تطرقت الجمعية الحقوقية في تقريرها السنوي، لوضعية مختلف أصناف الحقوق التي واكبتها خلال سنة 2017، حسب مجموعة من المجالات، وقالت إن أهم ما يميز الواقع الراهن لحقوق الإنسان بالمغرب، هو التراجع الخطير في مجال الحريات والحقوق الأساسية، مؤكدة أن الدولة تنتهج سلوكا قمعيا في التعاطي مع الحقوق المتعلقة بحرية التعبير والصحافة والتجمع والتنظيم والتظاهر السلمي.
الحقوق المدنية و السياسية
سجل التقرير السنوي للجمعية المغربية لحقوق الانسان، أن الحق في الحياة الذي يعتبر أحد أسمى الحقوق وأقدسها، يتعرض للانتهاك، وأشار إلى وقوع 60 حالة وفاة منها 9 بالسجون، ووفاة أربعة أشخاص داخل مخافر الشرطة والدرك، إضافة إلى تسجيل وفاتين بالسلاح الناري، و17 حالة بسبب غياب شروط الصحة والسلامة بأماكن العمل، إضافة 5 حالة بسبب الأوضاع المزرية للمستشفيات العمومية والمراكز الصحية، و5 حالات بسبب الشطط في استعمال السلطة و17 حالة وفاة وسط النساء، 15 منها بسبب التدافع في عملية لتوزيع مواد غذائية ومعونات بإقليم آسفي، واثنتان بمعبر باب سبتة لسيدتين تمتهنان التهريب المعيشي من الثغر المغربي المستعمر.
وبخصوص عقوبة الإعدام، أكد التقرير أن المغرب يضم في سجونه 95 محكوما بالإعدام، وهو أكبر عدد في المنطقة، من بينهم 3 نساء.
وبالنسبة لحالات الاعتقال السياسي في البلاد، سجل التقرير استمرار المحاكمات السياسية المتعلقة بالحق في حرية التعبير والحق في التظاهر السلمي، ورصدت الجمعية في تقريرها وجود 1020 حالة اعتقال سياسي، متعلقة بالأنشطة داخل الحراكات الشعبية أو التدوينات الداعمة للاحتجاج السلمي أو المعبرة عن الآراء والمنتقدة للسياسات العمومية، إضافة إلى مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ونشطاء حركة 20 فبراير، والمعتقلين الصحراويين ومعتقلي ملف بلعيرج والسلفيين.
وبخصوص التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، فقالت الجمعية إن سنة 2017، والنصف الأول من سنة 2018، تميز "بضعف التزامات الدولة ومؤسساتها في مكافحة التعذيب، خصوصا بعد تقرير الخبرة التي أُنْجِزت لفائدة المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول ما تعرض له معتقلو حراك الريف من تعذيب ومعاملات أو عقوبات قاسية أو لاإنسانية أو مهينة".
وفي الجانب المتعلق بالحريات العامة، أكد التقرير أن المملكة عرفت هذه السنة كذلك، تصعيدا كبيرا وممنهجا لانتهاك الحق في حرية التنظيم وتأسيس الجمعيات والتظاهر السلمي، التي تجسدت أساسا، وبصفة ملحوظة، في التدخلات العنيفة وغير المبررة للقوات العمومية وكذا التضييق على الحق في التنظيم وفي تأسيس الجمعيات والانتماء إليها.
وتطرق التقرير لحرية المعتقد وأكد أنه في سنة 2017 منعت وزارة الداخلية مجموعة من المواطنين المغاربة المختلفين عقائديا في عدد من المدن، من تنظيم حفلاتهم الدينية.
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
أكدت الجمعية أن ظاهرة الفوارق الكبيرة، لا تزال أهم ما يمز مستويات المعيشة في المغرب، حيث أن الفقر يطال 11,7٪ من المواطنين/ات، ليرتفع بذلك عددهم إلى حوالي 4 ملايين نسمة. من بين هؤلاء حوالي 480 ألف شخص يمكن اعتبارهم يعيشون في وضعية فقر حاد حيث يجمعون الفقر بنوعيه النقدي ومتعدد الأبعاد ويمثلون بذلك 1,4٪ من سكان المغرب.
وأوضحت الجمعية الحقوقية التي تعد الأكبر في المغرب، أن العديد من المؤشرات تدل على استمرار وتعميق واقع البطالة، و"هشاشة الشغل وتدهور جودة العمل؛ حيث بلغ حجم البطالة حسب الأرقام الرسمية والبعيدة عن رصد الواقع الحقيقي للعطالة (1.216.000 معطل) بنسبة 10.2% أي بزيادة 49000 معطل بين 2016 و2017. وتراوحت نسبة البطالة بين 9.3% و10.7% خلال فصول السنة".
أما بخصوص الحق في الصحة، فقد أوضح التقرير، أن أمراض السرطان في ارتفاع مستمر، وأن حوالي ربع عدد المغاربة الذين يتجاوز سنهم 15 عاما مصابون بالاكتئاب، ونصف السكان يعانون بمستويات مختلفة من أعراض نفسية، و90 في المائة من أطفال المغرب يعانون من تسوس الأسنان، الأمر الذي يؤكد غياب إرادة سياسية من أجل تحقيق عدالة صحية وتغطية صحية شاملة.
حقوق المرأة الطفل وذوي الإعاقة
وفيما يتصل بواقع حقوق المرأة تحدث التقرير عن استمرار الدولة في التنصل من مسؤولياتها، في مجال ضمان وحماية الحقوق الاقتصادية الاجتماعية والثقافية.
وفي الجانب المتعلق بحقوق الطفل خلص التقرير إلى أنه "لا تبدو أن هناك بوادر قوية من طرف الدولة لتعزيز جهودها في مجال مطابقة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والوفاء بما التزمت به".
وأشار التقرير في الباب المتعلق بالإعاقة، إلى أن القوانين والتشريعات الوطنية مازالت تتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب وكأنهم محتاجون إلى عمل خيري، وليس كمواطنين متساويين، وهو ما يجعلهم عرضة للتمييز، ولنظرة مجتمعية ورسمية احتقارية".