بعد إثارتها ضجة في نونبر الماضي، إثر نشرها تصريحات لمواطنة مغربية تنعت الافارقة المنحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء بـ "الصراصير"، عادت جريدة الصباح لتكرر الامر نفسه لكن بطريقة مختلفة، بعد نشرها في عدد اليوم الثلاثاء 28 يناير 2020 مقالا تحت عنوان "أفارقة يغزون قناطر البيضاء" مشبع بعبارات عنصرية ومعادية للأجانب.
واستهلت الجريدة مقالها قائلة "توهم الجميع أن الافارقة المقيمين بطريقة غير شرعية، بمحيط المحطة الطرقية أولاد زيان بالبيضاء، انتهى أمرهم بعد احتراق مخيمهم بكامله، لدرجة أن سكان المنطقة رفعوا أيديهم حمدا وشكرا لله واعتقدوا أن معاناتهم وجدت طريقها أخيرا إلى الحل" مشيرة إلى أنهم قاموا بعد ذلك باحتلال "عدد من المرافق" أهمهما قنطرة ولاد زيان التي "تحولت إلى "وكر لترويج المخدرات بكل أنواعها".
وليست هاته المرة الأولى التي تتحدث فيها الجريدة ذاتها عن المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، بهذه الطريقة وتتهمم بملء شوارع الدار البيضاء، فقبل شهرين، نشرت مقالا آخرا يحمل عنوان "متسولون أفارقة يغرقون البيضاء"، نقلت فيه تصريحات لمواطنة مغربية، مليئة بالعنصرية والكراهية.
وفي حديثة مع يابلادي قال مهدي عليوة، المتخصص في علم اجتماع والهجرة والعضو في مجموعة مناهضة العنصرية لمواكبة والدفاع عن الأجانب "GADEM" إنه "هناك خلل ما في هذه الجريدة، التي تتعامل بطريقة عنصرية وللأسف ليست هناك ردود أفعال. إنها تحاول بأي طريقة البحث عن أسوأ ما في نفوس المغاربة وتزيد الطين بلة".
وأضاف "نحن على دراية بالمشاكل التي قد تنشأ عن وصول عدد من المهاجرين، لكن التقاليد الإسلامية والمغربية تشجعنا على حل هذه المشكلات من خلال الضيافة والصبر" في حين أن هذه الجريدة تتحدث فقط عن "نفاد الصبر والإساءات اللفظية".
وأعرب عليوة عن أسفه لعدم وجود قوانين تدين الخطابات والأفعال العنصرية وقال "انطلاقًا من روح الدستور المغربي، فإن العنصرية وكراهية الأجانب، أفعال خارجة عن القانون. لكن في الواقع، لا توجد قوانين تسمح بمقاضاة شخص ما بسبب تصريحات من هذا النوع"، وأضاف "لو كان الامر كذلك، لتمت إدانة هذه الجريدة، بسبب تحريضها على الكراهية والعنصرية لأنها نقلت تعليقات دون قراءة نقدية لها".
"يمكن لهذا الأمر أن يدفع البعض إلى ارتكاب جرائم...، يجب على السلطات أن تصبح أكثر صرامة مع مثل هاته التصرفات، التي تتعارض مع قانون الصحافة والأخلاق ومصالح الأمة المغربية ".
كما حذر أيضًا من تأثير هذا النوع من التغطية الإعلامية على التعايش في المجتمع المغربي وقال "في البلدان الديمقراطية، هناك قوانين تجرم مثل هاته الأمور". وتابع حديثه قائلا بمجرد أن "ننتهي من المهاجرين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء الذين يُفترض أنهم يمثلون مشكلة للمجتمع المغربي، سننتقل إلى حالات أخرى وسنمنح في كل مرة الكلمة للحاقدين. مجتمعنا متعدد الأعراق، والسماح بنقل مثل هاته العبارات أمر خطير".
من جانبه أوضح محمد السلهامي، رئيس لجنة أخلاقيات المهنة والقضايا التأديبية، في المجلس الوطني للصحافة، أن "المجلس يمكنه أن يتدخل في مثل هذه القضايا التي تدخل ضمن أخلاقيات المهنة" ومع ذلك "في أغلب الأحيان تتعامل اللجنة مع الشكايات، لذلك يتعين على المتضررين تقديم شكاية حول هذا الموضوع، لكي تقول اللجنة كلمتها".
فيما قالت لوكاكي أيمي رئيسة الجالية الكنغولية في المغرب "يجب أن تشارك وسائل الإعلام في رفع مستوى الوعي العام"، مشيرة في هذا السياق إلى أنه "يجب توضيح الامر للناس، وتوعيتهم بأننا جميعًا بشر، بغض النظر عن لون البشرة: نموت ونأكل ونمرض ونتزوج جميعًا بالطريقة نفسها" وأوضحت أن "العنصرية موجودة في كل مكان، لكن الناس بحاجة للتعلم على فهم الآخر".