chargement...
استأثر "مسلسل مغربي" جديد باهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، أبطاله الرئيسيون "اليوتوبوز" المغربية، أسماء بيوتي وزوجها من جهة، وعائلة زوجها و"يوتوبوز" أخرى تدعى بشرى من جهة أخرى، حيث قاموا بنشر مجموعة من الفيديوهات تعرض مشاكلهم الشخصية وتفضح أسرارهم أمام الملأ، وانقسم متتبعو "المسلسل" إلى قسمين بين مساندين لأسماء بيوتي وآخرين متعاطفين مع عائلة زوجها.
ورغم انتقادات البعض، الذين شددوا على ضرورة مقاطعة قنوات اليوتيوب التي تروج لمثل هاته "التفاهة"، إلا أن هذا "المسلسل" لاقى نجاحا واسعا، بسبب الفضول الذي تملك العديد من المغاربة.
وأصبحت مثل هاته القصص ظاهرة اجتماعية ساهم في انتشارها الولوج السهل إلى الأنترنيت، إذ سبقت هذه القصة، قصص أخرى، من بينها قصة العداء المغربي الشهير سعيد عويطة ووالده، وكذا الضجة التي أثارتها بعض المنابر الإعلامية التي حولت بائعا متجولا، إلى "طبيب" متخصص في مرض إنفلونزا الخنازير.
وبينما يرى العديد من المغاربة، أن العالم الافتراضي أصبح يزيح الستار عن الواقع المغربي، يرى آخرون أن مثل هاته الفيديوهات تمثل مرآة تعكس أسوأ ما فينا، إلا أنه بغض النظر عما نعتقده، فإن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت جزء من حياتنا اليومية.
وفي تصريح لموقع يابلادي، قال الدكتور جواد مبروكي الخبير في التحليل النفسي، إن هذه الظاهرة جديدة فقط "في المظهر التكنولوجي"، وأضاف "في الواقع، لطالما كانت ثقافة "الشوهة" سائدة في المجتمع المغربي" وتابع حديثه متسائلا "كم مرة سمعنا زوجة تهدد زوجها أو أحد أفراد عائلتها بالذهاب إلى طرق باب أحد أعدائه لتتسبب له في الشوهة؟".
وتابع مبروكي إن "الكيفية فقط هي التي تغيرت بكل بساطة، وتأقلمت مع التطور التكنولوجي، كل مغربي يعرف أننا مجتمع فضولي يتشوق لمثل هاته القصص".
من جهتة، يرى الدكتور محسن بنزاكور أستاذ التعليم العالي المختص في علم النفس الاجتماعي، أنه "ليست العادات والقيم هي السبب بل الإنسان "، موضحا أن "المجتمع هو الذي يصنع الأخلاق وليس العكس، ومن خلال التنشئة الاجتماعية نتبنى قيما معينة".
وأضاف "السؤال المطروح، هو لماذا يغير المغربي قيمه بمجرد تواجده على مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل يحضر نفسه مسبقا؟ وهل فعلا ما يروج بهذه المواقع يقدم الوجه الحقيقي للمغاربة؟" وأكد أن سلسلة الفيديوهات التي تم تداولها بين أسماء بيوتي وعائلة زوجها، "تقدم بكل بساطة العلاقة الحرجة بين الزوجة وعائلة زوجها (العكوزة والعروسة) كما يطلق عليهما المغاربة".
وبحسبه فإن "حوالي نصف الأزواج يعانون من هاته العلاقات المعقدة، وبمجرد أن تتاح الفرصة للإعلان عن ذلك، سواء على الشبكات الاجتماعية أو في أي مكان آخر، فإن المشكل يتضخم بسرعة " وأضاف "إلا أنه على مواقع التواصل أصبحت قائمة المتدخلين أكثر اتساعا، بعدما كانت تقتصر في السابق على العائلة والجيران".
وأضاف "أنا لا أعمم ولكن الاحصائيات تؤكد أن المغربي لا يقرأ كثيرا الكتب، وهذا يعني أنه ليست لديه مناعة، فبتواجده أمام شبكة الأنترنيت، يكتشف العالم، عن طريق الاطلاع على آراء بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والذين يكونون في بعض الأحيان مجهولي الهوية"، وعلى عكس ما كانت عليه وسائل الإعلام سابقا، أصبح "المغاربة يطورون آراءهم، وطريقة تعاملهم في المجتمع، ويصنعون هوية شخصية واجتماعية لهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي".
من جانبها قالت الباحثة في علم الاجتماع في وسائل الإعلام، خديجة برادي، في تصريح ليابلادي إن الأشخاص الذين يساهمون في تكوين هذه الهوية، هم المشكل الأساسي، وأوضحت "أن الأمر لم يصبح يقتصر فقط على مشاهير تقليديين لتكوين آرائنا، بل أصبحنا محيطين بجماهير من " المشاهير الصغار" ذوي التأثير".
وبالنسبة لبرادي "فإن هؤلاء الأشخاص لديهم القدرة على تغيير حياة متابعيهم بشكل جذري، بل وأصبحوا قادرين الآن على نقل أفكارهم وآرائهم ووجهات نظرهم على الفور، كما أصبح رواد هذه المواقع يرون فيهم أناسا مثقفين" .
وأشارت خديجة برادي إلى التحول الذي طرأ على المشهد الإعلامي "من خلال مساهمته في إعادة تعريف الأدوار الاجتماعية، التي يتم فيها إعادة تكوين الأفراد من جميع الفئات الاجتماعية، لأن المستهلك أصبح فاعلا نشيطا ومشاركا في إنتاج المحتوى". وبحسبها فإن هذا يعني "حدوث تغييرات اجتماعية مرتبطة مباشرة بدخول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى المجتمع المغربي، هذه التكنولوجيا للأسف لم يصاحبها تكوين حول كيفية استخدامها، وكيفية التعامل مع الأخطار المرتبطة بها".
وفي نفس الاتجاه قال محسن بن زاكور، في تصريحه ليابلادي "سبق وتحدثنا بالفعل عن الحاجة إلى إدراج الثقافة الجنسية في المقررات التعليمية، لكن لم نقم بأي خطوة في هذا الاتجاه. واليوم نتحدث عن التكوين في الإعلام الجديد، وهذه المرة أيضا لن نفعل أي شيء حتى نرى حالات الانتحار، والأسر تتشتت وحالات الطلاق لأسباب تافهة تكثر، وكذا تعرض الأطفال والأسر للمضايقات".
وأنهى كلامه بالقول "من الواضح أنه يجب الدفاع عن حرية التعبير على الشبكات الاجتماعية، ولكن بشرط أن نعمل على مد أطفالنا بأدوات النقد والتحليل".
آخر الأخبار
المقالات الأكثر...
