توفي خلال الأيام الماضية 16 شخصا غرقا، في سواحل مدينة الدار البيضاء، إثر جنوح الزورق المطاطي الذي كانوا يستقلونه بغرض العبور الهجرة نحو الفردوس الأوروبي.
وفي تصريح لموقع يابلادي، قال رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان محمد بنعيسى إن هذه الظاهرة في تزايد مستمر " نتيجة الأوضاع الاجتماعية التي يعيشها مجموعة من الشباب"، وتابع " الهجرة هي الحل الوحيد في نظرهم للتخلص من الظلم الذي يعيشونه والبطالة"، وأضاف "أمام يأسهم من هذه الوضعية، يجدون أنفسهم في أيدي الشبكات الاجرامية المتخصصة في الهجرة غير النظامية، التي لا تفكر إلا في الجانب المادي ولا يهمها حياة هؤلاء الشباب".
ويشير الناشط الحقوقي إلى أنه هذه المأساة التي وقعت في سواحل البيضاء والمحمدية "سبقتها قبل سنة مأساة أخرى بالقنيطرة، حيث تم العثور على جثة شاب حاول عبور المحيط الأطلسي من بحر المهدية" وأضاف أن "الامر لم يعد يقتصر فقط على البحر الأبيض المتوسط من أجل العبور إلى الضفة الأخرى، لكن بات بعض الأشخاص يحاولون أيضا عبور المحيط الأطلسي، وهو ما يشكل خطرا على حياتهم أكثر، نظرا لعلو الأمواج".
وأوضح محمد بنعيسى أن بعض العصابات المتخصصة في الهجرة غير النظامية بالمنطقة الشمالية، تقوم بخداع الأشخاص الذين ينحدرون من مناطق أخرى من المملكة أو الراغبين في الهجرة والمتحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وأوضح أنهم "يقومون بالنصب عليهم سواء عن طريق نقلهم من شاطئ إلى شاطئ آخر يتواجد أيضا في المغرب، وإيهامهم بأنهم وصلوا إلى إسبانيا، أو استدراجهم إلى إحدى الغابات والاتصال بعائلاتهم وإخبارهم أن أقاربهم تمكنوا من العبور إلى الضفة المقابلة ويطالبونهم بإرسال الأموال المتفق عليها لهم، وتم اعتقال عدد من المتورطين في مثل هذه الحالات".
من جانبه قال فؤاد أخريف، منسق جمعية قوارب الحياة بمدينة العرائش، في تصريح ليابلادي إن هناك ما هو أسوأ من ذلك "إذ يلجأ بعض المهربين إلى خداع الأشخاص الراغبين في الهجرة، فبدل تهريبهم يكتفون بتسلم الأموال منهم وبعد ذلك يبلغون عنهم في مراكز الشرطة" وأضاف أن ذلك ما يدفع مرشحين آخرين للهجرة إلى جمع مبلغ من المال فيما بينهم من أجل شراء قارب صغير وشراء محرك أو في بعض الأحيان سرقته، ويخاطرون بأنفسهم في سبيل الوصول إلى أوروبا".
وفي حديثه عن المافيات أوضح الناشط الحقوقي أن "هناك عددا كبيرا من العصابات التي تتاجر في البشر في المنطقة الشمالية، إذ يقومون بتجميع الأشخاص من مختلف المدن المغربية في مكان ما، ويتم تحديد موعد انطلاق القارب، وفي بعض الأحيان يجد صاحب القارب نفسه مضطرا لرمي شخص ما وسط البحر، بسبب الحمولة الزائدة للقارب".
ويشير فؤاد أخريف إلى أن مهمة جمعيته "تتجلى في تحسيس الشباب والقاصرين بمخاطر الهجرة السرية، كما أنها تشتغل مع المهاجرين المتحدرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء" وأضاف أنه "من المستحيل اليوم إقناع الشاب المغربي، أن مخاطرته بحياته ليست حلا، لأن الكثيرين منهم لازالوا مقتنعين أنه فور وصولهم ستحل مشاكلهم المادية وسيحظون بمستقبل أفضل" لأنهم يرون أن "أوروبا هي الملاذ الوحيد الذي سيخلصهم من البطالة والفقر والحكرة".