أحدثت الفنانة السورية آمال الأطرش الملقبة بأسمهان ثورة في عالم الغناء بالعالم العربي، وكانت توصف بأنها إحدى معجزات الغناء، وذلك رغم أنها عاشت لفترة قصيرة وتوفيت في حادث غامض، لم تكشف كامل أسراره إلى الآن.
ولدت أسمهان في 25 نونبر من سنة 1912 أثناء مغادرة أسرتها تركيا إلى سوريا على متن باخرة، وذلك بعد خلاف بين والدها الأمير فهد الأطرش الذي كان مدير ناحية في قضاء ديمرجي في تركيا، والدولة العثمانية.
ترعرعت وسط أسرة فنية، فهي أخت المطرب والموسيقار المعروف فريد الأطرش، الذي ترك بدوره بصمات واضحة في الموسيقى والغناء العربي.
يعود الفضل في بداياتها الفنية الأولى للملحن المصري داود حسني، الذي يعد أحد كبار الموسيقيين في مصر، فأثناء زيارته لمنزل فريد الأطرش سمعها تغني في غرفتها فطلب إحضارها وسألها أن تغني من جديد، فغنت وأعجب بصوتها، ولما انتهت أطلق عليها اسم اسمهان، وهو الإسم الذي رافقها طيلة حياتها.
وفي سنة 1931 بدأت تشارك شقيقها فريد الأطرش في الغناء، لتلج الشهرة إثر ذلك من بابها الواسع، وصدحت حنجرتها بالكثير من الأغاني التي خلدت اسمها إلى اليوم.
ويشير محمد عبد الفتاح صادق في كتابه "أسمهان..ورحلة العمر" إلى أن الموسيقار الكبير رياض السنباطي وصفها "بأنها المطربة العربية الوحيدة التي وصلت مرتبة منافسة أم كلثوم سيدة الغناء العربي بلا منازع".
وفتحت لها شهرتها في ميدان الغناء الباب من أجل ولوج عالم السينما، حيث شاركت سنة 1941 في أول أفلامها إلى جانب شقيقها فريد الأطرش.
وبعيدا عن الغناء والتمثيل، أثيرت الكثير من القصص والأقاويل حول تعاونها مع الاستخبارات البريطانية، حيث جاء في كتاب محمد عبد الفتاح صادق "احترفت أسمهان كما ينقل العمل المخابراتي وتنقلت بالعمل لصالح كل من أجهزة استخبارات الحلفاء بالحرب العالمية الثانية، وأحيانا لصالح استخبارات ألمانيا النازية أو المتعاونين معها، .. وما هو مؤكد أن أسمهان سعت في عام 1941 لمساعدة الإنجليز على مواجهة نفوذ حكومة فيشي الفرنسية الموالية للنازيين في لبنان وسورية عبر إقناع وجهاء الدروز بعدم التعاون مع حكومة فيشي، وتسهيل مهمة الجيوش الموالية للجنرال ديجول".
فيما قال الكاتب الصحفي فوميل لبيب في كتابه "قصة أسمهان" إنها كانت تعتبر أن عملها المخابراتي ليس تجسسا حيث قالت أنا "لست جاسوسة، أكون جاسوسة إذا كنت أخدم قضية ينصرف غنمها إلى وطن غير وطني، أما أن أسعى إلى أهلى وأقنعهم بأن سكوتهم يبقي على حياتهم. أما أن أعرف مواقع المحتلين في بلادي فأسلمها إلى أعدائهم وأجنب قومي ويلات الغارات وهجوم الدبابات وطلقات المدافع فهذا غنم سينصرف إلى أهلي أولا، ويفيد منه الحلفاء بعد ذلك". وزادت "لست جاسوسة يا فؤاد لأن سلامة قومي هي التي تملي عليّ ما أنا مقدمة عليه".
وفي يوم 14 يوليوز 1944 لقيت مصرعهما غرقا بعد سقوط سيارتها في نهر النيل في حادث آثار الكثير من علامات الاستفهام، وعمرها آنذاك لا يتجاوز 27 سنة، وظل السؤال عمن يقف وراء موتها دون إجابة إلى الآن، ويذهب الكاتب محمد عبد الفتاح صادق إلى أن الحادث مدبر وأنها اغتيلت حيث يقول "قبل اغتيالها بأيام كانت تقف في شرفة منزلها وأطلق عليها مجهولون الرصاص ولكنها أفلتت من الموت بأعجوبة بالغة، فقد مرت الرصاصات الخمس بجوار رأسها وأغمي عليها من هول المفاجأة".
وأضاف أن سر الموت دفن معها "تحت كلمة "حادث" والتي لا يصدقها أحد،... ولا يبدو أن السر الحقيقي سينكشف شأنها كشأن غيرها مات السر معهم ولم يبق لنا سوى التكهنات والاحتمالات والاستنتاجات".