تتجه أحزاب العائلة اليسارية بالمغرب اليوم نحو إعادة إحياء التنسيق المشترك استعدادا للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 25 نونبر المقبل. واجتمعت قيادات خمسة أحزاب محسوبة على اليسار المغربي هي: الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية وجبهة القوى الاشتراكية والحزب الاشتراكي واليسار الأخضر خلال الأسبوع الماضي للتداول في ممكنات العمل المشترك وبحث سبل التنسيق السياسي والانتخابي في أفق الاستحقاق الانتخابي المقبل.
وأعلنت تنسيقية الأحزاب الخمسة في بيان صدر الاثنين وتم تعميمه على وسائل الإعلام أنها ستعتمد مبادرات آنية ومستقبلية لإرساء الآليات الكفيلة باستدامة تنسيق المواقف والعمل المشترك خلال مسلسل الاستحقاقات المقبلة والمشاريع الفكرية والسياسية للبناء الديمقراطي الحداثي. وأكدت الأحزاب الخمسة "على ضرورة تنسيق جهودها مع كل القوى الديمقراطية والحداثية، خاصة قوى اليسار التي تتقاسم معها كسب هذا الرهان، للدفع بمسلسل الإصلاح الشامل الذي تهدف إليه البلاد، وتحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية والثقافية التي يحتاج إليها المغرب".
وأكدت الأحزاب اليسارية الخمسة على رغبتها في توسيع تنسيقها في اتجاه باقي المكونات اليسارية والقوى الوطنية والديمقراطية من أجل ربح استحقاق نونبر المقبل.
ويأتي اجتماع الأحزاب الخمسة أياما فقط بعد الإعلان عن تشكيل تيار "ليبيرالي" يقوده حزب الأصالة والمعاصرة ويضم كلا من الاتحاد الدستوري والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية. وقد اعتبر الإعلان عن هذا التحالف الرباعي تطورا هاما قد يؤثر في نتائج الانتخابات المقبلة، بالنظر للقوة الانتخابية التي تتمتع بها الأحزاب الأربعة وتمرسها بالعمل الانتخابي.
بيد أن تحالف الأحزاب الخمسة المعلن عن إنشائه لا يعتبر فقط ردا "يساريا" على التحالف الذي يقوده الأصالة والمعاصرة، بل إنه يحمل رسالة أخرى هامة هي مسار تحييد وعزل حزب العدالة والتنمية التي تزايدت تصريحات زعمائه المنتقدة لوزارة الداخلية وترتيباتها لانتخابات نونبر المقبل.
ومن الواضح أن التحالف المعلن بين الأحزاب السياسية الخمسة لا يتعدى كونه تحالفا انتخابيا تسعى الأحزاب الخمسة من خلاله إلى خلق نوع من التوازن مع "البام" وحلفائه، بعيدا عن أي تنسيق سياسي وفكري واستراتيجي كما ورد في بلاغ اجتماع قيادات الأحزاب الخمسة. ويكفي استعراض عدد من العناصر لتوضيح ذلك، أولها: أن الحزب الأول في التحالف "اليساري" وهو الاتحاد الاشتراكي ينتمي إلى تحالفات أخرى ليست يسارية، هي الكتلة الديمقراطية إلى جانب حزب الاستقلال والتقدم والاشتراكية. كما أن الحزبين معا، الاتحاد والتقدم والاشتراكية، هما حزبين اعتبرا ولسنوات ضمن أحزاب الأغلبية إلى جانب الحركة الشعبية والأحرار والاستقلال، ووجهت لهما انتقادات واسعة من أصدقاء الساسي ومجاهد باعتبارها يسارا حكوميا "تحريفيا".
أما حزب القوى الديمقراطية فهو الحزب الذي يمكن أن يشترك مع الجميع لبلوغ المقعد الانتخابي والحكومي، نظرا للخصائص التي يتمتع بها زعماؤه وقدرتهم الخارقة على التفاهم الانتخابي مع الجميع.