قرر المغرب منذ سنوات تغيير نهجه الدبلوماسي مع الدول التي تقيم علاقات مع جبهة البوليساريو، وبدأ يعول على أن تدفع العلاقات الاقتصادية هذه الدول إلى تغيير مواقفها، كما قررت المملكة التخلي عن نهج سياسة الكرسي الفارغ في منظمة الاتحاد الإفريقي.
وقادت هذه السياسة المملكة إلى تحقيق انتصارات متتالية على حساب جبهة البوليساريو وحلفائها.
آخر الضربات التي تلقتها الجبهة الانفصالية كانت يوم الجمعة الماضي، حين قررت مملكة ليسوتو التي تقع في قلب جنوب إفريقيا، والتي تعترف بـ"جمهورية" البوليساريو منذ 9 أكتوبر 1985 "تعليق جميع تصريحاتها وقراراتها" المتعلقة بوضع الصحراء و"الجمهورية الصحراوية"، وبأن "تدعم بقوة المسلسل السياسي الذي تشرف عليه الأمم المتحدة"، وبأن تنهج مستقبلا "حيادا إيجابيا في كل الاجتماعات الإقليمية والجهوية والدولية" التي تتناول هذه القضية.
وكالعادة حاولت جبهة البوليساريو التقليل من قرار مملكة ليسوتو، ونشر موقع "المستقبل الصحراوي" الموالي للطرح الانفصالي مقالا اتهم فيه المغرب باستغلال بيان المملكة الواقعة جنوب القارة الإفريقية "في إطار الدعاية"، وأضاف أن هذا القرار "لن يغير الأمور لا على صعيد دول الصاداك ولا على مستوى الإتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة".
ذات الموقع أعاد التذكير بالواقف السابقة لليسوتو المساندة للجبهة الانفصالية، والتي كان آخرها الخطاب الذي ألقاه وزيرها الأول توم تبانى بمناسبة الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتعتبر ليسوتو عضوا في مجموعة التنمية لدول إفريقيا الجنوبية (صاداك)، التي تحظى فيها جنوب إفريقيا التي تدعم البوليساريو بنفوذ واسع، حيث سبق لها أن عقدت مؤتمرا باسم المجموعة في شهر مارس الماضي، خصص لحشد الدعم للجبهة الانفصالية.
وقبل قرار ليسوتو، كانت الدبلوماسية المغربية قد نجحت في إحداث اختراق مهم في دول المجموعة، المعروفة تقليديا بوقوفها إلى جانب البوليساريو، فخلال مؤتمرها لدعم البوليساريو الذي عقد يومي 25 و26 مارس بمقر وزارة الخارجية الجنوب إفريقية، لم تحظر جميع دول المجموعة البالغ عددها 16 دولة.
وحضرت عشر دول إلى جانب جنوب إفريقيا، واكتفت العديد من الدول بإرسال وزراء أو مسؤولين دبلوماسيين، فيما حضر رؤساء ثلاثة دول فقط هي بوتسوانا وناميبيا وزيمبابوي.
وبالتزامن مع هذا الاجتماع كانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربية قد دعت إلى اجتماع في مدينة مراكش، بهدف حشد الدعم لقرار الجمعية العامة للاتحاد الإفريقي رقم 693، الذي تم اعتماده في القمة الحادية والثلاثين للاتحاد الإفريقي، المنعقدة يومي 1 و2 يوليوز 2018 بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، والذي حصر تدبير قضية الصحراء في المسلسل الأممي واستبعاد أي مسلسل موازي.
وشارك في اجتماع مراكش 36 بلدا إفريقيا، من بينها دول تنتمي مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية، فقد حضر وزير خارجية جزر القمر إلى مراكش، كما كانت مدغشقر ممثلة بوزير خارجيتها، نفس الأمر بالنسبة لمملكة سوازيلاند، التي أوفدت إلى المغرب وزير الوظيفة العمومية.
كما أن تانزانيا فضلت المشاركة في المؤتمر المنعقد في مراكش، وأرسلت الأمين العام لوزارة الخارجية، وكان لافتا مقاطعة زامبيا التي ظلت مواقفها متأرجحة بين دعم البوليساريو ومساندة المغرب في نزاع الصحراء الغربية، اجتماع بريتوريا، وحضر وزير خارجيتها إلى مراكش.
وفضلت دول أخرى المشاركة في المؤتمرين معا فقد بعثت أنغولا ممثلا للرئيس لجنوب إفريقيا، وسفيرها المعتمد في الرباط إلى مؤتمر مراكش، نفس الأمر بالنسبة لمالاوي التي أوفدت وزير العدل إلى جنوب إفريقيا، ووزير الخارجية إلى المغرب، كما أن جمهورية الكونغو الديمقراطية اختارت اللعب على الحبلين من خلال إرسال وزير إلى جنوب إفريقيا ونائب وزير الخارجية إلى المغرب.
وفي ظرف سنوات قليلة، انتقلت دول مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية من شبه إجماع على دعم جبهة البوليساريو، إلى اتخاذ العديد منها مواقف إما محايدة من النزاع وإما داعة للمغرب، فيما لازالت دول قليلة تدعم الجبهة الانفصالية هي جنوب إفريقيا وبوتسوانا وناميبيا والموزمبيق وزيمبابوي.
يذكر أن المغرب عين مؤخرا سفيرا جديدا له في جنوب إفريقيا، كما أن العلاقات مع الموزمبيق بدأت تسير نحو التحسن بشكل تدريجي، إذ سبق لوزير الخارجية الموزمبيقي خوسيه كوندونجوا باتشيكو أن زار المغرب خلال شهر أبريل الماضي حاملا رسالة من الرئيس فيليب نيوسي إلى الملك محمد السادس.