ولد عبد الحميد الغرباوي سنة 1968 بمدينة مولينبيك البلجيكية، وهو المكان الذي نمت فيه موهبته في الرقص والغناء خلال مرحلة طفولته سواء بين أطفال حيه أو في المدرسة، وهو الآن يفتخر بأن "أول مغني راب فرنسي هو مغربي".
وفي حديثه لموقع يابلادي قال عبد الحميد الذي تربى وسط ثمانية إخوة من أب كان يشتغل عاملا بالديار البلجيكية وأم ربة بيت، إن عشقه للفن بدأ مع مايكل جاكسون وجيمس براون ليزداد بعدها مع مغني الراب الأمريكي إمسي هامر "بحسب ما أتذكر، كنت دائماً أحفظ الأغاني عن ظهر قلب، وأرقص في المنزل وفي الحي، أو مع أصدقاء المدرسة، لأن هذا أكثر شيء كان يهمني".
كما كان لإخوانه الكبار في مرحلة طفولته، تأثير على اختياراته الموسيقية، من موسيقى السول إلى الفانك وهو نوع من الموسيقى الأفرو-أمريكية، ثم موسيقى الديسكو، ليكبر عشقه للموسيقى ويقرر ترك الدراسة التي كانت تشعره بـ "الملل" وقال "أقنعت والداي بترك المدرسة، ووافقوا بشرط أن أجد عملا"، وهو ما حصل بالفعل إذ بدأ الاشتغال في مصنع للشوكولاته.
"كنت أشعر بالرضا، لأنني أصبحت وقتها قادرا على مساعدة والداي، بإعطاء نصف مدخولي الشهري لهم، فيما النصف الآخر كنت أصرفه أثناء الخرجات التي كنت أقوم بها مع أصدقائي وأيضا لدخول نوادي موسيقى دي جي التي كانت تجذب اهتمامي أكثر".
ولم يكن عبد الحميد يرتاد هذه النوادي كمتفرج فقط، بل كان في كل مرة ينتهز الفرصة للصعود على خشبة المسرح، وإظهار موهبته في الرقص وغناء الراب أمام الملأ، ليتلقى بعدها عرضا للتقدم إلى أحد تجارب الأداء، التي كان يشرف على تنظيمها مدير إحدى المحطات الإذاعية ميشيل برونيلي والمنتج أوليفيي فورهيجين، ليتم اختياره دون تردد.
وبدأ المغني المغربي "بيني بي" يقوم بكتابة أغانيه بنفسه منذ سنة 1985، ليتمكن بعدها من تحقيق حلم طفولته وإصدار أغنية له مع صديق طفولته الملقب بـ "بيرفيكت" بالإضافة إلى "دي جي دادي ك"، ويتذكر عبد الحميد تلك اللحظات قائلا "قمنا بإصدار الاغنية سنة 1989، لكن بدون غلاف، كتبنا عليها فقط عبارة "لكنكم حمقى" على خلفية سوداء"، لتجتاح الاغنية حينها المحطات الاذاعية البلجيكية والفرنسية، كما تم استقبال المغني المغربي في عدة برامج تلفزيونية فرنسية، ضمنها برنامج "دعوة" الذي كان يقدمه جاك مارتن، كما تمت استضافته هو وأعضاء الفرقة في مجموعة من القنوات الفرنسية الأخرى.
وبفضل هذا النجاح الذي حصدته هذه الاغنية، قام أعضاء الفرقة بتصويره، وبعدها تصوير أغنية أخرى تحمل عنوان "ماذا سنفعل الآن"، وهي أول أغنية راب فرنسية تحظى بجولة في الولايات المتحدة الامريكية.
ويحكي عبد الحميد بكل فخر، أنه كان أول مغني يقوم بإضفاء شكل جديد على عروض موسيقى الراب، عن طريق الاستعانة براقصين خلال عروضه وأيضا اختيار ملابس تليق أكثر بها "في ذلك الوقت، أحس مغنو الراب الفرنسيين الآخرين أنه تم تجاوزهم، لأنهم كانوا يكتفون بالغناء فقط بدون خلق جو في العرض".
"كنا نقوم بثلاث عروض في اليوم تقريبا، إلى جانب تلبيتنا الدعوة للحضور في برامح إذاعية وتلفزيونية، لكن بعد ثلاث سنوات وتحديدا في سنة 1993، قررنا الانفصال عن بعضنا كثلاثي، لأننا لم نرغب وقتها في الوصول إلى تلك المرحلة التي سيمل فيها منا جمهورنا".
ليعود بعدها عبد الحميد إلى حياته الطبيعية، بعيدا عن أضواء الشهرة وقال "استغرق الأمر مني وقتا طويلًا لتقرير ما إذا كنت سأستمر في الغناء أم لا، ولم أصعد على أي خشبة مسرح لعدة سنوات" وأضاق "قررت تأسيس أسرة وتخصيصي وقت لها"، وهو القرار الذي لم يندم على اتخاذه، ليرزق بعدها بطفلين.
وبعد طيه هذه الصفحة من كتاب حياته، بدأ عبد الحميد الاشتغال كمدير داخل شركة طيران، إلا أن حب ووفاء جمهوره له، دفعهم إلى البحث عن فنانهم المفضل، ليتم استدعاؤه بعدها في عدة برامج لإجراء بعض المقابلات وقال "وجدت حبي الأول للمرة الثانية بعدما حرصت على إعطاء أطفالي الأدوات اللازمة للمضي قدما في حياتهم بنفسهم".
وقام عبد الحميد بتنظيم أول جولة له بعد عودته إلى الساحة الفنية، في سنة 2005، ليلتقي بعدها بعد غياب طويل مع جمهوره الذي ردد أغانيه بكل حب، كما أنه لم يغب عنهم قط، وبعدها قام بجولة ثانية سنة 2011، ثم جولة أخرى سنة 2018. وأوضح المغني المغربي أنه لا يخطط لتحضير أي ألبوم له في الوقت الراهن، لكنه سيقوم بتنظيم جولات فنية، كما قام بنشر بعض الأغاني على موقع اليوتويب.
كما يحكي عبد الحميد أنه لم يتصور أن لديه جمهور مغربي بقدر ما لديه في فرنسا وبلجيكا، إذ تفاجأ خلال مشاركته في أول حفل له بالمغرب سنة 1996 بملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، وأضاف "قمت بجولة في مراكش، وطنجة مسقط رأسي، وسلا، والرباط، والدار البيضاء، وكنت في كل مرة أتفاجأ عندما يتعرف علي الجمهور المغربي، وظلت هذه الذكرى جزء من مسيرتي المهنية، والأكثر من هذا أنني أفتخر أن أول مغني راب فرنسي هو مغربي وأن الأقراص الذهبية التي تم الحصول عليها في الراب الفرنسي هي أيضا من نصيب المغرب أيضا".
كما أتيحت لعبد الحميد فرصة للالتقاء بجمهور من نوع خاص، حيث كان في سنة 2013 على موعد مع أطفال إحدى دور الايتام، كما قدم عرضا آخر داخل إحدى المؤسسات السجنية.
وفي نهاية هذه السنة، سيقوم عبد الحميد بتقديم حفل، في إطار الجولة الفنية "ستار 90" في فرنسا وأنهى حديثه قائلا " سوف أعيش ما عشته تماما قبل ثلاثين سنة، سوف أرقص على الخشبة وأنا أغني وهذا شعور رائع".