نشر البنك الدولي دراسة حديثة حملت عنوان "حشد جهود المغتربين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي وريادة الأعمال"، أكد فيها أن رغم الشكوك التي تراود المهاجرين إلا أنهم لا يزالون أكثر استعدادا للاستثمار في أوطانهم، لأنهم أكثر دراية ببيئة أنشطة الأعمال والممارسات المحلية.
وبحسب الدراسة فإن المهاجرين المنحدرين من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يشكلون محركا قويا للتغيير في بلدانهم الأصلية، كما أنهم بإمكانهم المساعدة في صياغة عقد اجتماعي جديد لأنهم يدعون غالبا إلى الانفتاح والمنافسة وتحسين جودة تطبيق الديمقراطية، كما يمكن أن يلعبوا دورا مهما في التنمية وتخفيف حدة الفقر فى بلدانهم الأصلية.
وتشير الدراسة إلى أن ما يقارب 20 مليون مواطن من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يعيشون في بلدان المهجر، أي ما يمثل 5 بالمئة من سكان المنطقة، وهي نسبة أعلى كثيرا من المتوسط العالمي.
وحث البنك الدولي الحكومات على الاستفادة من خبرة المهاجرين وشبكاتهم المهنية، مما يوسع من نطاق دورهم ليتجاوز مجرد إرسال التحويلات إلى أوطانهم. وأكدت الدراسة أن للتحويلات النقدية قيمة كبيرة، لا سيما في أوقات الشدة، باعتبارها مصدرا للنقد الأجنبي.
المهاجرون المغاربة...مثال يحتذى به
وخصت الدراسة حيزا كبيرا للحديث عن المهاجرين المنحدرين من كل من المغرب والجزائر وتونس. وقدمت بعض الأمثلة التي يجب الاحتذاء بها وأشارت إلى أن استثمار شركة بومبارديه الكندية لأموال طائلة في المغرب في مجال إنتاج قطع غيار الطائرات في المغرب، "يرجع بقدر كبير إلى اتصالات أجراها مواطن مغربي مغترب يشغل منصبا رفيعا في السلم الوظيفي بشركة بوينغ، وبالتالي يمكن للعلاقات الشخصية أن تسهل ممارسة أنشطة الأعمال عالميا".
كما عادت الدراسة في مناسبة أخرى لتقدم المثال بالمهاجرين المغاربة، مؤكدة أنهم سجلوا نحو ثلاثة أرباع براءات الاختراع المسجلة بين عامي 2001 و 2010 وعددها 844 براءة اختراع.
من جهة أخرى أوضحت الدراسة أن كلا من المغرب والجزائر وتونس لديها شبكة تضم قرابة 100 جمعية يزيد أعضاءها على مائتي ألف عضو، غير أنه بخلاف الشبكات المغربية والتونسية، "تبدو الشبكات المعنية للمغتربين الجزائريين أقل تنظيما لأنهم أكثر تفككا".
وسلطت الدراسة الضوء من على الحالة المغربية، وقالت إنه في المملكة تنشط شبكات مثل المركز الوطني للبحوث العلمية والفنية والمنتدى الدولي للكفاءات المغربية بالخارج والشبكة المغربية لاحتضان المقاولات والجمعية المغربية للبحث والتطوير، "في تعبئة الباحثين الأكاديميين والمهندسين المغتربين، ويعد نقل المعارف بعد العودة من الخارج أمرا مهما كذلك، وقد قام المغتربون العائدون من أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا بإطلاق العديد من المبادرات في المغرب مثل المؤسسة المغربية للعلوم المتقدمة والابتكار والبحوث والجامعة الدولية".
وأكدت الدراسة أن المغرب يبذل جهودا لإشراك مواطنيه المهاجرين، وضربت المثل بتوفر المملكة على "وزارة خاصة بالمغاربة في الخارج ومؤسسة ملكية مختصة بتعزيز مشاركة المغتربين ومعاهدات ثنائية مع فرنسا وغيرها من بلدان المهجر تتناول الهجرة الدورية بما في ذلك إجراءات مراقبة الحدود".