أصدرت جماعة العدل والإحسان، بعد اجتماع مجلسها القطري، في دورته 23 تقريرا يرصد "الأحداث والوقائع التي طبعت سنة كاملة من نونبر 2018 إلى أكتوبر 2019"، وقدمت فيه قراءتها للمشهد المغربي بأبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية.
وقالت الجماعة في تقريرها الصادر اليوم الأربعاء، إنه خلال عشرين سنة من حكم الملك محمد السادس خضع "الحقل السياسي والفاعلون فيه لمحددات قارة ومستحكمة أسست لسلطوية مغلقة"، وهو ما يجعل "بنية المشهد السياسي وتركيبته مشدودة إلى تراتبية تُعلي من المؤسسة الملكية لتكون "فوق دستورية"، فيما تبقي المؤسسات المنتخبة في موضع الخدمة والتبع، وتلغي الشعب من معادلة السياسة رغم أنه مصدر السلطة المفترض".
وتحدثت الجماعة في هذا الإطار عن استفراد المخزن بتدبير قضية الصحراء، "رغم عجزه المزمن عن إحداث اختراق سياسي أو الإقناع بعرضه حول حل نهائي للقضية، أو حتى إحداث تنمية متعددة الأبعاد تستقطب شباب المنطقة وتضمن استقرارها".
وبخصوص الشأن الديني فقد تحدثت جماعة العدل والإحسان التي تعتبر أكبر جماعة إسلامية في المغرب عن "احتكار وتأميم المساجد والاستحواذ على المنابر وتوظيف دين المغاربة في الدعاية السياسية للنظام، كل ذلك تحت شعار إصلاح الحقل الديني". كما تحدثت عن "مصادرة الحق في الرأي والتعبير عبر سلسلة محاكمات وتضييقات عاشها الجسم الصحفي خلال العشرين سنة الماضية، فضلا عن سن قانون للصحافة والنشر بكل عيوبه القانونية والحقوقية، وهو ما أفرز مشهدا إعلاميا تحارب فيه الصحافة المهنية وتدعم فيه صحافة التشهير التي تشتغل بتعليمات الأجهزة الأمنية".
وبحسب التقرير ذاته فإن العنوان الأبرز للقضاء خلال السنة الماضية كان هو "الاستغلال خاصة بعد قرار استقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل لتصبح السلطة القضائية تحت التبعية الكاملة للسلطة الحاكمة مع ما يعنيه ذلك من السعي لاستغلاله وتوظيفه ضد المعارضين".
الوضع الاقتصادي والحقوقي
وتطرق القرير أيضا إلى موضوع المديونية، وجاء فيه أن المغرب بات "يعتمد بشكل مفرط على المديونية الداخلية منها والخارجية"، مما يدل على "مدى عجز الدولة عن توفير موارد مالية تغطي تطور نفقاتها". وهو ما يجعل "السياسات الاقتصادية رهينة لإملاءات صندوق النقد الدولي وكذا المانحين والمقرضين وعلى رأسهم البنك الدولي".
واستغربت الجماعة من إقدام المغرب على منح مساعدات وعطايا ومنح لدول أخرى، "كما هو الحال في تقديمه مساهمات مالية لإعادة ترميم كاتدرائية نوتردام دوباري بالعاصمة الفرنسية باريس، فضلا عن مساعدات أخرى تسلم لدول إفريقية عديدة".
وفي الميدان الحقوقي تحدث التقرير عن استمرار الدولة المغربية في معاقبة كل من يجرؤ على الاحتجاج ضد ساستها، وقدم مثالا بمعتقلي حراك الريف، وسجل الاستمرار "الواضح" للتعاطي "الأمني واستعمال العنف المفرط واستغلال القضاء لقمع المطالب الشعبية السلمية والعادلة التي تصاعدت أمام التأزم الاجتماعي والسياسي والتنموي الذي يعيشه المغرب".
وأشار أيضا إلى استعمال الدولة "أساليب الترهيب المتنوعة لردع احتجاج طلبة كليات الطب بلغت مداها بتوقيف ثلاثة من أساتذتهم في كل من الدار البيضاء ومراكش وأكادير".
وأوضح أن الدولة لم تقتصر على مصادرة الحق في الاحتجاج السلمي بل تعدته للتضييق على الحق في استغلال السكن الخاص "حيث عمدت إلى تشميع مزيد من البيوت الخاصة لأعضاء من جماعة العدل والإحسان ليبلغ عددها أربعة عشرة بيتا".
وقالت الجماعة ان الدولة استمرت في انتهاك الحق في التنظيم "حيث عرفت هذه السنة حرمان السلطة لمجموعة من الهيئات من وصول الإيداع القانونية والتضييق على تحركات نشطائها".
واعتبرت أن ما جاء في هذا التقرير يعتبر تأكيدا جديدا "على واقع يزداد سوءا وانتشارا بين المجالات والقطاعات والفئات (...) جراء حكم سلطوي يحتكر الثروة وينفرد بالقرار ويفشل في الخطط وينتهك الحقوق ويحمي الفساد ويعبث باستقرار البلاد وأمن أهلها".