد المغرب العربي٬ الذي تم تجميده منذ سنوات عديدة".
لكن لا يجب التفاؤل كثيرا...
وحسب المحلل السياسي محمد ضريف، فإنه إذا كان صحيحا أن الرئيس التونسي مستعد للتضحية بالغالي والنفيس من أجل إحياء إتحاد المغرب العربي، يجب أخذ الأمور بواقعية كبيرة، وقال ليابلادي:" أولا، الرئيس الحالي لجمهورية تونس هو رئيس مؤقت، ويحب أن نأخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار وأعتقد أنه يجب أن ننتظر الانتخابات الرئاسية في تونس لكي نتكلم عن مؤهلات المرزوقي"، وأضاف:" إن طبيعة النظام السياسي التونسي يستدعي إعادة النظر، فنحن نتوجه صوب نظام سياسي برلماني والرئيس التونسي لا يتمتع بالصلاحيات التي تمكنه من اتخاذ القرارات ... فرئيس الوزراء هو الذي يجب تكون لديه السلطة، لكي يهتم بمثل هذه القضايا".
كل شيء يعتمد على الجزائر
قال المحلل السياسي محمد ضريف بأن المشكل المتعلق بالإتحاد المغاربي لا يتوقف على إرادة دولة واحدة، ويرى بأنه يجب على الدول الأخرى عامة والجزائر على الخصوص أن تبدي نفس الالتزام، وقال:" إن الرئيس التونسي المرزوقي يفكر في إتحاد مغاربي مكون من خمسة دول مع استثناء دولة الصحراء الوهمية لكن الواقع السياسي يقتضي حل المشكل المتعلق بقضية الصحراء والذي يجمع بين المغرب والجزائر، وسيكون من الصعب الحديث عن اتحاد فعلي بين هذه البلدان في غياب هذا الحل".
وبالرغم من كون وزير الشؤون الخارجية المغربي، السيد سعد الدين العثماني، قد قام مؤخرا بأول زيارة رسمية له للجزائر منذ أن تم تعيينه لهذا المنصب وبالرغم من كون الحكومة المغربية قد أبدت رغبتها في التقرب أكثر من الجارة الجزائر، فإن المحلل السياسي محمد ضريف لديه بعض التحفظات، حيث ختم قائلا بأنه "يجب اعتماد سياسة واقعية لأن إعادة إحياء إتحاد المغرب العربي تعتمد على إرادة الجزائر أكثر مما تعتمد على إرادة الرئيس التونسي".
وللتذكير فالجزائر قد اعترضت مؤخرا على فتح الحدود المؤقت أمام طواف المغرب للدراجات، و قامت باتخاذ هذا القرار أثناء زيارة العثماني للجزائر كما تأكد ذلك خلال زيارة مجموعة من المستثمرين الجزائريين، الراغبين في خلق شراكات تجارية مع نظرائهم المغاربة، لمدينة فاس، ويبدو أن الفاعلين الاقتصاديين في البلدين معا يرغبون في إقامة مبادلات تجارية بالرغم من أن مشكل الحدود لم يتم حله بعد، مما يضيع ربحا كبيرا على البلدين اللذين يتوفران على إمكانات هائلة.