لطالما توصل رؤساء الولايات المتحدة على مر السنين، بهدايا غريبة، من قطع مجوهرات ثمينة إلى حيوانات برية، من قبل مجموعة من الدول من بينها المغرب.
ففي سنة 1800، بعد أن أقام المغرب علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة، قدم السلطان المغربي عبد الرحمن بن هشام، للرئيس الثامن للولايات المتحدة، مارتن فان بيورين، هدية عبارة عن أسد ولبؤة، وتم إرسالهما إلى مقر القنصلية الأمريكية بطنجة.
وكانت الهدية على وشك أن تخلق أزمة دبلوماسية بين البلدين، بعدما رفضها القنصل الأمريكي توماس كار، تطبيقا للقانون الذي ينص عليه الكونغرس الأمريكي، و الذي يمنع الرؤساء و المسؤولين الحكوميين من استقبال الهدايا الثمينة.
ورغم إصرار الدبلوماسي الأمريكي، على أنه من المستحيل قبول الهدية، إلا أن وفد السلطان المغربي أصر على قبولها وإرسالها للرئيس الأمريكي، ما أجبر كار على مراسلة الرئيس مارتن فان بيورين، في 3 شتنبر 1839، "ليوضح له سبب عدم تمنه من رفض الهدية" قائلا، إنه "على الرغم من [أنه] بدل أقصى ما في [وسعه] لمنع تقديم أي حيوان من الإمبراطور، وإقناع وزرائه باستحالة قبول الهدية أو أي هدية من نوع آخر" إلا أنه لم يتمكن من ذلك.
وأوضح القنصل الأمريكي في رسالته، أن الدبلوماسيين المغاربة أخبروه، أنهم سيتركون له الهدية وأنه لا يستطيع رفضها لأنها "ليست له بل لرئيس الولايات المتحدة" وكان الوفد المغربي يخشى في حال إرجاع الهدية من غضب السلطان المغربي، الذي قد يصل إلى حد قطع رقابهم.
وأفاد أرشيف إداري للكونغرس الأمريكي، المعنون بـ "الدورة الأولى للمؤتمر السادس والعشرون"، بأنه بعد أن حاول المسؤول الأمريكي إقناع المسؤولين المغاربة بشدة بأنه لا يستطيع قبول الهدايا، تم وضعه في موقف محرج، مشيرا إلى أنه رغم إصرار كار المتكرر، "إلا أنه لم يتمكن من إقناعهم بالعدول عن تقديم الهدية، موضحين له أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء حيال ذلك وأن الهدية يجب أن تصل إلى الرئيس الأمريكي".
وقرر القنصل الأمريكي مراسلة السلطان المغربي بنفسه، "لكن قبل كتابته للرسالة، سمع صوت الطبول، التي كانت تشير إلى وصول ابن شقيق الباشا، إلى جانب جنود، يحملون معهم أسد ولبؤة"، وتم وضع الدبلوماسي الأمريكي في موقف محرج.
وكان قائد القوات يملك إجابة لكل حجة يقدمها كار، فعندما أخبره بأنه لا يسمح للرئيس بقبول الهدية، أجابه قائلا، إن "السلطان على علم بذلك" وأن الهدية لم تكن لمارتن فان بيورين بل للكونغرس الأمريكي، وعندما قيل له إن هذا الأخير هو الذي قرر وضع حد لهذا "التقليد"، سأله المسؤول المغربي، قائلا، "ومن الذي وضع الدستور"، أجابه القنصل قائلا، "الأمريكيون"، أجابه قائد القوات حينها، بالقول "الهدية إذن للشعب الأمريكي".
ووصل الأمر بالقنصل الأمريكي إلى إخبار قائد القوات أن قبوله للهذية ستكلفه رقبته إذا عصى أوامر" الكونغرس الأمريكي، إلا أن المسؤول المغربي لم يبال بذلك، مؤكدا أنه سيترك الأسود في الشارع، أمام القنصلية الأمريكية، ما أجبر المسؤول الأمريكي على قبول الهدية وفتحه باب القنصلية في وجوه الأسدين وهوما كلفه ثمنا باهظا للعناية بهما إذ كانا يستهلكان كمية كبيرة من اللحوم.
وبقي الحال على ذلك، إلى أن توصل القنصل الأمريكي برسالة من البيت الأبيض، موقعة من طرف وزيرة الخارجية الأمريكية، سمح له فيها بنقل الأسود إلى الولايات المتحدة الأمريكية، قائلا إن "الأسباب (المذكورة سابقًا في رسالة القنصل) حظيت بتقدير الرئيس، الذي طلب منك إرسال الحيوانات إلى الولايات المتحدة، إما عن طريق سفينة عامة أو عن طريق سفينة تجارية".
وبحسب مقال نشر في موقع "واشنطن بوست"، فقد قبل الكونغرس الأمريكي، بتخويل مارتن فان بيورين بيع الهدية التي توصل بها من السلطان، وأِشار نفس المصدر إلى أن "الأسود التي تم نقلها من المغرب إلى ولاية بنسلفانيا الأمريكية، تم بيعها بالمزاد في فيلادلفيا في غشت 1840 مقابل 375 دولارا".