في سنة 1980، قامت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية بزيارة للمملكة المغربية، وهي الزيارة التي أطلق عليها فيما بعد "جولة في الجحيم".
واستقبل الملك الحسن الثاني آنذاك ضيفته التي كانت مرفوقة بزوجها الأمير فيليب، وبقيت في المملكة من 27 إلى 30 أكتوبر وزارت بمعية الوفد المرافق لها مدن الرباط ومراكش والدار البيضاء، ولكن رحلتها التي استمرت لمدة أربعة أيام لم تمر كما كانت تتوقعها.
ففي سنة 2013 نشر الصحافي روبرت هاردمان الذي اشتهر بنشر أخبار العائلة الملكية في بريطانيا كتابا بعنوان "ملكتنا"، تفاصيل هذه الرحلة.
جولة في الجحيم
ونقل هاردمان عن مسؤول أجنبي كان مرافقا للملكة قوله "كانت هذه الزيارة فريدة من نوعها، لأن لاشيء حدث كما كان مخططا له، فإذا احترم الوقت تغير المكان، وإن كان متفقا على المكان فإن التوقيت لم يحترم".
وبعد المحاولتين الانقلابيتين عليه بداية سنوات السبعينات، كان الملك الحسن الثاني حذرا جدا، وهو ما أُثار انتباه الوفد المرافق للملكة، ونقل الصحافي البريطاني عن أحد الدبلوماسيين الذين قابلهم قوله "الملك الحسن الثاني من الممكن أن يظهر أمامك في أية لحظة". وأضاف أن المآدب التي كان يحضرها الصيوف كانت تتحول من قصر إلى قصر بدون سابق إنذار.
انزعاج من تأخر الملك
ولم يكن هذا هو الأمر الوحيد الذي أزعج الملكة، فوفقا لنفس المصدر غضبت إليزابيث الثانية عندما جعلها الحسن الثاني تنتظر لساعات. حيث استأذن الملك الحسن الثاني ضيفته لإصدار أوامره لبعض المسؤولين، وذهب ولم يعد حتى الساعة الخامسة مساء، وبعد ذلك دعاها إلى مأذبة عشاء فذهبت إلى القصر لتجده مغلقا.
لكن صبر الملكة بدأ ينفذ حينما أساء الملك الحسن الثاني معاملة الوفد المرافق لها، وبحسب ما ذكر روبيرت هاردمان فبعدما تأخر الملك عن موعده، أشار إلى مساعد السكريتير الخاص للملكة روبيرت فيلويس وقال "هذا هو الشخص المسؤول عن هذا التشويش الرهيب".
وردت الملكة إليزابيث مخاطبة الحسن الثاني "سأشكركم عن عدم التحدث عن الوفد المرافق لي بهذه الطريقة".
وأرادت الملكة البريطانية خلال زيارتها إلى المملكة القيام بجولة في مركز ليونارد شيريش لذوي الاحتياجات الخاصة والذي يموله البريطانيون، غير أن الملك الحسن الثاني لم يرد مرافقتها، وفي حديث لأحد أعضاء الوفد المرافق للملكة لهاردمان قال "كان الملك يعتقد أن هذا النوع من الزيارات يحط من شأنه" و"أخبر الحسن الثاني الملكة أن الوقت تأخر للذهاب إلى منزل ليونارد شيريش، واقترح أخذها إلى القصر" لكنها رفضت وطلبت منه إيقاف السيارة لكي تذهب وحدها.
"أنت ميؤوس منك"
وفي مأدبة العشاء التي أقامتها الملكة إليزابيث قبل عودتها إلى بلدها، يحكي وزير الخارجية البريطاني السابق اللورد هيرد والذي كان ضمن الوفد المرافق لها لهاردمان أن "وزير العدل المغربي قال إن الملك سيكون ممتنا لو تم تأجيل المأذبة لبضع ساعات" لكن الملكة إليزابيث رفضت ذلك وأجابت قائلة "سأكون متفهمة إن تأخر جلالته لبعض الوقت فقط".
وبعد 54 دقيقة وصل الملك الحسن الثاني، وطلب من وزير الخارجية البريطاني طرد السفير البريطاني لأنه لم يقدم الأوسمة لأفراد العائلة الملكية المغربية، لكن هذا الطلب لم يؤخذ على محمل الجد.
وخلال تجاذب أطراف الحديث، قالت الملكة مخاطبة الحسن الثاني "هل أعطيت الألعاب التي منحتك إياها لأولادك؟"، فأجابها قائلا "لا لم يكن لدي وقت لذلك" حينها أبدت الملكة غضبها وقالت بتذمر "أووه حسن..أنت ميؤوس منك".
وعلى الرغم من أن الزيارة لم تمر كما كانت تريدها الملكة إليزابيث إلا أنها غادرت المملكة رفقة الوفد المرافق لها والابتسامة تعلو محياها. ونقل هاردمان عن مصدر من الفريق المرافق للملكة "تعلمون، أعتقد أنها تمتعت فعلا بالزيارة".
وعند وصولها إلى قصر باكينغهام راسلت الملكة إليزابيث الحسن الثاني وشكرته على كرم ضيافته وقالت "لقد تأُثرنا فعلا من اهتمام جلالتكم الشخصي ببرنامج زيارتنا".