انتقدت جمعيات حقوقية، الخلاصات التي خرج بها المجلس الوطني لحقوق الانسان بعد زيارة لجنة تابعة له السجون التي وزع عليها معتقلو حراك الريف، الذين اتخذت في حقهم إجراءات تأديبية قبل أيام على خلفية الشريط الصوتي لناصر الزفزافي.
ففي تصريح لموقع يابلادي قال عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، "نحن غير مقتنعين بخلاصات اللجنة، لو أننا ساهمنا في تأسيس الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لن نجد نفسنا اليوم أمام لجنة فاقدة للمصداقة إلى حد ما".
وأضاف "لو كنا نتوفر على هذه الآلية، لن نجد أنفسنا أمام مجموعة من الأمور لأن هذه الآلية محكومة بمجموعة من الشروط والإجراءات التي تؤطرها الاتفاقيات الدولية".
بدوره قال إدريس السدراوي، رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان ليابلادي، إن "تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان يحتاج إلى ملاءمته مع المعايير الدولية لحقوق الانسان وإلى إشراك بعض الجمعيات الحقوقية في تلك الزيارة، حتى يكون هناك جانب من الموضوعية، لأن المجلس يبقى مؤسسة تابعة للدولة، وتقاريره تحاول أن تكون ملائمة وأكثر اعتدالا".
فيما تساءل عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان في تصريح ليابلادي عن "مرجعية المجلس في كتابة تقريره"، وتابع أن المجلس "اعتمد على قانون السجون فقط، في حين المطلوب من مؤسسة تهتم بحقوق الانسان أن تكون مرجعيتها هي المرجعية الدولية، والمتمثلة في قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء المعروفة بقوانين نلسون مانديلا".
السجن الانفرادي يعتبر تعذيبا
وفي خلاصاته قال المجلس الوطني لحقوق الانسان إنه تأكد من خلال المعلومات التي قام بتجميعها من "وقوع مشادات بالفعل بين حراس السجن واثنين من المعتقلين، أسفرت عن بعض الكدمات بالنسبة للمعتقلين الاثنين وشهادات توقف عن العمل بالنسبة للحراس، وأنه لم يتم ملاحظة أي أثر للتعذيب في حق المعتقلين".
وفي تعليقه قال تشيكيطو "الكدمات تعني وجود ضرب في حق المعتقلين أي وجود عنف في حقهم، أي أن هناك تعذيب"، وتابع "المادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب، تعرف التعذيب على أنه أي عمل ينتج عنه ألم جسدي أو عقلي".
فيما قال السدراوي إنه "في ملاحظات لجنة المجلس الوطني لحقوق الانسان تم التغاضي عن التقارير الدولية لحقوق الانسان، والمطلوب هو أن يستلهم المجلس تقاريره من التقارير الدولية، علما أنه جاء في تقرير لخوان مانديز المقررالأممي السابق حول التعذيب، أن السجن الانفرادي أكثر من 20 يوم هو بمثابة تعذيب، وبالتالي التعذيب ثابت في هذه النازلة، لأن السجن الانفرادي تجاوز 40 يوم".
ورأى عزيز غالي أن المجلس الوطني لحقوق الانسان كان عليه أن يدين "عقوبة 45 يوما من الكاشو، كان عليه مقارنة الاتفاقيات الدولية بالقوانين المغربية".
وأضاف "شيء جيد أن يتفاعل المجلس فيما يتعلق بالحديث عن التعذيب، لكن لماذا لم يتفاعل مع حديث المعتقلين عن التعذيب أثناء محاكمتهم، ولماذا لم ينشر تقريره بخصوص زيارات أطبائه للمعتقلين"، وتساءل "كيف يعقل الحديث عن وجود كدمات، ونفي وجود تعذيب، لا يمكن أن نضع للتعذيب درجات، كما أن المجلس لم يتحدث عن التعذيب النفسي، علما أنه في أوروبا يعتبرون الكاشو تعذيبا".
وأضاف "المجلس يتحدث عن معتقلين اثنين دخلا في مشادات، فلماذا تمت معاقبة باقي المعتقلين؟ نحن في منطق العقاب الجماعي". وقال إن "المواثيق الدولية تتحدث عن التعذيب وتقرنه بالمعاملة القاسية، وهي موضوعة في نفس مستوى التعذيب".
الزنازين الانفرادية
وكان المجلس الوطني لحقوق الانسان قد أكد أنه وقف خلال زيارة سجني تولال 2 وعين عائشة، "على الظروف المزرية للزنزانات التأديبية؛ التي لا تتوفر فيها الإنارة والتهوية، بشكل لا يحترم مقتضيات المقتضى 31 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء".
وفي تعليقه على وضعية الزنازين الانفرادية قال رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان "يمكن أن نحسب لوفد المجلس الوطني فضحه ادعاءات جاء على لسان المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، قال فيها إن الزنازين الانفرادية تتوفر فيها كافة الشروط".
بدوره قال رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان "بلاغ المجلس فيه جوانب إيجابية وهي على رؤوس الأصابع، مثل تكذيب الرواية الرسيمة للمندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، حول ظروف السجن وعدم وجود أي إيذاء جسدي لمعتقلي الريف".
وأَضاف أن الأمر لا يقتصر على الزنازين الانفرادية بل إن "الزنازين العادية تتسم بالضيق والاكتظاظ وعدم وجود المعايير الدنيا للسلامة والوقاية في السجون المغربية بصفة عامة".
وزاد قائلا "أنا أتكلم بصفتي كحقوقي ومعتقل سابق، آلية الضبط داخل السجون تعتمد على العنف والقوة، كما أنه لا زال يوجد ليومنا هذا ما يعرف بـ"التعلاق" وهو نوع من أنواع التعذيب الذي يمارس في مختلف السجون. نحن نتكلم عن سجناء حراك الريف المسلطة عليهم الأضواء، أما سجناء الرأي العام فيتعرضون لانتهاكات كبيرة وكبيرة جدا، وبالتالي يجب التركيز على السجون المغربية في العمل الحقوقي".
فيما قال رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان "نحن نؤكد أن الكاشو في المغرب لا يستجيب للمعايير، والمندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج كان دائما ينفي ذلك، في حين تقرير المجلس الذي هو مؤسسة دستورية أبان أنه يكذب".
وتساءل "لماذا المجلس لم يعلق على ادعاءات الزفزافي بتعرضه للتعذيب، المجلس تكلم عن كل شيء، ولم يتكلم عن أصل المشكل، الزفزافي في تصريحه قال إنه تعرض للتعذيب، والمجلس يجب أن يعطي موقفا بهذا الخصوص. أصل المشكل هو هذا، ويجب فتح تحقيق في تصريحات الزفزافي، لا يمكن تغطية الشمس بالغربال".