جاء في مقال لشون يوم أستاذ العلوم السياسية في جامعة تمبل الأمريكية حول النظامين الحاكمين في المغرب والأردن نشرته نهار اليوم صحيفة "الواشنطن بوست" الواسعة الانتشار، أنه من بين الملكيات الثمانية الحاكمة في الشرق الأوسط، فإن النظامين الحاكمين في الأردن والمغرب غريبان، فمع أنهما يفتقدان للثروة البترولية عكس النظام الملكي الحاكم في السعودية وباقي الأنظمة الخليجية، إلا أنهما يتمتعان بسمعة جيدة في الخارج، حيث يسوقان صورة على أنهما ديمقراطيان وأنهما ذو توجه إصلاحي.
وأشار صاحب المقال إلى أنه على مدى عقود سمح نظاما الحكم في البلدين للبرلمانات المنتخبة والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني بالعمل، وخلال الربيع العربي استجابا للاحتجاجات الشعبية بالإصلاحات بدل القمع، ما جعل بعض المراقبين يرون أن هذين البلدين يعتبران من واحات الاستقرار والتتوير في المنطقة، ويسيران في مسار شبيه بذلك الذي قطعته أوروبا نحو الملكية الدستورية.
وأكد كاتب المقال أن النظامين المغربي والأردني يبدوان جيدين فقط لأن بقية أنظمة الشرق الأوسط تبدو سيئة للغاية، وهما نظامين يبدوان أكثر ديمقراطية مقارنة بأنظمة مثل النظام الحاكم في السعودية أو البحرين، والذين يمكن مقارنتهما من حيث الحرية السياسية والمدنية مع ديكتاتوريات معروفة ككوريا الشمالية وتركمانستان.
وأوضح أن المغرب والأردن مستقران بالفعل، خصوصا عند مقارنتهما بدول شرق أوسطية مثل سوريا والعراق واليمن التي مزقتها الحروب. فالنظامين الحاكمين في البلدين يبدوان مختلفين فهما نظامين استبداديين ذكيين، يعرفان كيفية التعامل مع المخاوف الغربية بشأن حقوق الإنسان بابتكار طرق جديدة للحفاظ على السلطة.
أنظمة باقية
ومع ذلك يشير صاحب المقال إلى أن النظام الملكي في كل من المغرب والأردن اعتمدا مؤخرا استراتيجية ملحوظة، ولم يعودا يخفيان استبدادهما. فعلى مدى عقود قام هذين النظامين بإصلاحات شكلية من أجل حجب واقعهما الاستبدادي، فالواقع هو أن الملكين يمارسان سلطات تنفيذية واسعة، ويتحكمان بقوات عسكرية وأمنية كبيرة، ويمكنهما أن يقفا في وجه المعارضة من خلال الوسائل القانونية والمالية.
وجاء في المقال أن الاصلاحات في البلدين تراجعت، وبدأ النظامين يظهران بوجههما الحقيقي، وتظهر هذه الاستراتيجية الجديدة للنظامين بشكل واضح في السياسة الانتخابية، فمنذ سنة 2011، أجرى كل من المغرب والأردن انتخابات برلمانية، واعترف ملاحظون دوليون أنها كانت نظيفة وتنافسية، وخلافا لمعظم الأنظمة الاستبدادية الأخرى في العالم، فإن هذين النظامين يحتاجان للانتخابات، لمذا؟ لأنهما يريدان أن يظهرا أنهما ديموقراطيون، لكن في الحقيقة الأمر مختلف، فالأحزاب السياسية والبرلمانات المنتخبة غير كفؤة وغير قادرة على الإمساك بزمام السلطة. وحتى الشعب في الأردن والمغرب غير مستعد للديمقراطية، لذلك من الأفضل ترك الأمور بيد النظامين الملكيين.
المغرب: تكتيكات لمواجهة الإسلاميين
وأكد كاتب المقال أنه في المغرب أدت هذه الاستراتيجية الجديدة إلى تحييد الحزب الاسلامي الرائد -العدالة والتنمية- الذي فاز بشكل مفاجئ بانتخابات سنة 2011. وبفضل حزب العدالة والتنمية فإن القصر سمح للإسلاميين بتشكيل حكومة، لكن مع توجيهات بتنفيذ التقشف المالي وغيره من التدابير اللاشعبية والتي أثارت ردود فعل عنيفة. كما بقيت الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بعيدة عن القضايا الأساسية للأمن الداخلي والعلاقات الخارجية.
وبعد فوز حزب العدالة والتنمية مرة أخرى بالانتخابات التي أجريت سنة 2016، حالت المناورات الملكية بحسب نص المقال دون تشكيل حكومة ائتلافية ناجحة، وبعد خمسة أشهر من تاريخ إجراء الانتخابات بقي حزب العدالة والتنمية غير قادر على تشكيل الحكومة، ولكنه بقي رافضا للاستقالة، وفي مارس الماضي أعلن النظام الملكي رفضه لبنكيران، مما أدى بسرعة إلى تشكيل حكومة جديدة، لكن وعلى الرغم من احتلال حزب العدالة والتنمية المركز الأول في الانتخابات، إلا أنه يتمتع بعدد أقل من المناصب الوزارية مقارنة بشركائه في التحالف الحكومي.
وختم شون يوم مقاله بالقول إن الملكيات المغربية والأردنية تتباها بنموذجها غير الديمقراطي بعد عقود من اختبائها وراء حجاب الإصلاح. ديمقراطية الواجهة بدأت تسقط، خصوصا وأنهما باتا يريديان إظهار حقيقتهما، لأنهما أصبحا يضمنان الاستقرار والأمن، ولكن ما يبعث على القلق هو عدم الاكتراث لهذا الأمر، فحزب العدالة والتنمية حصل على تعاطف ضئيل خلال محنته الأخيرة مع النظام الملكي.