في سنة 1979 ثار الإيرانيون على نظام الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة، ونجحوا في إسقاطه، واستبداله في نهاية المطاف بالجمهورية الاسلامية في ظل المرجع الديني الشيعي آية الله روح الله الخميني.
وبعد فقدانه لزمام الأمور في إيران بدأ الشاه يبحث عن بلد يأوي إليه، للنجاة بحياته من حكام طهران الجدد، غير أن كل حلفائه الغربيين أداروا ظهورهم له ورفضوا منحه حق اللجوء.
بالمقابل كان الملك المغربي الراحل الحسن الثاني، والرئيس المصري الراحل أنور السادات، هم القائدين الوحيدين الذين وافقا على استقباله بعد مغادرته إيران.
ففي 16 يناير 1979، وجد الشاه نفسه مرغما على مغادرة إيران للمرة الأخيرة، وحاول الذهاب إلى أوروبا ولكنها رفضت استقبال طائرته كما رفضته باقي السفارات واحدة تلو الأخرى. إلى ان نزل بطائرته في أسوان بمصر واستضافه الرئيس أنور السادات الذي كان على علاقة جيده مع الشاه منذ نهاية الستينات.
وفي 22 يناير توجه الشاه إلى مراكش، بدعوة من الملك الحسن الثاني، وبقي بها إلى حدود 30 مارس 1979 ، أي ما يقارب شهرين وهو ما تتسبب في مشاكل دبلوماسية للمغرب، ورغم صداقته مع الشاه كان العاهل المغربي حريصا على عدم قطع شعرة معاوية مع حكام طهران الجدد.
وفي 28 أبريل 1979، عين العاهل الراحل، عبد الهادي التازي سفيرا جديدا للمملكة المغربية في إيران، حيث عمل على إيصال رسالة للإيرانيين مفادها أن استقبال الشاه في المغرب كان لاعتبارات إنسانية بحثة، وليست له أي خلفيات سياسية أو دينية.
ولم يكن اختيار التازي لتمثيل المغرب بمحض الصدفة، ففي سنة 1978، التقى هذا الأخير في بغداد مع الخميني مرتين على الأقل، علما أن هذا الأخير كان يعيش في المنفى بمدينة النجف المقدسة عند اتباع المذهب الشيعي.
وفي أكتوبر 1978 أرسل حسن الثاني مستشاره عبد الهادي بوطالب إلى قم في إيران، وهو مكان مقدس آخر للشيعية الجعفرية، وذلك من أجل التحدث مع المرجع الشيعي محمد كاظم الحسيني الشريعتمداري .
في البداية، كُلف بوطالب بالتفاوض مع الخميني في العراق، لكن قرار صدام بترحيل هذا الأخير إلى باريس، أجبر المستشار الملكي على التوجه إلى مدينة قم.
ولم تكن المحاولات المغربية في التواصل مع المسؤولين الإيرانيين الجدد محصورة فقط عنذ السياسيين، بل رجال الدين المغاربة بدورهم حاولوا التواصل مع حكام طهران الجدد.
وفي فبراير 1979 بعث الأمين العام لرابطة العلماء المغاربة، عبد الله كنون، رسالة تهنئة إلى الخميني لنجاح ثورته.
وبالرغم من كل هاته المحاولات التي بادر بها الحسن الثاني، إلا أن في 27 فبراير 1980، اعترفت إيران بـ "الجمهورية الصحراوية"، التي أعلنتها جبهة البوليساريو من جانب واحد، وهو ما دفع المغرب إلى قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران.
وفي سنة 1982 أعلن الحسن الثاني "تكفير" الخميني بناء على فتوى استصدرها من فقهاء مغاربة.
وبعد سنتين من ذلك ستندلع احتجاجات شعبية في العديد من المدن المغربية، للمطالبة بتحسين ظروف العيش، وتدخلت السلطات المغربية بعنف، ما خلف سقوط العديد من القتلى والجرحى. آنذاك ألقى الحسن الثاني خطابا اتهم فيه إيران بالتحريض على الاحتجاجات.
ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات بين البلدين الكثير من التوترات السياسية، وصلت في الكثير من الأحيان إلى القطيعة.