قرر الملك محمد السادس يوم الثلاثاء الماضي إعفاء ومعاقبة وزراء سابقين وحاليين ومسؤولين إداريين، عقب اطلاعه على نتائج تقرير المجلس الأعلى للحسابات بشأن أسباب تعثر مشاريع "الحسيمة منارة المتوسط"، فكيف تنظر كل من جماعة العدل والإحسان وحزب النهج الديمقراطي، وفيدرالية اليسار لهاته القرارات.
جماعة العدل والإحسان: ما وقع ليس زلزالا سياسيا
وفي تعليق منه على القرار الملكي قال منير جوري عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان في تصريح لموقع يابلادي "هذه الاعفاءات جاءت نتيجة الحراك الذي عرفه الريف، وبالتالي هي ليست وليدة إرادية سياسية تطمح للقضاء على الفساد الذي يعم البلاد، وإنما جاءت تحت ضغط الشارع".
ورأى بأن هذه القرارات تمثل "إقرارا بعدالة الاحتجاجات التي عمت منطقة الريف، وهي أيضا بمثابة إقرار ببراءة المعتقلين، الذين بات من الضروري على المسؤولين إن كانوا يريدون فعلا حل ملف الريف الافراج عنهم".
وتابع أن هذه الاعفاءات "بعيدة عن الانتظارات وبعيدة عن الأساليب التي من شأنها أن تحدث تحولا سياسيا وتطورا نحو الأفضل (...)، ولا أعتقد أن هذا الأمر سيكون له تأثير على المتضرر الأول الذي هو المواطن".
وبحسب جوري فإن هذه الإعفاءات "مجرد محاولة من الدولة لتدبير الأزمة التي وجدت نفسها عالقة فيها بمنطقة الريف، ومحاولة لتبرئة بعض الجهات المسؤولة والمعنية بما يحدث، لذلك حتى عملية اختيار أسماء محددة وإبعاد أخرى رغم أنها متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر فيما حدث، جعل هذا الإجراء غير ذي جدوى ولا يعطي للمسألة حقها، وبخلاصة ما وقع لا يمكن أن يسمى زلزالا سياسيا كما يطلق عليه".
النهج الديمقراطي: محاولة للتنفيس عن الأزمة
بدوره قال مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي في تصريح ليابلادي إن هذه القرارت "جاءت بفضل نضالات سكان الريف والشعب المغربي، رغم أنها موسومة ببعض الاستعمال السياسوي".
وتابع أن "من بين الاختلالات الكبرى، هي تلك الموجودة في مرسى الحسيمة، والمسؤول عنها هو وزير التجهيز والنقل المنتمي لحزب العدالة والتنمية، ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، باعتباره المشرف على قطاع الصيد البحري، ولكن رغم ذلك لم يمسوا، بمعنى أن هناك استعمال سياسوي".
وبحسب البراهمة فإن هاته "القرارات تبقى ظرفية. الحلول يجب أن تذهب للجذور وليس للشكل، وبالتالي يجب إحداث تغيير ديمقراطي حقيقي، يفضي إلى وجود مؤسسات شعبية ذات مصداقية مبنية على دستور ديمقراطي".
وواصل حديثه قائلا "النظام في أزمة حقيقة، وهذه مجرد محاولة لتنفيس الأزمة"، وأضاف أن "هناك توجه اليوم في اتجاه التخلي عن حزب التقدم والاشتراكية، الذي يعتبر وجوده من عدمه سواء في المعارضة أو الحكومة غير مؤثر إطلاقا، لأنه حزب انتهى".
وعن إمكانية دخول حزب الاستقلال للحكومة قال "هذا الحزب لا يستطيع الصبر والتواجد خارج الحكومة لسنوات أخرى، لكن المشكل هو من سيبقى في المعارضة؟ قد يتحدثون عن حزب الأصالة والمعاصرة، ومتى كان هذا الحزب معارضا، هو لم يخلق من أجل المعارضة أصلا".
وخلص البراهمة إلى أن "المعارضة ستصير هي الشارع، لأنه لا وجود لمن يبلور انتظارات الشعب إلى قرارات ومطالب، وسنعود من جديد إلى مقولة الشارع والملك، والناس سيقدمون مطالبهم مباشرة إلى الملك باعتباره الحاكم الفعلي للبلاد".
فيدرالية اليسار: القضية أكبر من الإعفاءات
ومن جانبه قال مصطفى الشناوي، البرلماني عن فيدرالية اليسار الديمقراطي في اتصال مع موقع يابلادي "نحن موقفنا في الفيدرالية واضح، وهو إصلاح سياسي ودستوري وليس الاكتفاء ببعض الاجراءات".
وبحسبه فإن "الاعفاء هو تأكيد على وجود اختلالات في تدبير ملف الحسيمة منارة المتوسط، وهو ما يستوجب إطلاق سراح المعتقلين، لأنهم اعتقلوا للمطالبة بحقوقهم، التي ضاعت بسب هذه الاختلالات".
وعن إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة قال "المسؤول الأول هو الحكومة بأكملها، ولكن هل الحكومة فعلا تحكم، ولها ما يكفي من الصلاحيات للقيام بمهامها أحسن قيام؟ طبعا السلطات الأساسية في يد الملك".
وتابع أن "المسألة أعمق من إعفاء وزير، المسألة مرتبطة بالصلاحيات التي تملكها الحكومة، لذلك نحن نقول بأن ما وقع مجرد إجراءات ليست عميقة بل سطحية".
وبخصوص تأثير هذه الإعفاءات على التحالف الحكومي قال "التحالف المشكل للحكومة هجين ولم يبن على منطق أو برامج، ففي الوقت الذي عين الملك العثماني رئيسا للحكومة ومنحه مهلة 15 يوم لتشكيلها، لم يدخل آنذاك في نقاش مع قادة الأحزاب على أساس البرامج، بل كان نقاشا حول الأسماء والحقائب، لذلك المشهد السياسي غير واضح".