ردت السفارة التركية في العاصمة الرباط يوم أمس في بيان لها على مقال نشره الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري اعتبر فيه ان الاستفتاء على التعديلات الدستورية الذي أجري في بلاد الأناضول بمثابة استفتاء على عاصمة الخلافة الاسلامية، واعتبرت أن ما ورد في المقال لا يساهم في تطوير العلاقات المغربية التركية.
ولم تبد وزارة الخارجية المغربية أي موقف مما ورد في مقال إلياس العماري رغم أنه سبق لها أن تدخلت في وقائع مماثلة، وأصدرت بلاغا بخصوص العلاقات المغربية الروسية إثر تصريح لرئيس الحكومة المغربية السابق عبد الإله بنكيران قال فيه إن روسيا تعمق الأزمة السورية بدل المساهمة في حلها.
كما سبق لها أن أصدرت بلاغا هاجمت فيه الأمين العام لحزب الاستقلال حميد شباط، بعد حديثه عن "مغربية موريتانيا" وقالت إن تصريحاته "خطيرة وغير مسؤولة ولا تمس سوى بمصداقية الشخص الذي صدرت عنه".
وفي تعليق منه على "التعامل المزدوج" لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، قال عادل بنحمزة الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال في تدوينة نشرها على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك:
"في الواقع لا أنتظر بلاغا من وزارة الخارجية لتوضيح الموقف من تركيا على خلفية بلاغ السفارة التركية الذي رد على ما كتبه الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة في تحليل شخصي للاستفتاء الدستوري الذي عرفته تركيا قبل أيام".
وأرجع ذلك إلى سببين رئيسيين أولهما "هو أن المواقف الرسمية للدولة و التي على أساسها تقوم العلاقات الثنائية بين المغرب وتركيا، تعبر عنها المؤسسات الرسمية" أما السبب الثاني في نظره فهو "أن لكل فاعل سياسي الحق في القيام بقراءة لموضوع مثل الاستفتاء الدستوري في تركيا دون أن تكون هذه القراءة ملزمة للدولة بأي شكل من الأشكال..و حتى إذا كانت وزارة الخارجية مضطرة لإصدار بلاغ، فإن مضمونه لا يجب أن يتجاوز أن الحكومة المغربية تجدد احترام سيادة تركيا و ما يقرره شعبها و أن مواقف المملكة المغربية تعبر عنها مؤسساتها الرسمية".
وختم بنحمزة تدوينته قائلا "طبعا لست في حاجة للتذكير بواقعة موريتانيا، و البلاغ الشهير لوزارة الخارجية...".
الفرق بين حالة حميد شباط وحالة إلياس العماري
رأى المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير في تصريح لموقع يابلادي أن هناك فرقا بين حالة حميد شباط وبنكيران وحالة إلياس العماري، وأوضح أنه بالنسبة لحزب الأصالة والمعاصرة "خصومته مع الإسلاميين في المغرب هي جزء من خصومته مع الإسلاميين في العالم العربي الإسلامي، لأن العماري يعتبر أن تركيا هي مركز الحركة الإسلامية، فطبيعي أن موقفه مما يعتبره فرعا لحركة الإخوان المسلمين في المغرب سيكون منتوجا لموقفه الأصلي من الإخوان المسلمين في اسطنبول".
وأضاف الأستاذ في جامعة القاضي عياض بمراكش، أنه من الناحية السياسية الصرفة "هناك الكثير من الاعتبارات تدفع الفاعل السياسي المغربي أو غير المغربي لأن يسجل ملاحظاته بصدد مسألة ستؤثر فينا وفي العالم العربي الإسلامي".
مضيفا أنه من الناحية الصورية يبدو أن هناك تشابها بين حالتي حميد شباط وإلياس العماري
"ولكن إذا تعمقنا في الموضوع هناك فرق، وأنا لا أقصد أن شباط أخطأ، وإنما شباط تم استغلال تصرفه من أجل أهداف أبعد من تصريحه، ولكن كما أن لشباط الحق في أن يمارس ما ممارسه سابقا والحكومة تصرفت بصورة مغرضة، فكذالك تصريح إلياس العماري له وجاهته ولكن لم يكن ممكننا للدولة أن تتصرف بنفس التصرف لسبب بسيط هو أنه هناك فرق، ففي السابق كان لها غرض، والآن ليس لها غرض، لأن موقفها هو نفس موقف حزب البام، وواضح أن الدولة المغربية لها حساسية سياسية من تركيا".
من جانبه اعتبر عبد الرحيم العلام أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض أن "رد السفارة التركية كان عاديا، وتم فيه تنبيه إلياس العماري لكون مقاله يتضمن معطيات خاطئة وبعض المغالطات، وهناك إشارة إلى أن هذا الأمر من شأنه التشويش على العلاقة بين البلدين، ولكن هذا أمر عادي". وتابع أنه في موضوع تصريحات شباط بخصوص مغربية موريتانيا
"تُعُمِّد أن يعطاه أكثر من حجمه وهناك أياد إما داخلية أو أجنبية حرضت الموريتانيين على شباط، وتم تضخيم الواقعة لأسباب سياسية داخلية محضة".
وأوضح أن "حزب الاستقلال معروف عليه تاريخيا بأنه يعتبر موريتانيا جزء من المغرب وعلال الفاسي كانت له دائما خريطة فيها المغرب من طنجة إلى وادي السينغال".
وأكد أنه تم في حينه "استغلال وزارة الخارجية من أجل تصفية حسابات سياسية، على عكس ما حدث اليوم، أعتقد أن العديد من وثائق حزب الاستقلال تتحدث عن أن موريتانيا كانت جزء من المغرب، ولم يسبق أن حدثت ضجة مثل ما تم إحداثه مؤخرا. كل ما في الأمر أنه تم استغلال مقدرات الدولة (وزارة الخارجية) من أجل تصفية حسابات مع زعيم حزب سياسي".