اكتشف باحثون في جامعة أوبسالا بالسويد، بحسب ما نقل الموقع الإلكتروني لقناة "البي بي سي" البريطانية وجود ملابس مكتوب عليها بخيوط من الحرير والفضة كلمة "الله" و"علي"، في قبور تعود للقرنين التاسع والعاشر الميلادي، حيث كانت تشكل الزي التقليدي لمراسم الدفن لدى قبائل الفايكينغ ، ما أثار أسئلة حول تأثير الإسلام في البلدان الاسكندنافية آنذاك.
ويعود الفضل في هذا الاكتشاف لآنيكا لارسون، عالمة آثار النسيج في جامعة أوبسالا في السويد، والتي قامت بإعادة فحص بقايا الزي الرسمي للدفن في مقابر الرجال والنساء في القوارب أو التي حُفِرَت في الأصل في منطقتي "بيركا" و"جملا أوبسالا" في السويد.
وتقول آنيكا بحسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية إن التصاميم الهندسية الصغيرة جداً، التي لا يزيد ارتفاعها عن 1.5 سم لا تماثل أي شيءٍ قابلته في الدول الاسكندنافية من قبل. وأضافت "لم أستطع التعرف عليها تماما، ثم تذكرتُ بعدها رؤيتي تصاميم مماثلة في إسبانيا، على منسوجات المغاربة".
وأدركت العالمة السويدية بعد ذلك أن هذه المنسوجات لم تكن للفايكينغ، وإنما هي منسوجات عربية قديمة عليها مخطوطات كوفية، بعدما تعرفت عليهما بمساعدة شخص إيراني، وكتب على المنسوجات كلمتين هما "علي" وهو اسم رابع الخلفاء الراشدين، ولفظ الجلالة "الله".
ووجدت آنيكا بحسب نفس المصدر الأسماء منقوشة على 10 قطع على الأقل من بين القطع المئة التي أجرت الفحص عليها، وكانت الكلمتان تظهران معاً على الدوام.
وتقول أنيكا "لا يمكن تماماً استبعاد احتمال أنَ من دُفِنوا في تلك القبور كانوا مسلمين. ونحن على علمٍ من خلال بعض الحفريات الأخرى داخل المقبرة أنَّ الحمض النووي أظهر أنَّ بعض الناس المدفونين فيها جاؤوا من بلاد فارس".
وتابعت "ومع ذلك، فمن المُرجح أن تُشير هذه النتائج إلى أنَّ تقاليد الدفن في عصر الفايكينغ قد تأثرت بالمعتقدات الإسلامية، مثل الحياة الأبدية في الجنة بعد الموت". وتعمل العالمة السويدية مع قسم علم المناعة، وعلم الوراثة، وعلم الأمراض بالجامعة لتحديد الأصول الجغرافية للأجساد التي ترتدي ملابس الدفن.
الاكتشاف ليس الأول من نوعه
في مارس من سنة 2015، أعاد الباحثون دراسة خاتمٍ فضي وجد في قبر أنثى في جزيرة بيركا السويدية، كان مكتوبا عليه عبارة "لأجل الله".
وكانت العبارة مكتوبة بالخط الكوفي، الذي يعود إلى مدينة الكوفة الموجودة في بلاد العراق، وهو أحد أول الخطوط العربية المستخدمة في كتابة القرآن الكريم.
وعلى الرغم من أن لباس تلك المرأة في القبر كان لباساً إسكندنافياً تقليدياً، إلا أن تحلل الجثة حال بين العلماء وبين معرفة نوعها العرقي، وهل كانت هدية أو غنيمة حرب، وما إذا كانت معتنقة للدين الإسلامي أم لا ؟ .. فلم يتم التأكد من ذلك حتى الآن.
لكن ما يجعل اكتشاف أنيكا فريدا من نوعه، هو أنه يمثل المرة الأولى التي تُكتَشَف فيها عناصر تاريخية تذكر اسم "علي" في الدول الاسكندنافية.
وقالت أنيكا "يتكرر اسم "علي" مراراً بجانب كلمة "الله". أعرف أنَّ شخصية علي تحظى بتقديرٍ كبير لدى الشيعة، أكبر الأقليات الإسلامية، وكنتُ أتساءل ما إن كانت هناك أي صلةٍ بينهما". ومعلوم أن الشيعة والسنة يجلون عليا، ولكنه يحظى بمكانة خاصة جدا عن الشيعة المنتشرين حاليا على وجه الخصوص في إيران والعراق.
الفايكينغ والمسلمين
كان اسم "الفايكينغ يطلق على سكان الدانمارك والنرويج وفنلندا والسويد، ومع بداية القرن التاسع شنوا هجمات على السواحل البريطانية والفرنسية والأندلسية وأجزاء أخرى من أوروبا.
ففي سنة سنة 844، ونظرا للتطور الحضاري والعلمي للأندلس أصبحت محط اطماع مقاتلي الفايكينغ، من أجل البحث عن الغنائم والثروة حيث قاموا بالإغارة على مدينة لشبونة العاصمة البرتغالية الحالية، التي كانت آنذاك تحت الحكم الأموي في الاندلس، ثم وسعوا من غاراتهم في الأندلس مستهدفين مدن شذونة والميرية و قادس ثم إشبيلية، وتجاوزت حملاتهم الأندلس لتصل إلى المغرب الأقصى، وقاموا بحملة شرسة على إمارة نكور في شمال المغرب الأقصى، بحسب ما ورد في كتاب "كامريدج: تاريخ اسكندنافيا" بيتر سويير.
وقام أبو المُطَرِّف عبد الرحمن بن الحكم المعروف أيضًا بلقب عبد الرحمن الأوسط وهو رابع أمراء الدولة الأموية في الأندلس، بإرسال الجيوش الأندلسية من أجل طرد قوات الفايكينغ واستمرت المعارك بين الطرفين لأكثر من ثلاثة أشهر بين كر وفر انتهت بهزيمة الفايكينغ وانسحابهم من الأراضي الاندلسية.
بعد هزيمة الفايكينغ في الأندلس قام عبد الرحمن الأوسط بتحصين المدن الأندلسية من هجماتهم وأنشأ أسطولا بحريا عسكريا من أجل الدفاع عن السواحل الأندلسية وتمكن من هزيمة الفايكينغ مرة أخرى وإخراجهم من جزر البليار شرق الأندلس، الأمر الذي جعل قائد الفايكنج "هوريك الأول" يطلب الهدنة والصلح من عبد الرحمن الأوسط والذي كان يعتبر في ذالك الوقت أقوى ملوك أوروبا.