وفي حوار مع موقع يابلادي قال عبد الصمد بلكبير البرلماني السابق عن حزب الاتحاد الاشتراكي والأستاذ بجامعة القاضي عياض، إن حزب العدالة والتنمية هو المقصود من كل ما وقع، وأن القرار لم يكن تقنيا، وإنما كان سياسيا بالدرجة الأولى.
وفيما يلي نص الحوار كاملا:
في نظرك ما هي الأحزاب الأكثر تضررا من القرار الملكي يوم أمس؟
يمكن الحديث عن تأثير القرار الملكي على حزب التقدم والاشتراكية، أما الحالات الأخرى فهي حالات أشخاص ولا علاقة لها بالأحزاب السياسية.
فحزب التقدم والاشتراكية الذي يمكن أن نسميه بالضحية، دفع ثمن رغبته في أخذ درجة معينة من الاستقلالية.
هل التقدم والاشتراكية هو الحزب الوحيد المتضرر؟
لا، المقصود من كل ما وقع ليس هو حزب التقدم والاشتراكية في حد ذاته، ماذا يمثل هذا الحزب بالنسبة للنظام؟ لا شيء، المقصود الحقيقي هو حزب العدالة والتنمية، فنفس المخطط الأصلي ما زال مستمرا.
والذي جعل هذا المخطط يعود إلى الواجهة هو قرار لجنة الأنظمة والمساطر التابعة للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، والتي قبلت بتعديل بند عدد الولايات المسموح بها للأمين العام، فآنذاك عاد إلياس العماري إلى قواعده وأحدث ما أحدث ما أحدث، أو سيحدث ما سيحدث.
طبعا إشارة الانسحاب (الخطاب الملكي في عيد العرش) كان مقصودا بها جميع الأمناء العامين للأحزاب السياسية، ويدخل ضمنهم بنكيران، وعندما لم تقع الاستجابة، تم اصطناع ما وقع لشباط، أما بالنسبة للاتحاد الإشتراكي، فهو (يقصد ادريس لشكر الكاتب الأول للحزب) يؤكد أنه يأتمر بأوامر الدولة، لأنها هي التي تقف وراءه وهي التي وضعته وهي التي يمكن أن تزيله، وبالتالي هو منضبط جدا لأن ملفاته ربما أثقل من ملفات شباط.
إذا القرار الملكي لم يكن تقنيا؟
في نظري سيكون من السذاجة تصور أن الأمر يتصل بتقرير ذو طبيعة تقنية أو قانونية، هذا مضحك، القرار سياسي وكل ما يحدث هذه الأيام ذو طبيعة سياسية، ويعكس التناقضات داخل إدارة الدولة، والتي تسير نحو مركزة قراراتها داخل جهاز معين على حساب تمثيليات بقية الأجهزة في الأحزاب السياسية.
إلى أين تتجه الأمور؟
طبعا بعد ما أحدثوا ما أحدثوه داخل حزب الاستقلال ينتظر أن يدخل الحزب إلى الحكومة، وبالتالي سيضعف حزب العدالة والتنمية جدا، وسيصبح مجرد ذيل وتابع، وإن قرر الحزب أن ينحني ويقبل، فسيكون في هذا مقتل له، وتعميق لتناقضاته، وتفجير لها، والإسراع بتقسيمه.
ويظهر من التصريحات الأخيرة، ملامح التناقض والصراع، التي تكاد تعلن عن نفسها، فعندما يتكلم بنكيران عن أنه أنقذ الدولة، وعندما يتكلم العثماني بأن الدولة هي التي صنعتهم، فالتناقض هنا أكثر من استراتيجي.
والسؤال هو إلى أي حد سيقبل العثماني أن يستمر على هذه الحالة والسند الوحيد الذي كان عنده سياسيا داخل الحكومة هو حزب التقدم والاشتراكية، فإما أن ينحني ويقبل، وإما أن يقدم استقالته وبالتالي عودة الأمور إلى ما أريد لها يوم 8 أكتوبر 2016 (تحدث شباط عن حضوؤه اجتماع قادة الأحزاب السياسية ورفضه لاتفاقهم على عدم التحالف مع حزب العدالة والتنمية).
وفي حال قبول العثماني بما يقع فعندئذ سيدفع بمجموعته التي تضم الرباح والداودي ولا أتحدث عن الرميد، إلى الدخول إلى الحزب بقوة من أجل أن يأخذوا شرعية وجدودهم في الحكومة لأن الدولة يهمها حزب العدالة والتنمية بدون بنكيران، أو حزبان للعدالة والتنمية بعد تقسيمه.
ماذا عن الاعفاءات التي طالت حصاد والوردي؟
حصاد والوردي، قاموا بأخطاء لكن كأشخاص وربما من جملة هذه الأخطاء بالنسبة لحصاد أنه ذهب بعيدا في نزاهة الانتخابات، لكن حصاد هو ابن الإدارة، فالعائلة يمكن أن تغضب على أبنها، لكن سرعان ما يزول ذلك، وإعفاءه بالنسبة لي لا يشكل حدثا سياسيا.
ما يمكن أن أؤكده أيضا أن التناقضات داخل الإدارة المغربية غير مفصولة عن التناقضات خارجيا، ولكن هذا عالم مغلوق ومليء بالأسرار، ما هو مؤكد هو الصراع الأمريكي الفرنسي في المنطقة، وفرنسا تصنف العدالة والتنمية ضمن خصومها على الصعيد الاستراتيجي الدولي، وترى فيه حزبا محسوبا على الولايات المتحدة الأمريكية، فإذن التوجه الفرنسي من جهة والتوجه الأمريكي من جهة ثانية، وصراعاتهما داخل المغرب لا يمكن إبعاد آثارها على ما حصل يوم أمس.